للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشَرْطُ صِحَّتِهِ كَوْنُ الشَّرْطِ مَعْدُومًا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ؛ فَالْمُحَقَّقُ كَإِنْ كَانَ السَّمَاءُ فَوْقَنَا تَنْجِيزٌ، وَالْمُسْتَحِيلُ كَإِنْ دَخَلَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ لَغْوٌ

ــ

[رد المحتار]

الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ لِأَنَّهُ تَفْسِيرُ الْكِتَابَةِ فَلَمْ يَتَمَحَّضْ لِلتَّعْلِيقِ، وَلَا بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ حِضْت حَيْضَةً لِأَنَّ الْحَيْضَةَ الْكَامِلَةَ لَا وُجُودَ لَهَا إلَّا بِوُجُودِ جُزْءٍ مِنْ الطُّهْرِ فَيَقَعُ فِي الطُّهْرِ فَأَمْكَنَ جَعْلُهُ تَفْسِيرًا لِطَلَاقِ السُّنَّةِ فَلَمْ يَتَمَحَّضْ لِلتَّعْلِيقِ وَإِنَّمَا لَمْ نُحَنِّثْهُ بِمَا لَمْ يَتَمَحَّضْ لِلتَّعْلِيقِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ، لِأَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ مَحْظُورٌ، وَحَمْلُ كَلَامِ الْعَاقِلِ عَلَى وَجْهٍ فِيهِ إعْدَامُ الْمَحْظُورِ أَوْلَى، وَقَدْ أَمْكَنَ حَمْلُهُ هُنَا عَلَى مَا يَحْتَمِلُهُ مِنْ التَّمْلِيكِ أَوْ التَّفْسِيرِ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ، وَإِنَّمَا حَنِثَ فِي قَوْلِهِ إنْ حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لِوُجُودِ شَرْطِ الْحِنْثِ وَهُوَ الْيَمِينُ بِذِكْرِ رُكْنِهِ وَهُوَ الْجَزَاءُ وَالشَّرْطُ وَقَوْلُهُ إنْ حِضْت لَا يَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِلطَّلَاقِ الْبِدْعِيِّ لِتَنَوُّعِ الْبِدْعِيِّ إلَى أَنْوَاعٍ فَلَمْ يُمْكِنْ جَعْلُهُ تَفْسِيرًا بِخِلَافِ السُّنِّيِّ فَإِنَّهُ نَوْعٌ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا حَنِثَ فِيمَا إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ مَعَ أَنَّ مَعْنَى الْيَمِينِ وَهُوَ الْحَمْلُ أَوْ الْمَنْعُ مَفْقُودٌ وَمَعَ أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مُتَحَقِّقُ الْوُجُودِ لَا يَصْلُحُ شَرْطًا لِأَنَّهُ لَا خَطَرَ فِي وُجُودِهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْحَمْلُ وَالْمَنْعُ ثَمَرَةُ الْيَمِينِ وَحِكْمَتُهُ، فَقَدْ تَمَّ الرُّكْنُ فِي الْيَمِينِ دُونَ الثَّمَرَةِ وَالْحِكْمَةِ، إذْ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ فِي الْعُقُودِ الشَّرْعِيَّةِ يَتَعَلَّقُ بِالصُّورَةِ لَا بِالثَّمَرَةِ وَالْحِكْمَةِ، وَلِذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ فَاسِدًا حَنِثَ لِوُجُودِ رُكْنِ الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ وَهُوَ انْتِقَالُ الْمِلْكِ غَيْرَ ثَابِتٍ، وَلَا نُسَلِّمُ عَدَمَ الْخَطَرِ لِاحْتِمَالِ قِيَامِ السَّاعَةِ فِي كُلِّ زَمَانٍ اهـ مُلَخَّصًا.

