للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا سَنُحَقِّقُهُ (بِهَا) أَيْ بِالثَّلَاثِ (لَوْ حُرَّةً وَثِنْتَيْنِ لَوْ أَمَةً) وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَمَا فِي الْمُشْكِلَاتِ بَاطِلٌ، أَوْ مُؤَوَّلٌ كَمَا مَرَّ (حَتَّى يَطَأَهَا غَيْرُهُ وَلَوْ) الْغَيْرُ (مُرَاهِقًا) يُجَامِعُ مِثْلُهُ، وَقَدَّرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِعَشْرِ سِنِينَ،

ــ

[رد المحتار]

فَفِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ مِنْ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ: إذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ، أَوْ الْمُكَاتَبُ، أَوْ الْمُدَبَّرُ أَوْ ابْنُ أُمِّ الْوَلَدِ بِلَا إذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ إجَازَةِ الْمَوْلَى فَهَذَا الطَّلَاقُ مُتَارَكَةُ النِّكَاحِ لَا طَلَاقٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ حَتَّى لَا يَنْقُصَ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ فَإِنْ أَجَازَ الْمَوْلَى النِّكَاحَ بَعْدُ لَا تُعْمَلُ إجَازَتُهُ.

وَإِنْ أَذِنَ لَهُ بِتَزَوُّجِهَا بَعْدَهُ كَرِهْتُ لَهُ تَزَوُّجَهَا وَلَمْ أُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا سَنُحَقِّقُهُ) أَيْ فِي بَابِ الْعِدَّةِ حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ: وَالْخَلْوَةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا تُوجِبُ الْعِدَّةَ، وَالطَّلَاقُ فِيهِ لَا يَنْقُصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ فَسْخٌ جَوْهَرَةٌ اهـ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَوْقُوفَ هُنَاكَ لِأَنَّهُ مِنْ أَقْسَامِ الْفَاسِدِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ مَا يَأْتِي قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ خَرَجَ الْفَاسِدُ وَالْمَوْقُوفُ إلَخْ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْمُحَلِّلِ لَكِنَّهُ يُفْهَمُ أَنَّهُ فِي الَّذِي طَلَّقَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَيْضًا وَلَيْسَ مُرَادُهُ الْإِشَارَةَ إلَى تَحْقِيقِ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ فَرْعُ صِحَّتِهِ النِّكَاحُ الْأَوَّلُ إلَخْ. لِأَنَّ مُرَادَهُ بِهِ صِحَّتُهُ فِي الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا كَمَا سَتَعْرِفُهُ، وَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْمُشْكِلَاتِ) حَيْثُ قَالَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ثَلَاثًا فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِلَا تَحْلِيلٍ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] فَفِي الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ: بَاطِلٌ) أَيْ إنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ: إنَّهُ زَلَّةٌ عَظِيمَةٌ مُصَادِمَةٌ لِلنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ رَآهُ أَنْ يَنْقُلَهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَعْتَبِرَهُ لِأَنَّ فِي نَقْلِهِ إشَاعَتَهُ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْفَتِحُ بَابُ الشَّيْطَانِ فِي تَخْفِيفِ الْأَمْرِ فِيهِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَهُ مِمَّا لَا يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ مِنْ عَدَمِ مُخَالَفَةِ الْكِتَابِ وَالْإِجْمَاعِ، نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الزَّيْغِ وَالضَّلَالِ، وَالْأَمْرُ فِيهِ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الدِّينِ لَا يَبْعُدُ إكْفَارُ مُخَالِفِهِ. اهـ.

أَقُولُ: وَإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا ذَكَرَهُ الزَّاهِدِيُّ فِي آخِرِ الْحَاوِي فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحِيَلِ فَإِنَّهُ عَقَدَ فِيهِ فَصْلًا فِي حِيلَةِ تَحْلِيلِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا، وَذَكَرَ فِيهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّأْوِيلِ الْآتِي، وَذَكَرَ حِيَلًا كَثِيرَةً كُلُّهَا بَاطِلَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا يَأْتِي رَدُّهُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْعَقْدِ بِدُونِ وَطْءٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مُؤَوَّلٌ) أَيْ بِمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُخَارِيُّ فِي شَرْحِهِ غُرَرِ الْأَذْكَارِ عَلَى دُرَرِ الْبِحَارِ وَلَا يُشْكِلُ مَا فِي الْمُشْكِلَاتِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ ثَلَاثًا ثَلَاثُ طَلَقَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ لِيُوَافِقْنَ مَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ اهـ وَقَدَّمْنَا تَأْيِيدَ هَذَا التَّأْوِيلِ بِجَوَابِ صَاحِبِ الْمُشْكِلَاتِ عَنْ الْآيَةِ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ ذُكِرَ فِيهَا مُفَرَّقًا مَعَ التَّصْرِيحِ فِيهَا بِعَدَمِ الْحِلِّ، فَأَجَابَ بِهَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي أَوَّلِ بَابِ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ: حَتَّى يَطَأَهَا غَيْرُهُ) أَيْ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِمَجْبُوبٍ فَحَبِلَتْ مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَشَمِلَ مَا لَوْ وَطِئَهَا حَائِضًا، أَوْ مُحْرِمَةً، وَشَمِلَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا أَزْوَاجٌ كُلُّ زَوْجٍ ثَلَاثًا قَبْلَ الدُّخُولِ فَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ وَدَخَلَ بِهَا تَحِلُّ لِلْكُلِّ بَحْرٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْوَطْءِ بِالنِّكَاحِ بَعْدَ مُضِيِّ عِدَّةِ الْأَوَّلِ لَوْ مَدْخُولًا بِهَا، وَسَكَتَ عَنْهُ لِظُهُورِهِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ الدُّخُولِ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْعَقْدِ. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَفِي الْكَشْفِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الْأُصُولِ أَنَّ الْعُلَمَاءَ غَيْرَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ اتَّفَقُوا عَلَى اشْتِرَاطِ الدُّخُولِ، وَفِي الزَّاهِدِيِّ أَنَّهُ ثَابِتٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ. وَفِي الْمُنْيَةِ أَنَّ سَعِيدًا رَجَعَ عَنْهُ إلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ، فَمَنْ عَمِلَ بِهِ يُسَوَّدُ وَجْهُهُ وَيُبْعَدُ، وَمَنْ أَفْتَى بِهِ يُعَزَّرُ، وَمَا نُسِبَ إلَى الصَّدْرِ الشَّهِيدِ فَلَيْسَ لَهُ أَثَرٌ فِي مُصَنَّفَاتِهِ بَلْ فِيهَا نَقِيضُهُ. وَذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْهُ أَنَّ مَنْ أَفْتَى بِهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ الْإِجْمَاعَ وَلَا يَنْفُذُ قَضَاءُ الْقَاضِي بِهِ وَتَمَامُهُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُرَاهِقًا) هُوَ الدَّانِي مِنْ الْبُلُوغِ نَهْرٌ وَلَا بُدَّ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ طَلَاقَهُ غَيْرُ وَاقِعٍ دُرٌّ مُنْتَقًى عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ: يُجَامِعُ مِثْلُهُ) تَفْسِيرٌ لِلْمُرَاهِقِ ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ، وَقِيلَ هُوَ الَّذِي تَتَحَرَّكُ آلَتُهُ وَيَشْتَهِي النِّسَاءَ كَذَا فِي الْفَتْحِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ نَهْرٌ. وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ حُرًّا بَالِغًا: فَإِنَّ الْإِنْزَالَ شَرْطٌ عِنْدَ مَالِكٍ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>