أَوْ بَقِيَ عَلَى لَوْحٍ مِنْ السَّفِينَةِ أَوْ افْتَرَسَهُ سَبْعٌ وَبَقِيَ فِي فِيهِ (فَارٌّ بِالطَّلَاقِ) خَبَرُ مِنْ، وَ (لَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ فَلَوْ أَبَانَهَا) وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ عَلِمَ بِأَهْلِيَّتِهَا أَمْ لَا، كَأَنْ أَسْلَمَتْ أَوْ أَعْتَقَتْ وَلَمْ يَعْلَمْ (طَائِعًا) بِلَا رِضَاهَا، فَلَوْ أُكْرِهَ أَوْ رَضِيَتْ لَمْ تَرِثْ وَلَوْ أُكْرِهَتْ عَلَى رِضَاهَا
ــ
[رد المحتار]
لِيَقْتُلَهُ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ بَقِيَ عَلَى لَوْحٍ مِنْ السَّفِينَةِ) يُوهِمُ أَنَّ انْكِسَارَ السَّفِينَةِ شَرْطٌ لِكَوْنِهِ فَارًّا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ فَقَدْ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: فَإِنْ تَلَاطَمَتْ الْأَمْوَاجُ وَخِيفَ الْغَرَقُ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ، وَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَقَيَّدَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ بِأَنْ يَمُوتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْجِ، أَمَّا لَوْ سَكَنَ ثُمَّ مَاتَ لَا تَرِثُ. اهـ. بَحْرٌ.
قُلْت: وَهَذَا شَرْطٌ فِي الْمُبَارَزَةِ وَغَيْرِهَا أَيْضًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَبَقِيَ فِي فِيهِ) أَمَّا لَوْ تَرَكَهُ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ مَا لَمْ يَجْرَحْهُ جُرْحًا يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكُ غَالِبًا كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ فَارٌّ بِالطَّلَاقِ) أَيْ هَارِبٌ مِنْ تَوْرِيثِهَا مِنْ مَالِهِ بِسَبَبِ الطَّلَاقِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ خَبَرُ مَنْ) أَيْ خَبَرُ مَنْ الْمَوْصُولَةِ فِي قَوْلِهِ مَنْ غَالِبُ حَالِهِ الْهَلَاكُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ كَوَقْفِهِ وَمُحَابَاتِهِ وَتَزَوُّجِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ.
وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَرَضَ فِي حَقِّ الْوَصِيَّةِ وَالْفِرَارِ لَا يَخْتَلِفْ ط، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَبَرُّعُهُ: أَيْ الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ لِوَارِثٍ لَمْ يَصِحَّ أَصْلًا (قَوْلُهُ فَلَوْ أَبَانَهَا) أَيْ بِوَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ يَقُلْ أَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا كَمَا قَالَ فِي الْكَنْزِ لِمَا قَالَ فِي النَّهْرِ وَعِنْدِي أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي حَذْفُ الرَّجْعِيِّ مِنْ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهَا فِيهِ تَرِثُ، وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الصِّحَّةِ مَا بَقِيَتْ الْعِدَّةُ، بِخِلَافِ الْبَائِنِ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْمَرَضِ. وَقَدْ أَحْسَنَ الْقُدُورِيُّ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى الْبَائِنِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا اهـ قَالَ ط وَالطَّلَاقُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ كَذَلِكَ لَوْ أَبَانَهَا بِخِيَارِ بُلُوغِهِ أَوْ تَقْبِيلِهِ أُمَّهَا أَوْ بِنْتَهَا أَوْ رِدَّتِهِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَكَأَنَّهُ كَنَّى بِهِ عَنْ كُلِّ فِرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهِ حَمَوِيٌّ اهـ لَكِنْ هَذَا فِي قَوْلِ الْكَنْزِ طَلَّقَهَا أَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَبَانَهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى دَعْوَى الْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ كَمَا سَيُوَضِّحُهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ عَلِمَ بِأَهْلِيَّتِهَا أَمْ لَا إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ سَيَأْتِي مَتْنًا وَشَرْحًا، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ هُنَا (قَوْلُهُ فَلَوْ أُكْرِهَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ طَائِعًا: أَيْ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِهَا الْبَائِنِ لَا تَرِثُ، وَهَذَا لَوْ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ، فَلَوْ كَانَ بِحَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ يَصِيرُ فَارًّا كَمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ.
ثُمَّ إنَّهُ ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّهُ لَا رِوَايَةَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْكُتُبِ. وَذَكَرَ فِيهَا عَنْ الْمَشَايِخِ قَوْلَيْنِ: الْأَوَّلَ أَنَّهَا تَرِثُ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الطَّلَاقِ بِدَلِيلِ وُقُوعِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ. وَالثَّانِيَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَرِثَ لِلْجَبْرِ، إذْ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ مُوَرِّثِهِ يَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهُ الْمُكْرِهُ أَيْ بِالْكَسْرِ لَوْ وَارِثًا وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْقَتْلُ. اهـ. وَاسْتَظْهَرَ الرَّحْمَتِيُّ الْأَوَّلَ لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا فِي إرْثِهِ بِمَرَضِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَا يُبْطِلُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ هِيَ الَّتِي أَكْرَهَتْهُ عَلَى الطَّلَاقِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ جَامَعَهَا ابْنُهُ مُكْرَهَةً وَرِثَتْ مَعَ أَنَّ الْفُرْقَةَ لَيْسَتْ بِاخْتِيَارِهِمَا اهـ.
قُلْت: الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ الثَّانِي، وَلِذَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْبَحْرِ لِأَنَّ إرْثَ مَنْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ لِرَدِّ قَصْدِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ فِرَارُهُ مِنْ إرْثِهَا، وَمَعَ الْإِكْرَاهِ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ فِرَارٌ فَيَعْمَلُ الطَّلَاقُ عَمَلَهُ فَلَا تَرِثُهُ كَمَا أَنَّ عِلَّةَ عَدَمِ إرْثِ الْقَاتِلِ لِمُوَرِّثِهِ قَصْدُهُ تَعْجِيلَ الْمِيرَاثِ فَيُرَدُّ قَصْدُهُ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ مُكْرَهًا لَمْ يَظْهَرْ هَذَا الْقَصْدُ فَيَرِثُهُ مَعَ أَنَّ الْقَتْلَ مَحْظُورٌ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ غَيْرُ مَحْظُورٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ جَامَعَهَا ابْنُهُ مُكْرَهَةً وَرِثَتْ صَوَابُهُ لَمْ تَرِثْ كَمَا يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ أَوْ رَضِيَتْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِلَا رِضَاهَا: أَيْ كَأَنْ خَالَعَتْ، وَفِي حُكْمِهِ كُلُّ فُرْقَةٍ وَقَعَتْ مِنْ قِبَلِهَا كَاخْتِيَارِ امْرَأَةِ الْعِنِّينِ نَفْسَهَا قُهُسْتَانِيٌّ ط (قَوْلُهُ وَلَوْ أُكْرِهَتْ عَلَى رِضَاهَا) أَيْ عَلَى مُفِيدِ رِضَاهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute