وَتَقَدَّمَ قَبُولُهَا عَلَى نَفْسِ اللَّمْسِ وَالتَّقْبِيلِ فَلْيُحْفَظْ (كَانَ رَجْعَةً) لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ وَهَذَا مِنْ أَعْجَبِ الْمَسَائِلِ حَيْثُ لَا يَثْبُتُ إقْرَارُهُ بِإِقْرَارِهِ بَلْ بِالْبَيِّنَةِ (كَمَا لَوْ قَالَ فِيهَا كُنْت رَاجَعْتُكِ أَمْسِ) فَإِنَّهَا تَصِحُّ (وَإِنْ كَذَّبَتْهُ) لِمِلْكِهِ الْإِنْشَاءَ فِي الْحَالِ (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ لَهَا (رَاجَعْتُكِ) يُرِيدُ الْإِنْشَاءَ (فَقَالَتْ) عَلَى الْفَوْرِ (مُجِيبَةً لَهُ قَدْ مَضَتْ عِدَّتِي) فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ لِمُقَارَنَتِهَا لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، حَتَّى لَوْ سَكَتَتْ ثُمَّ أَجَابَتْ صَحَّتْ اتِّفَاقًا كَمَا لَوْ نَكَلَتْ عَنْ الْيَمِينِ عَنْ مُضِيِّ الْعِدَّةِ.
(قَالَ زَوْجُ الْأَمَةِ - بَعْدَهَا -:) أَيْ الْعِدَّةِ (رَاجَعْتُهَا فِيهَا فَصَدَّقَهُ السَّيِّدُ وَكَذَّبَتْهُ) الْأَمَةُ وَلَا بَيِّنَةَ (أَوْ قَالَتْ: مَضَتْ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ إذَا لَمْ تُصَدِّقْهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً تُقْبَلُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْقَوْلُ لَهَا تَكُونُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لِإِثْبَاتِ خِلَافِ الظَّاهِرِ وَفِي نُسْخَةٍ وَكَذَا بِالْكَافِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحَتَانِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ إلَخْ) أَيْ فَصْلُ الْمُحَرَّمَاتِ ح حَيْثُ قَالَ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِاللَّمْسِ وَالتَّقْبِيلِ عَنْ شَهْوَةٍ، وَكَذَا تُقْبَلُ عَلَى نَفْسِ اللَّمْسِ وَالتَّقْبِيلِ وَالنَّظَرِ إلَى ذَكَرِهِ، أَوْ فَرْجِهَا عَنْ شَهْوَةٍ فِي الْمُخْتَارِ تَجْنِيسٌ لِأَنَّ الشَّهْوَةَ رُبَّمَا يُوقَفُ عَلَيْهَا فِي الْجُمْلَةِ بِانْتِشَارٍ أَوْ آثَارٍ اهـ وَقَدَّمْنَا قَرِيبًا أَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الشَّهْوَةِ فِي الْمُعَانَقَةِ مَعَ الِانْتِشَارِ وَالْمَسِّ لِلْفَرْجِ وَالتَّقْبِيلِ عَلَى الْفَمِ وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْ أَعْجَبِ الْمَسَائِلِ إلَخْ) نَقَلُوا ذَلِكَ عَنْ مَبْسُوطِ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ أَيْ لِأَنَّهُ إذَا قِيلَ لَك رَجُلٌ أَقَرَّ بِشَيْءٍ فِي الْحَالِ فَلَمْ يَثْبُتْ إقْرَارُهُ وَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ فِي الْمَاضِي يَثْبُتُ فَإِنَّكَ تَتَعَجَّبُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ إقْرَارَهُ فِي الْحَالِ ثَابِتٌ بِالْمُعَايَنَةِ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ كَاذِبَةٌ، وَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِمَالٍ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ بَطَلَتْ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَقْوَى وَهُنَا عَكَسُوا ذَلِكَ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ إقْرَارَهُ فِي الْحَالِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ فِي الْعِدَّةِ مُجَرَّدُ دَعْوَى فَلَا تَثْبُتُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَإِذَا ظَهَرَ السَّبَبُ بَطَلَ الْعَجَبُ، فَإِطْلَاقُ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ لَا عَجَبَ نَاشِئٌ عَنْ سُوءِ الْأَدَبِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: لِمِلْكِهِ الْإِنْشَاءَ فِي الْحَالِ إلَخْ) أَيْ وَمَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِخْبَارَ كَالْوَصِيِّ وَالْمَوْلَى وَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَمَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَحْرٌ عَنْ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ (قَوْلُهُ: يُرِيدُ الْإِنْشَاءَ) أَمَّا إذَا أَرَادَ الْإِخْبَارَ فَيُرْجَعُ إلَى تَصْدِيقِهَا ط.
