وَيَضْبِطُ الْكُلَّ مَا قِيلَ:
كُلًّا أَجِزْ لَا بَائِنًا مَعْ مِثْلِهِ ... إلَّا إذَا عَلَّقْتَهُ مِنْ قَبْلِهِ
إلَّا بِكُلِّ امْرَأَةٍ وَقَدْ خَلَعْ ... وَالْحَقُّ الصَّرِيحُ بَعْدُ لَمْ يَقَعْ
(كُلُّ فُرْقَةٍ هِيَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) كَإِسْلَامٍ
ــ
[رد المحتار]
يَحْنَثُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ قَبَّلْتُ امْرَأَتِي فَعَبْدِي حُرٌّ فَقَبَّلَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلتَّقْيِيدِ اهـ أَيْ لِتَعْيِينِ ذَاتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا امْرَأَةً لَهُ، فَإِذَا كَانَ لَفْظُ الْمَرْأَةِ شَامِلًا لَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَفِي حَالِ بَقَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا بِالْأَوْلَى.
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمُعَلَّقِ حَالَةُ التَّعْلِيقِ لَا حَالَةُ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَهِيَ فِي حَالَةِ التَّعْلِيقِ كَانَتْ امْرَأَةً لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلِذَا وَقَعَ الْبَائِنُ الْمُعَنَّقُ قَبْلَ وُجُودِ الْبَائِنِ الْمُنَجَّزِ كَمَا مَرَّ وَسَنَذْكُرُ تَحْقِيقَ الْمَسْأَلَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي التَّعْلِيقِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَزَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ (قَوْلُهُ وَيَضْبِطُ الْكُلَّ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا، فَالْمُرَادُ بِالْكُلِّ صُوَرُ اللِّحَاقِ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهَا ط (قَوْلُهُ مَا قِيلَ) الْبَيْتُ الْأَوَّلُ لِوَالِدِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَبْدِ الْبَرِّ شَارِحِ النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ كَمَا فِي الْمِنَحِ، وَالْبَيْتُ الثَّانِي لِصَاحِبِ النَّهْرِ ح (قَوْلُهُ كُلًّا أَجِزْ) أَيْ أَجِزْ كُلًّا مِنْ وُقُوعِ الصَّرِيحِ وَالْبَائِنِ بَعْدَ الصَّرِيحِ وَالْبَائِنِ ح وَلَا يَخْفَى مَا فِي قَوْلِهِ كُلًّا مِنْ الْإِبْهَامِ نَهْرٌ قُلْت: وَفِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ لُحُوقًا بَدَلَ كُلًّا وَلَا يَسْتَقِيمُ مَعَهُ الْوَزْنُ (قَوْلُهُ لَا بَائِنًا) عَطْفٌ عَلَى كُلًّا وَمَعْ بِسُكُونِ الْعَيْنِ لِلْوَزْنِ بِمَعْنَى بَعْدَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٦] نَعْتٌ لِقَوْلِهِ بَائِنًا: أَيْ لَا تُجِزْ بَائِنًا كَائِنًا بَعْدَ مِثْلِهِ، وَهَذَا الْعَطْفُ كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الْمَعْنَى كَأَنَّهُ قَالَ كُلًّا أَجِزْ إلَّا بَائِنًا بَعْدَ مِثْلِهِ، وَقَوْلُهُ إلَّا إذَا عَلَّقْتَهُ مِنْ قَبْلِهِ، اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْعَطْفِ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ: أَيْ لَا تُجِزْ بَائِنًا بَعْدَ بَائِنٍ إلَّا إذَا عَلَّقْتَ الْبَائِنَ الْوَاقِعَ بَعْدَ الْمِثْلِ قَبْلَ الْمِثْلِ، فَضَمِيرُ عَلَّقْتَهُ لِلْبَائِنِ الْأَوَّلِ، وَضَمِيرُ قَبْلِهِ لِلْمِثْلِ الَّذِي هُوَ الْبَائِنُ الثَّانِي. اهـ. ح وَالتَّعْبِيرُ بِالْمِثْلِ مُشْعِرٌ بِإِخْرَاجِ الْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى، وَلَا يَخْفَى مَا فِي الْبَيْتِ مِنْ التَّعْقِيدِ، وَالْأَوْضَحُ مَا قِيلَ:
صَرِيحُ طَلَاقِ الْمَرْءِ يَلْحَقُ مِثْلَهُ ... وَيَلْحَقُ أَيْضًا بَائِنًا كَانَ قَبْلَهُ
كَذَا عَكْسُهُ لَا بَائِنٌ بَعْدَ بَائِنٍ ... سِوَى بَائِنٍ قَدْ كَانَ عُلِّقَ قَبْلَهُ
(قَوْلُهُ إلَّا بِكُلِّ امْرَأَةٍ) اسْتِثْنَاءٌ ثَانٍ مِنْ قَوْلِهِ كُلًّا أَجِزْ فَإِنَّهُ بَعْدَ إخْرَاجِ الْبَائِنِ بَعْدَ الْبَائِنِ مِنْهُ بَقِيَ الْبَائِنُ بَعْدَ الصَّرِيحِ وَالصَّرِيحُ بَعْدَ الصَّرِيحِ وَالصَّرِيحُ بَعْدَ الْبَائِنِ، فَاسْتَثْنَى مِنْهُ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْأَخِيرِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَكَانَ لَهُ مُخْتَلِعَةٌ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ لَحِقَ بَائِنًا وَلَمْ يَقَعْ لِمَا قَدَّمْنَا وَبَاءُ بِكُلٍّ بِمَعْنَى فِي، وَكُلٌّ بِالضَّمِّ عَلَى الْحِكَايَةِ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَقَدْ خَلَعَ، لِلْحَالِ، وَأَلْحَقَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ مَعْطُوفٌ عَلَى خَلَعَ، وَبَعْدُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ لِقَطْعِهِ عَنْ الْإِضَافَةِ وَنِيَّةِ مَعْنَاهَا وَهُوَ ظَرْفٌ لِلْحَقِّ: أَيْ وَالْحَقُّ الصَّرِيحُ بَعْدَ الْخُلْعِ ح
(قَوْلُهُ كُلُّ فُرْقَةٍ إلَخْ) أَفَادَ بِهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَالصَّرِيحُ يَلْحَقُ الصَّرِيحَ إلَخْ إنَّمَا هُوَ فِي الطَّلَاقِ لَا الْفَسْخِ.
هَذَا، وَيَرِدُ عَلَى الْكُلِّيَّةِ الْأُولَى إبَاءُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْإِسْلَامِ وَارْتِدَادُ أَحَدِهِمَا، وَعَلَى الثَّانِيَةِ الْفُرْقَةُ كَاللِّعَانِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ كَإِسْلَامٍ) أَيْ إسْلَامِ الزَّوْجِ لَوْ امْرَأَتُهُ مَجُوسِيَّةٌ أَبَتْ الْإِسْلَامَ أَوْ إسْلَامِ زَوْجَةِ حَرْبِيٍّ هَاجَرَتْ إلَيْنَا دُونَهُ كَذَا بِخَطِّ السَّائِحَانِيِّ.
وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَوَّلَ كِتَابِ الطَّلَاقِ: إذَا سُبِيَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا وَكَذَا لَوْ هَاجَرَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ خَرَجَا مُسْتَأْمَنَيْنِ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ صَارَ ذِمِّيًّا فَهِيَ امْرَأَتُهُ حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَتَقَعُ الْفُرْقَةُ بِلَا طَلَاقٍ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ، ثُمَّ قَالَ: إذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الذِّمِّيَّيْنِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِإِبَاءِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ وَإِنْ