للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَّا يَوْمًا) لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِلْحَالِ بَلْ إنْ قَرِبَهَا وَبَقِيَ مِنْ السَّنَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ صَارَ مُولِيًا وَإِلَّا لَا، وَلَوْ حَذَفَ " سَنَةً " لَمْ يَكُنْ مُولِيًا حَتَّى يَقْرَبَهَا فَيَصِيرَ مُولِيًا وَلَوْ زَادَ: إلَّا يَوْمًا أَقْرَبُكِ فِيهِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا أَبَدًا لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى كُلَّ يَوْمٍ يَقْرَبُهَا فِيهِ فَلَمْ يُتَصَوَّرْ مَنْعُهُ أَبَدًا (أَوْ قَالَ - وَهُوَ بِالْبَصْرَةِ -: وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ مَكَّةَ وَهِيَ بِهَا لَا) يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْهَا فَيَطَأَهَا.

(آلَى مِنْ الْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا صَحَّ) لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ،

ــ

[رد المحتار]

تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَكَذَا صَرِيحُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ النَّهْرِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ تَصِيرُ مُدَّتُهُمَا وَاحِدَةً وَتَتَأَخَّرُ الثَّانِيَةُ عَنْ الْأُولَى بِيَوْمٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، وَعَبَّرَ الشَّارِحُ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ تَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فِي الْفَتْحِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِتَدَاخُلِ الْمُدَّتَيْنِ فَتَتَأَخَّرُ الْمُدَّةُ الثَّانِيَةُ عَنْ الْأُولَى بِيَوْمٍ وَاحِدٍ، أَوْ سَاعَةٍ بِحَسَبِ مَا فَصَلَ بَيْنَ الْيَمِينَيْنِ. فَالْحَاصِلُ مِنْ الْيَمِينَيْنِ الْحَلِفُ عَلَى شَهْرَيْنِ وَيَوْمٍ، أَوْ سَاعَةٍ عَلَى حَسَبِ الْفَاصِلِ اهـ.

قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ: لَا أَقْرَبُكِ شَهْرَيْنِ ثُمَّ بَعْدَ يَوْمٍ مَثَلًا قَالَ كَذَلِكَ اتَّحَدَتْ الْمُدَّتَانِ لِتَعَدُّدِ الْقَسَمِ كَمَا مَرَّ لَكِنَّ الْيَوْمَ الْفَاصِلَ بَيْنِ الْيَمِينَيْنِ دَخَلَ فِي الْيَمِينِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ فَلَزِمَ تَكْمِيلُ الشَّهْرَيْنِ فِي الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ بِزِيَادَةِ يَوْمٍ عَلَى الشَّهْرَيْنِ، وَهَذَا الْيَوْمُ الزَّائِدُ دَخَلَ فِي الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى عَكْسَ الْيَوْمِ الْفَاصِلِ، وَلَزِمَ مِنْ هَذَا تَدَاخُلُ الْمُدَّتَيْنِ مَا عَدَا الْيَوْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ عَلَيْهِمَا يَمِينَانِ، فَلَوْ قَرِبَهَا فِي أَحَدِهِمَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ لِدُخُولِهَا تَحْتَ الْيَمِينَيْنِ فَتَتَعَدَّدُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ. هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذَا الْمَقَامِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا يَوْمًا) مِثْلُهُ السَّاعَةُ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِلْحَالِ) لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى يَوْمًا مُنَكَّرًا فَيَصْدُقُ عَلَى كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ السَّنَةِ حَقِيقَةً فَيُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ، وَصَرْفُهُ إلَى الْأَخِيرِ - كَمَا يَقُولُهُ زُفَرُ - إخْرَاجٌ لَهُ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَهِيَ التَّنْكِيرُ إلَى التَّعْيِينِ بِلَا حَاجَةٍ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ إلَّا نُقْصَانَ يَوْمٍ لِأَنَّ النُّقْصَانَ لَا يَكُونُ عُرْفًا إلَّا مِنْ آخِرِهَا، وَبِخِلَافِ قَوْلِهِ: أَجَّرْتُكَ دَارِي، أَوْ أَجَّلْتُ دَيْنِي سَنَةً إلَّا يَوْمًا فَإِنَّهُ يُرَادُ الْأَخِيرُ لِحَاجَةِ تَصْحِيحِ الْعَقْدِ وَتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ، وَبِخِلَافِ قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا سَنَةً إلَّا يَوْمًا لِأَنَّ الْحَامِلَ - وَهُوَ الْمُغَايَظَةُ - اقْتَضَى عَدَمَ كَلَامِهِ فِي الْحَالِ فَتَأَخَّرَ، وَالْإِيلَاءُ قَدْ يَكُونُ عَنْ تَرَاضٍ كَمَا مَرَّ وَإِنْ كَانَ عَنْ مُغَايَظَةٍ لَكِنَّ لُزُومَ أَحَدِ الْمَكْرُوهَيْنِ فِيهِ - لَوْ تَأَخَّرَ - عَارَضَ جِهَةَ الْمُغَايَظَةِ فَتَسَاقَطَا وَعُمِلَ بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ وَهُوَ التَّنْكِيرُ، هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ: بَلْ إنْ قَرِبَهَا) أَيْ فِي يَوْمٍ وَلَمْ يَقْرَبْهَا بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: صَارَ مُولِيًا) أَيْ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا بِمُجَرَّدِ الْقُرْبَانِ. بِخِلَافِ قَوْلِهِ سَنَةً إلَّا مَرَّةً فَإِنَّهُ إذَا قَرِبَهَا صَارَ مُولِيًا مِنْ سَاعَتِهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لَا يَصِيرُ مُولِيًا (قَوْلُهُ: فَيَصِيرُ مُولِيًا) أَيْ مُؤَبَّدًا لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْيَوْمِ الْمُسْتَثْنَى لَا غَايَةَ لَهُ فَيَجْرِي عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ حُكْمِ الْإِيلَاءِ الْمُؤَبَّدِ، وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ " إلَّا يَوْمًا " وَتَرَكَهَا سَنَةً صَارَ مُولِيًا وَوَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ فَقَطْ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَقَدَّمْنَا عِبَارَتَهَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ مُولِيًا أَبَدًا) سَوَاءٌ قَرِبَهَا، أَوْ لَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ بِهَا) أَيْ قَالَ ذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّ زَوْجَتَهُ بِمَكَّةَ (قَوْلُهُ: فَيَطَأَهَا) أَيْ فِي الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ، فَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ بِأَنْ كَانَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ صَارَ مُولِيًا عَلَى مَا فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ، وَأَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فَالْعِبْرَةُ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ ضَعْفُهُ لِإِمْكَانِ خُرُوجِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ فَيَلْتَقِيَانِ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ بَحْرٌ. وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْإِيلَاءُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِهَا وَالْحَلِفُ هُنَا عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ مِنْ كِنَايَتِهِ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا بِهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ ط (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ) فَيَتَنَاوَلُهَا قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: ٢٢٦] وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْإِيلَاءَ جَزَاءُ الظُّلْمِ بِمَنْعِ حَقِّهَا مِنْ الْجِمَاعِ، وَالرَّجْعِيَّةُ لَا حَقَّ لَهَا فِيهِ لَا قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً حَتَّى اُسْتُحِبَّ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا بِدُونِ الْجِمَاعِ فَلَا يَكُونُ ظَالِمًا. وَأَجَابَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْكُرْدِيُّ بِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَنْصُوصِ مُضَافٌ إلَى النَّصِّ لَا إلَى الْمَعْنَى. وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: أَلَا تَرَى لَا يَثْبُتُ الْإِيلَاءُ وَإِنْ سَقَطَ حَقُّهَا فِي الْجِمَاعِ لِخَوْفِ الْغَيْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>