مَطْلَبٌ لَا يَحْنَثُ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالتَّطْلِيقِ

وَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ تَعْلِيقٍ يَمِينٌ سَوَاءٌ كَانَ تَعْلِيقًا عَلَى فِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ أَوْ عَلَى مَجِيءِ الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ ثَمَرَةُ الْيَمِينِ وَهِيَ الْحَمْلُ أَوْ الْمَنْعُ فَيَحْنَثُ بِهِ فِي حَلِفِهِ لَا يَحْلِفُ إلَّا إذَا أَمْكَنَ صَرْفُهُ عَنْ صُورَةِ التَّعْلِيقِ إلَى جَعْلِهِ تَمْلِيكًا أَوْ تَفْسِيرًا لِطَلَاقِ السُّنَّةِ أَوْ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ أَوْ لِلْكِتَابَةِ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الْمُسْتَثْنَاةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَبِهَذَا يَتَّضِحُ مَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِالتَّعْلِيقِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْهِدَايَةِ بَابُ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ يَشْمَلُ الصُّورِيَّ كَهَذِهِ الْخَمْسِ، وَبَعْضُهَا قَدْ ذُكِرَ فِي هَذَا الْبَابِ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ يَمِينًا كَمَا عَلِمْت وَقَوْلُهُ فِي النَّهْرِ إنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِيهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ يَمِينًا عُرْفًا فَلَا يُنَافِي كَوْنَهَا يَمِينًا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ سَاقِطٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ عَدَمَ الْحِنْثِ فِيهَا لِعَدَمِ تَمَحُّضِهَا تَعْلِيقًا وَأَنَّهَا لَيْسَتْ يَمِينًا عِنْدَهُمْ. وَأَيْضًا لَوْ كَانَ ذَلِكَ مَبْنِيًّا عَلَى الْعُرْفِ فَمَا الْفَرْقُ فِي الْعُرْفِ بَيْنَ إنْ حِضْت وَإِنْ حِضْت حَيْضَةً حَتَّى كَانَ الْأَوَّلُ يَمِينًا دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ كَوْنُ الشَّرْطِ) أَيْ مَدْلُولُ فِعْلِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ) أَيْ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَأَنْ لَا يَكُونَ لَا مُسْتَحِيلًا وَلَا مُتَحَقِّقًا لَا مَحَالَةَ لِأَنَّ الشَّرْطَ لِلْحَمْلِ وَالْمَنْعِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِمَا شَرْحُ التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ فَالْمُحَقَّقُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مَعْدُومًا ح (قَوْلُهُ تَنْجِيزٌ) لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ فِيمَا لِبَقَائِهِ حُكْمُ ابْتِدَائِهِ كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ إنْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ عَتَقَ حِينَ سَكَتَ، وَقَوْلِهِ لَهَا إنْ أَبْصَرْت أَوْ سَمِعْت أَوْ صَحَحْت وَهِيَ بَصِيرَةٌ أَوْ سَمِيعَةٌ أَوْ صَحِيحَةٌ طَلُقَتْ السَّاعَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ يَمْتَدُّ، فَكَانَ لِبَقَائِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ، بِخِلَافِ إنْ حِضْت أَوْ مَرِضْت وَهِيَ حَائِضٌ أَوْ مَرِيضَةٌ فَعَلَى حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ لِأَنَّ الْحَيْضَ وَالْمَرَضَ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.

وَوَجْهُهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ الْحَيْضَ وَالْمَرَضَ وَإِنْ كَانَ يَمْتَدُّ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا عَلَّقَ بِالْجُمْلَةِ أَحْكَامًا لَا تَتَعَلَّقُ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ فَقَدْ جَعَلَ الْكُلَّ شَيْئًا وَاحِدًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَالْمُسْتَحِيلُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ ح (قَوْلُهُ لَغْوٌ) فَلَا يَقَعُ أَصْلًا لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْهُ تَحْقِيقُ النَّفْيِ حَيْثُ عَلَّقَهُ بِأَمْرٍ مُحَالٍ، وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِمَا إمْكَانُ الْبِرِّ شَرْطُ انْعِقَادِ الْيَمِينِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَعَلَى هَذَا ظَهَرَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ لَهَا إنْ لَمْ تَرُدِّي عَلَيَّ الدِّينَارَ الَّذِي أَخْذَتَيْهِ مِنْ كِيسِي فَأَنْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>