(قَوْلُهُ: فَقَالَتْ مُجِيبَةً لَهُ) أَشَارَ إلَى أَنَّهَا قَالَتْهُ مَوْصُولًا كَمَا يَأْتِي مُحْتَرَزُهُ وَإِلَى أَنَّ الزَّوْجَ بَدَأَ، فَلَوْ بَدَأَتْ فَقَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فَقَالَ الزَّوْجُ رَاجَعْتُكِ فَالْقَوْلُ لَهَا اتِّفَاقًا وَفِي الْفَتْحِ: لَوْ وَقَعَ الْكَلَامَانِ مَعًا يَنْبَغِي أَنْ لَا تَثْبُتَ الرَّجْعَةُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ تَحْتَمِلُ الِانْقِضَاءَ وَإِلَّا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ إلَّا إنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْ وَثَبَتَ ذَلِكَ. وَعِنْدَهُمَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ حَالَ قِيَامِ الْعِدَّةِ ظَاهِرًا وَأَبُو حَنِيفَةَ يَمْنَعُ قِيَامَهَا حَالَ كَلَامِهِ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ فِي الْإِخْبَارِ، وَأَقْرَبُ زَمَانٍ يُحَالُ عَلَيْهِ خَبَرُهَا زَمَانُ تَكَلُّمِهِ فَتَكُونُ الرَّجْعَةُ مُقَارِنَةً لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَصِحُّ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: صَحَّتْ اتِّفَاقًا) لِأَنَّهَا مُتَّهَمَةٌ بِسَبَبِ سُكُوتِهَا وَعَدَمِ جَوَابِهَا عَلَى الْفَوْرِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ نَكَلَتْ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَتُسْتَحْلَفُ الْمَرْأَةُ هُنَا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ عِدَّتَهَا مُنْقَضِيَةٌ حَالَ إخْبَارِهَا وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الرَّجْعَةِ حَيْثُ لَا تُسْتَحْلَفُ عِنْدَهُ؛ أَنَّهُ لَمْ يُرَاجِعْهَا فِي الْعِدَّةِ: أَنَّ إلْزَامَ الْيَمِينِ لِفَائِدَةِ النُّكُولِ وَهُوَ بَذْلٌ عِنْدَهُ وَبَذْلُ الرَّجْعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ لَا يَجُوزُ وَالْعِدَّةُ هِيَ الِامْتِنَاعُ عَنْ التَّزَوُّجِ وَالِاحْتِبَاسُ فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ وَبَذْلُهُ جَائِزٌ، ثُمَّ إذَا نَكَلَتْ هُنَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الْعِدَّةِ لِنُكُولِهَا ضَرُورَةً كَثُبُوتِ النَّسَبِ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ بِنَاءً عَلَى شَهَادَتِهَا بِالْوِلَادَةِ اهـ لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ اعْتَرَضَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ مَذْهَبَهُمَا صِحَّةُ الرَّجْعَةِ هُنَا فَلَا يُتَصَوَّرُ الِاسْتِخْلَافُ عِنْدَهُمَا، وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَى الِاسْتِحْلَافِ عِنْدَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: عَنْ مُضِيِّ الْعِدَّةِ) الْأَوْلَى عَلَى مُضِيِّ الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْيَمِينِ ط.
(قَوْلُهُ: فَصَدَّقَهُ السَّيِّدُ وَكَذَّبَتْهُ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُمَا لَوْ صَدَّقَاهُ تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ كَذَّبَاهُ لَا تَثْبُتُ اتِّفَاقًا ط عَنْ النَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَلَا بَيِّنَةَ) فَلَوْ أَقَامَهَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute