للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنْ لَمْ يُطَلِّقْ بَائِنًا) فَإِنْ أَبَانَهَا فَلَا (وَإِنْ أَبَتْ) ، أَوْ قَالَ أَبْطَلْتُ رَجْعَتِي، أَوْ لَا رَجْعَةَ لِي فَلَهُ الرَّجْعَةُ بِلَا عِوَضٍ، وَلَوْ سَمَّى هَلْ يُجْعَلُ زِيَادَةً فِي الْمَهْرِ؟ قَوْلَانِ وَيَتَعَجَّلُ الْمُؤَجَّلُ بِالرَّجْعِيِّ وَلَا يَتَأَجَّلُ بِرَجْعَتِهَا خُلَاصَةٌ. وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ: لَا يَكُونُ حَالًّا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ.

ــ

[رد المحتار]

الْمُعْتَبَرُ هُنَا الْمَسُّ بِالشَّهْوَةِ، بِخِلَافِ الْمُصَاهَرَةِ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهَا زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ شَهْوَةً تَكُونُ سَبَبًا لِلْوَلَدِ وَلِذَا لَمْ يُوجِبْهَا ذَلِكَ الْوَطْءُ كَمَا لَوْ أَنْزَلَ بَعْدَ الْمَسِّ وَلِذَا لَمْ يَشْرُطْ أَحَدٌ هُنَا عَدَمَ الْإِنْزَالِ بِالْمَسِّ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُطَلِّقْ بَائِنًا) هَذَا بَيَانٌ لِشَرْطِ الرَّجْعَةِ، وَلَهَا شُرُوطٌ خَمْسٌ تُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ

قُلْت: هِيَ أَنْ لَا يَكُونَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا فِي الْحُرَّةِ، أَوْ ثِنْتَيْنِ فِي الْأَمَةِ وَلَا وَاحِدَةً مُقْتَرِنَةً بِعِوَضٍ مَالِيٍّ وَلَا بِصِفَةٍ تَنْبِئُ عَنْ الْبَيْنُونَةِ - كَطَوِيلَةٍ، أَوْ شَدِيدَةٍ -، وَلَا مُشَبَّهَةً كَطَلْقَةٍ مِثْلِ الْجَبَلِ، وَلَا كِنَايَةً يَقَعُ بِهَا بَائِنٌ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الشَّرْطَ وَاحِدٌ هُوَ كَوْنُ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا، وَهَذِهِ شُرُوطُ كَوْنِهِ رَجْعِيًّا مَتَى فُقِدَ مِنْهَا شَرْطٌ كَانَ بَائِنًا كَمَا أَوْضَحْنَاهُ أَوَّلَ كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَقَدْ اسْتَغْنَى عَنْهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يُطَلِّقْ بَائِنًا، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْكَنْزِ إنْ لَمْ يُطَلِّقْ ثَلَاثًا، لَكِنْ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا مَعَ قَوْلِهِ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ الْقَائِمِ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّ الْبَائِنَ لَيْسَ فِيهِ مِلْكٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْكَلَامُ فِي الرَّجْعِيِّ لَا فِي الْبَائِنِ، فَقَدْ غَفَلَ أَكْثَرُهُمْ فِي هَذَا الْمَحَلِّ اهـ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُسَاهَلَةَ فِي الْعِبَارَةِ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ لَا بَأْسَ بِهَا فِي مَقَامِ الْإِفَادَةِ. [تَنْبِيهٌ]

شَرْطُ كَوْنِ الثِّنْتَيْنِ فِي الْأَمَةِ كَالثَّلَاثِ فِي الْحُرَّةِ أَنْ لَا يَكُونَ رِقًّا ثَابِتًا بِإِقْرَارِهَا بَعْدَهُمَا. فَفِي النَّهْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: لَوْ كَانَ اللَّقِيطُ امْرَأَةً أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لِآخَرَ بَعْدَمَا طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ كَانَ لَهُ الرَّجْعَةُ، وَلَوْ بَعْدَ مَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً لَا يَمْلِكُهَا وَالْفَرْقُ أَنَّهَا بِإِقْرَارِهَا فِي الْأَوَّلِ تُبْطِلُ حَقًّا ثَابِتًا لَهُ وَهُوَ الرَّجْعَةُ، بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي إذْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقٌّ أَلْبَتَّةَ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا) أَيْ فَلَا رَجْعَةَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَتْ) أَيْ سَوَاءٌ رَضِيَتْ بَعْدَ عِلْمِهَا، أَوْ أَبَتْ وَكَذَا لَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِهَا أَصْلًا. وَمَا فِي الْعِنَايَةِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إعْلَامُ الْغَائِبَةِ بِهَا فَسَهْوٌ لِمَا اسْتَقَرَّ مِنْ أَنَّ إعْلَامَهَا إنَّمَا هُوَ مَنْدُوبٌ فَقَطْ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا " قَالَتْ " بِتَاءِ الْمُؤَنَّثَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَحْرِيفٌ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّجْعَةُ) لِأَنَّهُ حُكْمٌ أَثْبَتَهُ الشَّارِعُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِرِضَاهَا، وَلَا يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ كَالْمِيرَاثِ، وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِحُ " إنْ " الْوَصْلِيَّةَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ شَرْطِيَّةً، وَجَعَلَ قَوْلَهُ فَلَهُ الرَّجْعَةُ جَوَابَهَا ط وَيَجُوزُ إبْقَاؤُهَا وَصْلِيَّةً وَيَكُونُ قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّجْعَةُ تَفْرِيعًا عَلَى مَا فُهِمَ قَبْلَهُ وَتَصْرِيحًا بِهِ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِلَا عِوَضٍ) قَدْ قَدَّمْنَا، وَكَأَنَّهُ أَعَادَهُ تَمْهِيدًا لِمَا بَعْدَهُ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) أَيْ قِيلَ: نَعَمْ قُبِلَتْ وَقِيلَ: لَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَوَجْهُ الثَّانِي مَا فِي الْجَوْهَرَةِ مِنْ أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ وَالْعِوَضُ لَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ فِي مُقَابَلَةِ مِلْكِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَتَعَجَّلُ الْمُؤَجَّلُ بِالرَّجْعِيِّ) أَيْ لَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا صَارَ مَا كَانَ مُؤَجَّلًا بِذِمَّتِهِ مِنْ الْمَهْرِ حَالًّا فَتُطَالِبُهُ بِهِ فِي الْحَالِ وَلَوْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَا يَعُودُ مُؤَجَّلًا إذَا رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ الْمَهْرِ: يَعْنِي إذَا كَانَ التَّأْجِيلُ إلَى الطَّلَاقِ، أَمَّا إذَا كَانَ إلَى مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ يَتَعَجَّلُ بِالطَّلَاقِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ الْمَهْرِ: وَذَكَرَ قَوْلَيْنِ فِي الْفَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ فِي كَوْنِهِ يَتَعَجَّلُ الْمُؤَجَّلُ بِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ مُطْلَقًا أَوْ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَجَزَمَ فِي الْقُنْيَةِ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، قَالَ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا اهـ أَيْ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَأْجِيلُهُ إلَى طَلَاقٍ يُزِيلُ الْمِلْكَ أَوْ إلَى الْمَوْتِ، وَالرَّجْعِيُّ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ فَلَا يَصِيرُ حَالًّا قَبْلَهَا، وَقَدْ ظَهَرَ لَك بِمَا نَقَلْنَاهُ أَنَّ مَا فِي الْخُلَاصَةِ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الصَّيْرَفِيَّةِ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ مَا يُفِيدُ حُلُولَهُ بِالْمُرَاجَعَةِ وَإِنْ بَطَلَتْ الْعِدَّةُ بِهَا لِأَنَّ الْقَوْلَ بِحُلُولِهِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِسَبَبِ حُصُولِ الْفُرْقَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>