للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَبَنْتُ نَفْسِي طَلُقَتْ) رَجْعِيَّةً إنْ أَجَازَهُ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ (لَا بِاخْتَرْتُ) نَفْسِي وَإِنْ أَجَازَهُ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ لَيْسَ بِصَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ (وَلَا يَمْلِكُ) الزَّوْجُ (الرُّجُوعَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ التَّفْوِيضِ بِأَنْوَاعِهِ الثَّلَاثَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّعْلِيقِ (وَتَقَيَّدَ بِالْمَجْلِسِ) لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ (إلَّا إذَا زَادَ مَتَى شِئْتِ) وَنَحْوَهُ مِمَّا يُفِيدُ عُمُومَ الْوَقْتِ فَتَطْلُقُ مُطْلَقًا، وَإِذَا قَالَ لِرَجُلٍ ذَلِكَ أَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي ضَرَّتَكِ (لَمْ يَتَقَيَّدْ بِالْمَجْلِسِ)

ــ

[رد المحتار]

وَلِهَذَا إلَخْ اسْتِدْلَالٌ عَلَى إثْبَاتِ الْفَرْقِ فِي مَسْأَلَتِنَا بِإِثْبَاتِهِ فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ مَا لَوْ ابْتَدَأَتْ وَقَالَتْ أَبَنْت نَفْسِي بِدُونِ قَوْلِهِ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك وَقَعَ إنْ أَجَازَهُ أَيْ مَعَ النِّيَّةِ مِنْهُ وَكَذَا مِنْهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ قُبَيْلَ الْكِنَايَاتِ عَنْ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ وَشَرْحِهِ وَلَوْ ابْتَدَأَتْ وَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي لَا يَقَعُ وَإِنْ أَجَازَهُ مَعَ النِّيَّةِ لِأَنَّ اخْتَرْتُ لَمْ يُوضَعْ كِنَايَةً إلَّا فِي جَوَابِ التَّخْيِيرِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لَهَا اخْتَرْتُكِ نَاوِيًا الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ. بِخِلَافِ لَفْظِ الْإِبَانَةِ، وَقَوْلُهُ غَيْرُ أَنَّهَا إلَخْ بَيَانٌ لِوُقُوعِ الرَّجْعِيِّ فِي مَسْأَلَتِنَا وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ لَك أَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَى الشَّارِحِ مَسْأَلَةُ الِابْتِدَاءِ بِمَسْأَلَةِ الْجَوَابِ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ إنْ أَجَازَ، وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ وَإِنْ أَجَازَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا ابْتَدَأَتْ بِقَوْلِهَا أَبَنْتُ نَفْسِي أَوْ اخْتَرْت، وَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ قُبَيْلَ الْكِنَايَاتِ، وَكَلَامُنَا الْآنَ فِيمَا إذَا قَالَتْ ذَلِكَ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَكِ وَذَلِكَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ أَصْلًا وَلَا عَلَى نِيَّتِهَا الطَّلَاقَ، خِلَافًا لِمَا فِي النَّهْرِ عَنْ التَّلْخِيصِ، لِأَنَّ مَا فِي التَّلْخِيصِ مِنْ اشْتِرَاطِ نِيَّتِهَا إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الِابْتِدَاءِ لَا فِي مَسْأَلَةِ الْجَوَابِ لِأَنَّ قَوْلَهَا أَبَنْتُ نَفْسِي فِي جَوَابِ قَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَك غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى النِّيَّةِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْوَاقِعَ هُنَا رَجْعِيٌّ وَفِي مَسْأَلَةِ الِابْتِدَاءِ بَائِنٌ، وَرَأَيْتُ ط نَبَّهَ عَلَى بَعْضِ مَا قُلْنَا وَكَذَا الرَّحْمَتِيُّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ طَلَّقْت وَأَمَّا عِلَّةُ كَوْنِهَا رَجْعِيَّةً فَتَقَدَّمَتْ (قَوْلُهُ وَلَا كِنَايَةٍ) أَيْ لَيْسَ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ بَلْ هُوَ كِنَايَةُ تَفْوِيضٍ: وَإِنَّمَا عُرِفَ جَوَابًا بِلَفْظِ اخْتَارِي بِالْإِجْمَاعِ وَأَلْحَقَ الْأَمْرَ بِالْيَدِ، بِخِلَافِ طَلِّقِي فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الِاخْتِيَارُ جَوَابًا.

قَالَ فِي الْبَحْرِ وَأَفَادَ بِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لِلْجَوَابِ أَنَّ الْأَمْرَ يَخْرُجُ مِنْ يَدِهَا لِاشْتِغَالِهَا بِمَا لَا يَعْنِيهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَدَلَّ اقْتِصَارُهُ عَلَى نَفْيِ الِاخْتِيَارِ أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ يَصْلُحُ لِلْإِيقَاعِ مِنْ الزَّوْجِ يَصْلُحُ جَوَابًا لِطَلِّقِي نَفْسَكِ كَجَوَابِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ بِأَنْوَاعِهِ الثَّلَاثِ) أَيْ بِالتَّخْيِيرِ وَالْأَمْرُ بِالْيَدِ وَالْمَشِيئَةِ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْلِيقِ) أَوْ لِكَوْنِهِ تَمْلِيكًا يَتِمُّ بِالْمُمَلِّكِ وَحْدَهُ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا عَلَّلَ فِي الْفَتْحِ وَقَدَّمْنَاهُ فِي التَّفْوِيضِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ) أَيْ وَإِنْ صَرَّحَ بِلَفْظِ الْوِكَالَةِ كَمَا إذَا قَالَ وَكَّلْتُكِ فِي طَلَاقِك كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ: أَيْ لِأَنَّهَا عَامِلَةٌ لِنَفْسِهَا وَالْوَكِيلُ عَامِلٌ لِغَيْرِهِ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ. ثُمَّ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَعْلِيقِ التَّطْلِيقِ أَوْ الطَّلَاقِ فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ أَيْ تَقْيِيدِهِ بِالْمَجْلِسِ لِمَا فِي الْمُحِيطِ: إذَا قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَكِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَشِيئَةً فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَشِيئَةِ إلَّا فِي خَصْلَةٍ، وَهِيَ أَنَّ نِيَّةَ الثَّلَاثِ صَحِيحَةٌ فِي طَلِّقِي دُونَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَشَأْ فِي الْمَجْلِسِ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَنَحْوَهُ إلَخْ) كَإِذَا شِئْتِ أَوْ إذَا مَا شِئْت أَوْ حِينَ شِئْت فَإِنَّ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لِعُمُومِ الْأَوْقَاتِ، فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ: فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْتِ، وَكُلَّمَا كَمَتَى مَعَ إفَادَةِ التَّكْرَارِ إلَى الثَّلَاثِ، بِخِلَافِ إنْ وَكَيْفَ وَحَيْثُ وَكَمْ وَأَيْنَ وَأَيْنَمَا فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ، وَالْإِرَادَةُ وَالرِّضَا وَالْمَحَبَّةُ كَالْمَشِيئَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِشَيْءٍ آخَرَ مِنْ أَفْعَالِهَا كَالْأَكْلِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ نَهْرٌ فِي الْجَمِيعِ بَحْرٌ فَتَأَمَّلْهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ الْمَشِيئَةَ سَوَاءٌ أَتَى بِلَفْظٍ يُوجِبُ الْعُمُومَ أَوْ لَا إذَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بِلَا قَصْدٍ غَلَطًا لَا يَقَعُ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْهَا حَيْثُ يَقَعُ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَدَّمْنَا مَا يُوجِبُ حَمْلَ مَا أَطْلَقَ مِنْ كَلَامِهِمْ مِنْ الْوُقُوعِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ غَلَطًا عَلَى الْوُقُوعِ قَضَاءً لَا دِيَانَةً نَهْرٌ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا قَالَ لِرَجُلٍ ذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>