للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْقَوْلُ لَهَا.

خَلَعَهَا عَلَى أَنَّ صَدَاقَهَا لِوَلَدِهَا، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ عَلَى أَنْ يُمْسِكَ الْوَلَدَ عِنْدَهُ صَحَّ الْخُلْعُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ. قَالَتْ: اخْتَلَعَتْ مِنْك فَقَالَ لَهَا طَلَّقْتُك بَانَتْ وَقِيلَ رَجْعِيٌّ. وَلَا رِوَايَةَ لَوْ قَالَتْ: أَبْرَأْتُكَ مِنْ الْمَهْرِ بِشَرْطِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَطَلَّقَهَا رَجْعِيًّا،

ــ

[رد المحتار]

عَلَى قَبُولٍ إذْ لَا غَرَامَةَ تَلْحَقُهَا، وَأَمَّا عَلَى دُخُولِك الدَّارَ فَلَيْسَ فِيهِ فِعْلٌ يَصْلُحُ جَعْلُهُ شَرْطًا بَلْ هُوَ أَمْرٌ تَصَوُّرِيٌّ لَا يَصْلُحُ جَعْلُهُ شَرْطًا إلَّا بِذِكْرِ فِعْلٍ مَعَهُ يَدُلُّ عَلَى الْحُصُولِ فِي أَحَدِ الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ لِيَصِيرَ بِمَنْزِلَةِ إنْ دَخَلْت، أَوْ بِتَقْدِيرِ الْوَقْتِ كَمَا فِي أَنْتِ طَالِقٌ فِي دُخُولِك الدَّارَ بِقَرِينَةِ " فِي " الظَّرْفِيَّةِ، إذْ الطَّلَاقُ لَا يَكُونُ مَظْرُوفًا فِي الدُّخُولِ بَلْ فِي زَمَانِهِ وَلَا يَحْسُنُ هُنَا تَقْدِيرُ الْوَقْتِ لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِيهِ لِأَنَّ جَعْلَ " عَلَى " لِلْمُعَاوَضَةِ يُغْنِي عَنْهُ بِدُونِ تَكَلُّفٍ، فَإِنَّ الْعَاقِلَ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي جَعْلِ الدُّخُولِ مَثَلًا عِوَضًا عَنْ الطَّلَاقِ، هَذَا غَايَةُ مَا ظَهَرَ مِنْ الْفَرْقِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لَهَا) لِأَنَّهَا تُنْكِرُ الزِّيَادَةَ عَلَى ثُلُثِ الْأَلْفِ فَتُصَدَّقُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ مَعَ يَمِينِهَا، فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: صَحَّ الْخُلْعُ) لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: وَبَطَلَ الشَّرْطُ) أَيْ فَلَا يَكُونُ الْمَهْرُ لِلْوَلَدِ وَلَا لِلْأَجْنَبِيِّ بَلْ يَكُونُ لِلزَّوْجِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَلَيْسَ لَهُ إمْسَاكُ الْوَلَدِ عِنْدَهُ لِأَنَّ إمْسَاكَهُ عِنْدَ أُمِّهِ حَقُّهُ فَلَا يَبْطُلُ بِإِبْطَالِهِمَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: بَانَتْ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: قَالَتْ لَهُ: اخْلَعْنِي عَلَى أَلْفٍ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، قِيلَ: هُوَ جَوَابٌ وَيَتِمُّ الْخُلْعُ، وَقِيلَ لَا بَلْ طَلَاقٌ. وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ جَوَابٌ ظَاهِرًا، فَإِنْ قَالَ لَمْ أَعْنِ بِهِ الْجَوَابَ صُدِّقَ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ بِلَا شَيْءٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ: اخْتَلَعَتْ مِنْكَ فَقَالَ: طَلَّقْتُكِ، قِيلَ: هُوَ جَوَابٌ وَيَتِمُّ الْخُلْعُ، وَقِيلَ: لَا بَلْ رَجْعِيٌّ، وَقِيلَ يُسْأَلُ الزَّوْجُ عَنْ النِّيَّةِ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَنْبَغِي أَنْ يُسْأَلَ أَيْضًا. اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الْجَوَابَ يَكُونُ جَوَابًا وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بِالْخُلْعِ لِأَنَّهُ خَرَجَ جَوَابًا فَيَكُونُ خُلْعًا وَيَبْرَأُ عَنْ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ: وَلَا رِوَايَةَ إلَخْ) ذَكَرَ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَمْ يُوجَدْ فِيهَا رِوَايَةٌ وَلَا جَوَابٌ شَافٍ لِلْمُتَأَخِّرِينَ، وَقَالَ: فَهَلْ يَقَعُ بَائِنًا لِلْمُقَابَلَةِ بِالْمَالِ كَمَسْأَلَةِ الزِّيَادَاتِ أَمْ رَجْعِيًّا؟ وَهَلْ يَبْرَأُ الزَّوْجُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ صُورَةً، أَوْ لَا يَبْرَأُ. اهـ. وَنَقَلَ عِبَارَتَهُ فِي الْبَحْرِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَلَزِمَهَا الْمَالُ، وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ أَنَّ صَاحِبَ الْقُنْيَةِ ذَكَرَ فِي الْحَاوِي عَنْ الْأَسْرَارِ الْجَوَابَ بِأَنَّ الْوَاقِعَ رَجْعِيٌّ، وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ لِتَرَاضِيهِمَا عَلَى وُقُوعِ الرَّجْعِيِّ، وَمُقَابَلَتُهُ بِالْمَالِ لَا تُغَيِّرُهُ عَنْ وَصْفِهِ بِالرَّجْعِيِّ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الزِّيَادَاتِ فَهِيَ فِيمَا إذَا طَلَبَتْ مِنْهُ الْمَرْأَةُ طَلْقَتَيْنِ بَائِنَتَيْنِ بِأَلْفٍ، فَمُقَابَلَةُ الْمَالِ تُغَيِّرُ وَصْفَهُ بِالرَّجْعِيِّ فَيَلْغُو لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِلُزُومِ الْأَلْفِ مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ ولِأَنَّ الْبَاءَ تَصْحَبُ الْأَعْوَاضَ، وَالْعِوَضُ يَسْتَلْزِمُ الْمُعَوَّضَ وَهُوَ انْصِرَامُ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا اهـ مُلَخَّصًا.

قُلْت: هَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ الْوَاقِعُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ طَلَبِهَا مِنْهُ الْبَائِنَتَيْنِ، أَمَّا لَوْ ابْتَدَأَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ وَقَالَتْ قَبِلْت يَلْزَمُ أَنْ يَقَعَ بِهِ الرَّجْعِيُّ لِوُجُودِ تَرَاضِيهِمَا عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْمَنْقُولَ يُخَالِفُهُ. فَفِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْبَابِ السَّادِسِ فِي الطَّلَاقِ: أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَقَعَ فِي الْحَالِ وَاحِدَةٌ بِنِصْفِ الْأَلْفِ وَغَدًا أُخْرَى بِلَا شَيْءٍ لِأَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْبَدَلِ بِالطَّلَاقِ زَوَالُ الْمِلْكِ بِهِ وَقَدْ زَالَ الْمِلْكُ بِالْأَوْلَى، لَكِنْ إنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ تَطْلُقُ أُخْرَى غَدًا بِنِصْفِ الْأَلْفِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ بِهَا، وَلَوْ قَالَ لِلْمَدْخُولَةِ أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَقَعَتْ فِي الْحَالِ وَاحِدَةٌ بِلَا شَيْءٍ لِوَصْفِهَا بِمَا يُنَافِي الْبَدَلَ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ بِبَدَلٍ لَا يَكُونُ رَجْعِيًّا وَفِي الْغَدِ تَطْلُقُ أُخْرَى بِأَلْفٍ لِزَوَالِ الْمِلْكِ بِهَا لِأَنَّ الْأُولَى رَجْعِيَّةٌ لَا تُزِيلُهُ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ بَائِنَةً وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ تَقَعُ فِي الْحَالِ بَائِنَةٌ بِلَا شَيْءٍ لِأَنَّ الْبَائِنَ بِصَرِيحِ الْإِبَانَةِ لَا يُقَابِلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>