كَمَا) لَا تَرِثُ (لَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا) أَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا (فَطَاوَعَتْ) أَوْ قَبَّلَتْ (ابْنَهُ) لِمَجِيءِ الْفُرْقَةِ مِنْهَا (أَوْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهَا لَوْ أَبَانَتْ نَفْسَهَا فَأَجَازَ وَرِثَتْ عَمَلًا بِإِجَازَتِهِ قُنْيَةٌ (أَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ أَوْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا) وَلَوْ بِبُلُوغٍ وَعِتْقٍ وَجَبَ وَعَنْهُ لَمْ تَرِثْ لِرِضَاهَا (وَلَوْ) كَانَ الزَّوْجُ (مَحْصُورًا) بِحَبْسٍ (أَوْ فِي صَفِّ الْقِتَالِ)
ــ
[رد المحتار]
تَقْطَعُ أَهْلِيَّةَ الْإِرْثِ ط (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا) أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَعَدَمِ الطَّلَاقِ أَصْلًا (قَوْلُهُ فَطَاوَعَتْ) الْمُطَاوَعَةُ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ، إذْ لَوْ كَانَتْ مُكْرَهَةً لَا تَرِثُ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الزَّوْجِ إبْطَالُ حَقِّهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ لَكِنْ لَوْ أَمَرَهُ أَبُوهُ بِذَلِكَ وَرِثَتْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ لِمَجِيءِ الْفُرْقَةِ مِنْهَا) أَيْ فَكَانَتْ رَاضِيَةً بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا (قَوْلُهُ أَوْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا) يَصْدُقُ بِمَا إذَا سَأَلَتْهُ وَاحِدَةً بَائِنَةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ لَمْ أَرَ حُكْمَهُ أَيْ صَرِيحًا، ثُمَّ قَالَ كَمَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْبَحْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا مِيرَاثَ لَهَا لِرِضَاهَا بِالْبَائِنِ. اهـ. (قَوْلُهُ عَمَلًا بِإِجَازَتِهِ) لِأَنَّهَا هِيَ الْمُبْطِلَةُ لِلْإِرْثِ.
وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ هَذَا لَا يُجْدِي نَفْعًا فِيمَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ فِي مَرَضِهِ، إذْ دَلِيلُ الرِّضَا فِيهِ قَائِمٌ اهـ.
قُلْت: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِطَلَاقٍ مَوْقُوفٍ غَيْرِ مُبْطِلٍ لِحَقِّهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ رِضَاهَا بِمَا يُبْطِلُهُ. وَعِبَارَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَلَيْسَ هَذَا كَطَلَاقٍ بِسُؤَالِهَا إذْ لَمْ تَرْضَ بِعَمَلِ الْمُبْطِلِ، إذْ قَوْلُهَا طَلَّقْت نَفْسِي لَمْ يَكُنْ مُبْطِلًا بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ، فَإِذَا أَجَازَ فِي مَرَضِهِ فَكَأَنَّهُ أَنْشَأَ الطَّلَاقَ فَكَانَ فَارًّا اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ خَلَعَهَا أَجْنَبِيٌّ مِنْ زَوْجِهَا الْمَرِيضِ فَلَهَا الْإِرْثُ لَوْ مَاتَ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِهَذَا الطَّلَاقِ فَيَصِيرُ الزَّوْجُ فَارًّا بَحْرٌ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
قُلْت: وَمُفَادُ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَوْ خَلَعَهَا مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَهْرِهَا وَأَجَازَتْ فِعْلَهُ تَرِثُ أَيْضًا لِأَنَّ إجَازَتَهَا حَصَلَتْ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهَا بَلْ أَثَّرَتْ فِي سُقُوطِ مَهْرِهَا، فَقَدْ ثَبَتَ الْفِرَارُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِهَا، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا لَا تَرِثُ، لِأَنَّ دَلِيلَ الرِّضَا قَائِمٌ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيَامُهُ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ لَا بَعْدَهَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِبُلُوغٍ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى اخْتِيَارٍ بِتَفْوِيضِ الطَّلَاقِ.
لَا يُقَالُ: إنَّ الْفُرْقَةَ فِي خِيَارِ الْبُلُوغِ تَتَوَقَّفُ عَلَى فَسْخِ الْقَاضِي فَلَمْ تَكُنْ بِفِعْلِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ أَبَانَتْ نَفْسَهَا فَأَجَازَهُ الزَّوْجُ لِأَنَّ فَسْخَ الْقَاضِي مَوْقُوفٌ عَلَى طَلَبِهَا ذَلِكَ مِنْهُ فَصَارَ كَطَلَبِهَا الْبَائِنَ مِنْ زَوْجِهَا وَذَلِكَ رِضًا، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ لِرِضَاهَا) أَيْ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بِاخْتِيَارِهَا لِأَنَّهَا تَقْدِرُ عَلَى الصَّبْرِ عَلَيْهِ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ مَحْصُورًا بِحَبْسٍ) عِبَارَتُهُ فِي الدُّرَرِ الْمُنْتَفِي فِي حِصْنٍ، وَكَذَا عِبَارَةُ غَيْرِهِ، وَالْحَصْرُ وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْمَنْعِ وَيَشْمَلُ الْحَبْسَ وَالْحِصْنَ لَكِنْ مَسْأَلَةُ الْحَبْسِ ذَكَرَهَا بَعْدُ، وَقَوْلُهُ أَوْ فِي صَفِّ الْقِتَالِ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا خَرَجَ عَنْ الصَّفِّ لِلْمُبَارَزَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَارًّا كَمَا مَرَّ وَكَذَا لَوْ الْتَحَمَ الْقِتَالُ وَاخْتَلَطَ الصَّفَّانِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمِعْرَاجِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فَارًّا هُنَا لِمَا قَالُوا مِنْ أَنَّ الْحِصْنَ لِدَفْعِ بَأْسِ الْعَدُوِّ وَكَذَا الْمَنَعَةُ أَيْ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُقَاتِلِينَ، قَالَ فِي النَّهْرِ: وَإِطْلَاقُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ فِئَةً قَلِيلَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُخْرَى أَوْ لَا، وَلَمْ أَرَهُ لَهُمْ. اهـ.
قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَا دَامَ فِي الصَّفِّ لَا فَرْقَ، أَمَّا لَوْ اخْتَلَطُوا فَقَدْ عَلِمْت مِمَّا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَرَضِ إلَّا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا غَالِبَةً.
[تَنْبِيهٌ] مِثْلُ مَنْ فِي الصَّفِّ مَنْ كَانَ رَاكِبَ سَفِينَةٍ قَبْلَ خَوْفِ الْغَرَقِ أَوْ نَزَلَ بِمَسْبَعَةٍ أَوْ مُخِيفٍ مِنْ عَدُوٍّ بَحْرٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute