وَشَرْعًا (تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) قَبْلَ الْوَطْءِ:
أَيْ إعْتَاقُهَا بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ، فَلَوْ وَرِثَ أَبَاهُ نَاوِيًا الْكَفَّارَةَ لَمْ يَجُزْ (وَلَوْ صَغِيرًا) رَضِيعًا (أَوْ كَافِرًا) أَوْ مُبَاحَ الدَّمِ، أَوْ مَرْهُونًا، أَوْ مَدْيُونًا، أَوْ آبِقًا عُلِمَتْ حَيَاتُهُ، أَوْ مُرْتَدَّةً، وَفِي الْمُرْتَدِّ وَحَرْبِيٍّ خُلِّيَ سَبِيلُهُ خِلَافٌ (أَوْ أَصَمَّ) وَإِنْ صِيحَ بِهِ يَسْمَعُ وَإِلَّا لَا (أَوْ خَصِيًّا، أَوْ مَجْبُوبًا) ، أَوْ رَتْقَاءَ، أَوْ قَرْنَاءَ (أَوْ مَقْطُوعَ الْأُذُنَيْنِ) .
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: لَكِنْ مَرَّ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى التَّكْفِيرِ لِلظِّهَارِ، وَمُقْتَضَاهُ الْإِثْمُ بِالتَّأْخِيرِ. وَأَيْضًا فَحَيْثُ كَانَتْ مِنْ تَمَامِ التَّوْبَةِ يَجِبُ تَعْجِيلُهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الرَّقَبَةُ غَيْرَ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا، لِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ والتتارخانية: أَمَةٌ تَحْتَ رَجُلٍ ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَأَعْتَقَهَا عَنْ ظِهَارِهِ قَبْلُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ بَحْرٌ. وَفِيهِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ صَحِيحًا، وَإِلَّا فَإِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ وَهُوَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ وَلَوْ بَرِئَ جَازَ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْوَطْءِ) لَيْسَ قَيْدًا لِلصِّحَّةِ بَلْ لِلْوُجُوبِ وَنَفْيِ الْحُرْمَةِ، وَفِي مَعْنَى الْوَطْءِ دَوَاعِيهِ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ) أَيْ نِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ لِإِعْتَاقِهِ، أَوْ لِشِرَاءِ الْقَرِيبِ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ وَرِثَ أَبَاهُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ " أَيْ إعْتَاقُهَا " فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ صُنْعِهِ وَالْإِرْثُ جَبْرِيٌّ. وَصُورَةُ إرْثِ الْأَبِ أَنْ يَمْلِكَهُ ذُو رَحِمٍ مِنْ الِابْنِ كَخَالَتِهِ ثُمَّ تَمُوتَ عَنْهُ فَلَوْ نَوَى الْكَفَّارَةَ حِينَ مَوْتِهَا لَمْ يَجْزِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَاهَا عِنْدَ شِرَائِهِ أَبَاهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرًا إلَخْ) تَعْمِيمٌ لِلرَّقَبَةِ، لِأَنَّ الرَّقَبَةَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الذَّاتِ: أَيْ الشَّيْءِ الْمَرْقُوقِ الْمَمْلُوكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ اهـ فَشَمِلَ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَرْقُوقِ لِأَنَّ الْكَمَالَ فِي الرِّقِّ شَرْطٌ دُونَ الْمِلْكِ، وَلِذَا جَازَ الْمُكَاتَبُ الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا لَا الْمُدَبَّرُ عِنَايَةٌ، وَخَرَجَ الْجَنِينُ وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّهُ رَقَبَةٌ مِنْ وَجْهٍ جَزْءٌ مِنْ الْأُمِّ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى يَعْتِقَ بِإِعْتَاقِهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ، وَدَخَلَ الْكَبِيرُ وَلَوْ شَيْخًا فَانِيًا، وَالْمَرِيضُ الَّذِي يُرْجَى بُرْؤُهُ، وَالْمَغْصُوبُ إذَا وَصَلَ إلَيْهِ، بَحْرٌ، لَكِنْ فِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ غَايَةِ السُّرُوجِيِّ: وَلَا يُجْزِئُ الْهَرِمُ الْعَاجِزُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُبَاحَ الدَّمِ) عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى جَامِعِ الْجَوَامِعِ.
وَذَكَرَ قَبْلَهُ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا قُضِيَ بِدَمِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ ثُمَّ عُفِيَ عَنْهُ لَمْ يَجْزِ، وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ، وَظَاهِرُ الْأَوَّلِ الْجَوَازُ وَإِنْ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ، وَلْيُرَاجَعْ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَرْهُونًا) فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ: وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا مَرْهُونًا فَسَعَى الْعَبْدُ فِي الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمَوْلَى لِأَنَّ السِّعَايَةَ لَيْسَتْ بِبَدَلٍ عَنْ الرِّقِّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَدْيُونًا) أَيْ وَإِنْ اخْتَارَ الْغُرَمَاءُ اسْتِسْعَاءَهُ لِأَنَّ اسْتِغْرَاقَ الدَّيْنِ وَاسْتِسْعَاءَهُ لَا يُخِلُّ بِالرِّقِّ وَالْمِلْكِ، فَإِنَّ السِّعَايَةَ لَمْ تُوجِبْ الْإِخْرَاجَ عَنْ الْحُرِّيَّةِ فَوَقَعَ تَحْرِيرًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِغَيْرِ بَدَلٍ عَلَيْهِ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُرْتَدَّةً) أَيْ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ، كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُرْتَدِّ إلَخْ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَقَوْلُهُ " خِلَافٌ " مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مُبَاحَ الدَّمِ فِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا فَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ هُنَا. وَظَاهِرُ الْفَتْحِ اخْتِيَارُ الْجَوَازِ فِي الْمُرْتَدِّ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَيَدْخُلُ فِي الْكَافِرَةِ الْمُرْتَدُّ وَالْمُرْتَدَّةُ، وَلَا خِلَافَ فِي الْمُرْتَدَّةِ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمُرْتَدِّ أَنَّهُ يُقْتَلُ. وَفِي النَّهْرِ: وَفِي الْمُرْتَدِّ خِلَافٌ، وَبِالْجَوَازِ قَالَ الْكَرْخِيُّ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ حَلَالَ الدَّمِ. وَمَنْ مَنَعَ قَالَ إنَّهُ بِالرِّدَّةِ صَارَ حَرْبِيًّا، وَصَرْفُ الْكَفَّارَةِ إلَيْهِ لَا يَجُوزُ اهـ أَيْ لِأَنَّ إعْتَاقَهُ فِي حُكْمِ صَرْفِ الْكَفَّارَةِ إلَيْهِ، وَمُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ إعْتَاقَ الْحَرْبِيِّ لَا يُجْزِئُ اتِّفَاقًا، وَلِذَا أَطْلَقَ فِي الْفَتْحِ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة: لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَإِنْ لَمْ يُخَلِّ سَبِيلَهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ خَلَّى سَبِيلَهُ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، بَعْضُهُمْ قَالُوا لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: إنْ صِيحَ بِهِ يَسْمَعُ وَإِلَّا لَا) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَبِهِ حَصَلَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَرِوَايَةِ النَّوَادِرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِحَمْلِ الثَّانِيَةِ عَلَى الَّذِي وُلِدَ أَصَمَّ وَهُوَ الْأَخْرَسُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: أَوْ خَصِيًّا إلَى قَوْلِهِ: أَوْ قَرْنَاءَ) لِأَنَّهُمْ وَإِنْ فَاتَ فِيهِمْ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ لَكِنَّهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فِي الرَّقِيقِ إذْ الْمَقْصُودُ فِيهِ الِاسْتِخْدَامُ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى، حَتَّى قَالُوا إنْ وَطِئَ الْأَمَةَ مِنْ بَابِ الِاسْتِخْدَامِ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ وَطْؤُهَا كَانَ اسْتِخْدَامُهَا قَاصِرًا لَا مُنْعَدِمًا رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَقْطُوعَ الْأُذُنَيْنِ) أَيْ إذَا كَانَ السَّمْعُ بَاقِيًا بَحْرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute