للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَلَوْ وَطِئَ مُفْضَاةً لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا إذَا حَبِلَتْ) لِيُعْلَمَ أَنَّ الْوَطْءَ كَانَ فِي قُبُلِهَا (كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِمَجْبُوبٍ) فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ حَتَّى تَحْبَلَ لِوُجُودِ الدُّخُولِ حُكْمًا حَتَّى يَثْبُتُ النَّسَبُ فَتْحٌ، فَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَطْءِ قُصُورٌ إلَّا أَنْ يُعَمَّمَ بِالْحَقِيقِيِّ وَالْحُكْمِيِّ.

(وَالْإِيلَاجُ فِي مَحَلِّ الْبَكَارَةِ يُحِلُّهَا وَالْمَوْتُ عَنْهَا لَا) كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. وَاسْتَشْكَلَهُ الْمُصَنِّفُ، وَفِي النَّهْرِ: وَكَأَنَّهُ ضَعِيفٌ لِمَا فِي التَّبْيِينِ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْإِيلَاجُ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ وَهُوَ الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ بِلَا حَائِلٍ يَمْنَعُ الْحَرَارَةَ، وَكَوْنُهُ عَنْ قُوَّةِ نَفْسِهِ فَلَا يُحِلُّهَا مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا بِمُسَاعَدَةِ الْيَدِ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ: إلَّا إذَا حَبِلَتْ إلَخْ) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَقَدْ نَظَمَ الْفَقِيهُ الْأَجَلُّ سِرَاجُ الدِّينِ أَبُو بَكْرٍ عَلِيُّ بْنُ أَبِي مُوسَى الْهَامِلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَلِكَ نَظْمًا جَيِّدًا فَقَالَ:

وَفِي الْمُفْضَاةِ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَهْ ... لَدَى مَنْ لَيْسَ يَعْرِفُهَا غَرِيبَهْ

إذَا حَرُمَتْ عَلَى زَوْجٍ وَحَلَّتْ ... لِثَانٍ نَالَ مِنْ وَطْءٍ نَصِيبَهْ

فَطَلَّقَهَا فَلَمْ تَحْبَلْ فَلَيْسَتْ ... حَلَالًا لِلْقَدِيمِ وَلَا خَطِيبَهْ

لِشَكٍّ أَنَّ ذَاكَ الْوَطْءَ مِنْهَا ... بِفَرْجٍ أَوْ شَكِيلَتِهِ الْقَرِيبَهْ

فَإِنْ حَبِلَتْ فَقَدْ وُطِئَتْ بِفَرْجٍ ... وَلَمْ تَبْقَ الشُّكُوكُ لَنَا مُرِيبَهْ

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ حَتَّى تَحْبَلَ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ عَزَاهَا الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ لِلْبَزَّازِيَّةِ. وَاَلَّذِي فِي الْفَتْحِ هَكَذَا: فَلَا تَحِلُّ بِسَحْقِهِ حَتَّى تَحْبَلَ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي التَّجْرِيدِ لَوْ كَانَ مَجْبُوبًا لَمْ تَحِلَّ فَإِنْ حَبِلَتْ وَوَلَدَتْ حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَثْبُتُ) بِرَفْعِ " يَثْبُتُ " عَلَى أَنَّ " حَتَّى " ابْتِدَائِيَّةٌ (قَوْلُهُ: فَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَطْءِ قُصُورٌ إلَخْ) أَيْ اقْتِصَارُ الْمُتُونِ عَلَى قَوْلِهِمْ حَتَّى يَطَأَهَا غَيْرُهُ، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ. وَقَالَ الرَّحْمَتِيُّ جَعَلَهُ قُصُورًا مَعَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُتُونُ وَالشُّرُوحُ، وَيَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ الْعُسَيْلَةِ الَّذِي بِهِ الْحُكْمُ، وَمَا تَمَسَّكَ بِهِ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَمْ تُعْتَمَدْ فَتَرْجِيحُهَا عَلَى مَا هُوَ الْمَذْهَبُ هُوَ الْقُصُورُ. اهـ. قُلْت: لَكِنْ جَزَمَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا: وَكَذَا فِي الْفَتْحِ كَمَا عَلِمْت، وَنَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ الْغَايَةِ وَقَالَ خِلَافًا لِزُفَرَ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ، وَهَذَا يُفِيدُ اعْتِمَادَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، نَعَمْ الْأَوْجَهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَلَا يُنَافِيهِ ثُبُوتُ النَّسَبِ فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ قِيَامَ الْفِرَاشِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَطْءٌ حَقِيقَةً، وَالتَّحْلِيلُ يَعْتَمِدُ الْوَطْءَ لَا مُجَرَّدَ الْعَقْدِ الْمُثْبِتِ لِلنَّسَبِ فَإِنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا ثُبُوتُ التَّحْلِيلِ بِتَزَوُّجِ مَشْرِقِيٍّ بِمَغْرِبِيَّةٍ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لِثُبُوتِ نَسَبِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ الْوَطْءِ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِكَوْنِ النَّسَبِ مِمَّا يُحْتَالُ لِإِثْبَاتِهِ بِمَا أَمْكَنَ وَلَوْ تَوَهُّمًا عَمَلًا بِنَصِّ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» وَإِقَامَةً لِلْعَقْدِ مَقَامَ الْوَطْءِ كَالْخَلْوَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْعِدَّةِ، أَمَّا التَّحْلِيلُ فَقَدْ شَدَّدَ الشَّرْعُ فِي ثُبُوتِهِ، وَلِذَا قَالُوا: إنَّ شَرْعِيَّتَهُ لِإِغَاظَةِ الزَّوْجِ عُومِلَ بِمَا يُبْغِضُ حِينَ عَمِلَ أَبْغَضَ مَا يُبَاحُ فَلِذَا اشْتَرَطُوا فِيهِ الْوَطْءَ الْمُوجِبَ لِلْغُسْلِ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ بِلَا حَائِلٍ فِي الْمَحَلِّ الْمُتَيَقَّنِ احْتِرَازًا عَنْ الْمُفْضَاةِ وَالصَّغِيرَةِ مِنْ بَالِغٍ، أَوْ مُرَاهِقٍ قَادِرٍ عَلَيْهِ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ لَا فَاسِدٍ وَلَا مَوْقُوفٍ وَلَا بِمِلْكِ يَمِينٍ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَوْتُ عَنْهَا لَا) أَيْ لَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ الْوَطْءِ لَا يُحِلُّهَا لِلْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ كَالدُّخُولِ فِي إيجَابِ الْعِدَّةِ وَتَقْرِيرِ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى لِأَنَّ الشَّرْطَ هُنَا الْوَطْءُ (قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَهُ الْمُصَنِّفُ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى الْإِحْلَالِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُحِلُّهَا، وَأَصْلُ الْإِشْكَالِ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ، فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْفَرْعِ مَعَ أَنَّهُ نَقَلَ فِي الْمُحِيطِ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ أَنَّهُ لَوْ أَتَى امْرَأَةً وَهِيَ عَذْرَاءُ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُنْزِلْ لِأَنَّ الْعُذْرَةَ مَانِعَةٌ مِنْ مُوَارَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>