إلَى تَمَامِ عِدَّتِهَا، وَقَدْ يَكُونُ الْفِرَارُ مِنْهَا كَمَا سَيَجِيءُ (مِنْ غَالِبِ حَالَةِ الْهَلَاكِ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ بِأَنْ أَضْنَاهُ مَرَضٌ عَجَزَ بِهِ عَنْ إقَامَةِ مَصَالِحِهِ خَارِجَ الْبَيْتِ) هُوَ الْأَصَحُّ كَعَجْزِ الْفَقِيهِ عَنْ الْإِتْيَانِ إلَى الْمَسْجِدِ وَعَجْزِ السُّوقِيِّ عَنْ الْإِتْيَانِ إلَى دُكَّانِهِ. وَفِي حَقِّهَا أَنْ تَعْجِزَ عَنْ مَصَالِحِهَا دَاخِلَهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَمُفَادُهُ أَنَّهَا لَوْ قَدَرَتْ عَلَى نَحْوِ الطَّبْخِ دُونَ صُعُودِ السَّطْحِ لَمْ تَكُنْ مَرِيضَةً.
ــ
[رد المحتار]
لَا يُكْرَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ إلَى تَمَامِ عِدَّتِهَا) لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ وَالْعِتْقُ وَالزَّوْجِيَّةُ تَنْقَطِعُ بِالْبَيْنُونَةِ، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى خِلَافِ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ بِإِرْثِهَا وَإِنْ مَاتَ تَزَوَّجَهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بَاشَرَتْ سَبَبَ الْفُرْقَةِ وَهِيَ مَرِيضَةٌ إلَخْ ط (قَوْلُهُ بِأَنْ أَضْنَاهُ مَرَضٌ) أَيْ لَازَمَهُ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ عَجَزَ بِهِ إلَخْ) فَلَوْ قَدَرَ عَلَى إقَامَةِ مَصَالِحِهِ فِي الْبَيْتِ كَالْوُضُوءِ وَالْقِيَامِ إلَى الْخَلَاءِ لَا يَكُونُ فَارًّا وَفَسَّرَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنْ يَكُونَ صَاحِبُ فِرَاشٍ وَهُوَ أَنْ لَا يَقُومَ بِحَوَائِجِهِ كَمَا يَعْتَادُ الْأَصِحَّاءُ وَهَذَا أَضْيَقُ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ كَوْنَهُ ذَا فِرَاشٍ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ الْعَجْزِ عَنْ مَصَالِحِهِ فِي الْبَيْتِ فَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهَا فِيهِ لَا يَكُونُ فَارًّا وَصَحَّحَهُ فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: فَأَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ بِهَا فِي الْبَيْتِ لَا فِي خَارِجِهِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ صَحِيحٌ. اهـ.
أَقُولُ: وَمُقْتَضَى هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَرِيضًا مَرَضًا يَغْلِبُ مِنْهُ الْهَلَاكُ لَكِنَّهُ لَمْ يُعْجِزْهُ مِنْ مَصَالِحِهِ كَمَا يَكُونُ فِي ابْتِدَاءِ الْمَرَضِ لَا يَكُونُ فَارًّا. وَفِي نُورِ الْعَيْنِ. قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: كَوْنُهُ صَاحِبَ فِرَاشٍ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِكَوْنِهِ مَرِيضًا مَرَضَ الْمَوْتِ بَلْ الْعِبْرَةُ لِلْغَلَبَةِ لَوْ الْغَالِبُ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ الْمَوْتُ فَهُوَ مَرَضُ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْبَيْتِ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّهُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ مَسَائِلَ تَدُلُّ عَنْ أَنَّ الشَّرْطَ خَوْفُ الْهَلَاكِ غَالِبًا لَا كَوْنُهُ صَاحِبَ فِرَاشٍ اهـ وَيَأْتِي تَمَامُهُ (قَوْلُهُ هُوَ الْأَصَحُّ) صَحَّحَهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَقِيلَ مَنْ لَا يُصَلِّي قَائِمًا، وَقِيلَ مَنْ لَا يَمْشِي، وَقِيلَ مَنْ يَزْدَادُ مَرَضُهُ ط عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ كَعَجْزِ الْفَقِيهِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْعَجْزَ عَنْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْإِتْيَانِ إلَى الْمَسْجِدِ أَوْ الدُّكَّانِ لِإِقَامَةِ الْمَصَالِحِ الْقَرِيبَةِ فِي حَقِّ الْكُلِّ، إذْ لَوْ كَانَ مُحْتَرِفًا بِحِرْفَةٍ شَاقَّةٍ؛ كَمَا لَوْ كَانَ مُكَارِيًا أَوْ حَمَّالًا عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ دَقَّاقًا أَوْ نَجَّارًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ إقَامَتُهُ مَعَ أَدْنَى مَرَضٍ وَعَجَزَ عَنْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الْمَسْجِدِ أَوْ السُّوقِ لَا يَكُونُ مَرِيضًا وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ مَصَالِحَهُ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الدُّكَّانِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَثَلًا مَرَضًا وَغَيْرَ مَرَضٍ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْمَصَالِحِ تَأَمَّلْ.
ثُمَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ أَيْضًا فِي حَقِّ مَنْ كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْخُرُوجِ قَبْلَ الْمَرَضِ، أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَرَضِ لِكِبَرٍ أَوْ لِعِلَّةٍ فِي رِجْلَيْهِ فَلَا يَظْهَرُ، فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْهَلَاكِ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ مَا مَرَّ عَنْ أَبِي اللَّيْثِ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِهِ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَإِنَّ كَلَامَ مُحَمَّدٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلِاطِّرَادِهِ فِيمَنْ كَانَ عَاجِزًا قَبْلَ الْمَرَضِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ مَنْ أُلْحِقَ بِالْمَرِيضِ كَمَنْ بَارَزَ رَجُلًا وَنَحْوَهُ إنَّمَا اُعْتُبِرَ فِيهِ غَلَبَةُ الْهَلَاكِ دُونَ الْعَجْزِ عَنْ الْخُرُوجِ وَلِأَنَّ بَعْضَ مَنْ يَكُونُ مَطْعُونًا أَوْ بِهِ اسْتِسْقَاءٌ قَبْلَ غَلَبَةِ الْمَرَضِ عَلَيْهِ قَدْ يَخْرُجُ لِقَضَاءِ مَصَالِحِهِ مَعَ كَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى الْهَلَاكِ مِنْ مَرِيضٍ ضَعُفَ عَنْ الْخُرُوجِ لِصُدَاعٍ أَوْ هُزَالٍ مَثَلًا.
وَقَدْ يُوَفَّقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، بِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّ بِهِ مَرَضًا مُهْلِكًا غَالِبًا وَهُوَ يَزْدَادُ إلَى الْمَوْتِ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُهْلِكٌ يُعْتَبَرُ الْعَجْزُ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْمَصَالِحِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي.
فَإِنْ قُلْت: إنَّ مَرَضَ الْمَوْتِ هُوَ الَّذِي يَتَّصِلُ بِهِ الْمَوْتُ فَمَا فَائِدَةُ تَعْرِيفِهِ بِمَا ذُكِرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute