(فَمَنْ قَذَفَ) بِصَرِيحِ الزِّنَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (زَوْجَتَهُ) الْحَيَّةَ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ - وَلَوْ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ - الْعَفِيفَةَ عَنْ فِعْلِ الزِّنَا وَتُهْمَتِهِ، بِأَنْ لَمْ تُوطَأْ حَرَامًا وَلَوْ مَرَّةً بِشُبْهَةٍ، وَلَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَلَا لَهَا وَلَدٌ بِلَا أَبٍ (وَصَلَحَا لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ) عَلَى الْمُسْلِمِ؛ فَخَرَجَ نَحْوُ قِنٍّ وَصَغِيرٍ، وَدَخَلَ الْأَعْمَى وَالْفَاسِقُ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ (أَوْ) مَنْ (نَفَى نَسَبَ الْوَلَدِ) مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (وَطَالَبَتْهُ) -
ــ
[رد المحتار]
بِالتَّسَامُعِ، بِخِلَافِ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ.
(قَوْلُهُ: بِصَرِيحِ الزِّنَا) كَيَا زَانِيَةُ، أَوْ يَا زَانٍ لِأَنَّهُ تَرْخِيمُ: قَدْ زَنَيْت قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك جَسَدُك، أَوْ نَفْسُك زَانٍ، وَخَرَجَ الْكِنَايَةُ وَالتَّعْرِيضُ نَحْوُ لَسْت أَنَا بِزَانٍ، أَفَادَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ، وَخَرَجَ بِذِكْرِ الزِّنَا اللِّوَاطُ فَلَا لِعَانَ فِيهِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ فِيهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ ط، وَخَرَجَ أَيْضًا وَجَدْت مَعَهَا رَجُلًا يُجَامِعُهَا لِأَنَّ الْجِمَاعَ لَا يَسْتَلْزِمُ الزِّنَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ: فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) أَخْرَجَ دَارَ الْحَرْبِ لِانْقِطَاعِ الْوِلَايَةِ (قَوْلُهُ: زَوْجَتَهُ) شَمِلَ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الْحَيَّةَ) لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ لَمْ تَبْقَ زَوْجَةً وَلِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهَا اللِّعَانُ، فَلَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ الْمَيِّتَةَ فَطَلَبَ مَنْ وَقَعَ الْقَدْحُ فِي نَسَبِهِ مِنْ غَيْرِ أَوْلَادِ الْقَاذِفِ يُحَدُّ لِلْقَذْفِ إنْ لَمْ يُبَرْهِنْ.
أَمَّا لَوْ طَالَبَهُ مَنْ لِلْقَاذِفِ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ يَسْقُطُ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ لِوَلَدِهِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ: بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ) هُوَ إيضَاحٌ لِلتَّقْيِيدِ بِالزَّوْجِيَّةِ، لِأَنَّ الْمَنْكُوحَةَ فَاسِدًا غَيْرُ زَوْجَةٍ، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا فِيهِ لَمْ تَبْقَ عَفِيفَةً أَيْضًا فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ) خَرَجَتْ الْمُبَانَةُ فَلَا لِعَانَ فِيهَا، لَكِنَّهُ يُحَدُّ كَالْأَجْنَبِيِّ قُهُسْتَانِيٌّ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ط (قَوْلُهُ: الْعَفِيفَةَ) ذَاتٌ لَهَا صِفَةٌ تَغْلِبُ عَلَى الشَّهْوَةِ، وَفِي الشَّرِيعَةِ امْرَأَةٌ بَرِيئَةٌ مِنْ الْوَطْءِ الْحَرَامِ وَالتُّهْمَةِ قُهُسْتَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ تُوطَأْ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْعِفَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَقَوْلُهُ: حَرَامًا: أَيْ وَطْئًا حَرَامًا: أَيْ مُحَرَّمًا لِعَيْنِهِ لَا لِعَارِضٍ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ مِلْكٍ صَحِيحٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَحَرُمَ لِعَارِضِ حَيْضٍ وَنَحْوِهِ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالزِّنَا هُنَا مَا أَوْجَبَ الْحَدَّ، وَلِذَا قَالَ وَلَوْ مَرَّةً بِشُبْهَةٍ: أَيْ وَلَوْ كَانَ بِشُبْهَةٍ كَوَطْءِ مُعْتَدَّتِهِ مِنْ بَائِنٍ وَإِنْ ظَنَّ حِلَّهُ، وَقَوْلُهُ: وَلَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ، الْأَوْلَى، أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِشُبْهَةٍ لِأَنَّهُ مِنْ الْوَطْءِ الْحَرَامِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا لَهَا وَلَدٌ إلَخْ الْأَوْلَى وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ لَمْ تُوطَأْ لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ " وَتُهْمَتِهِ " فَإِنَّهَا تُتَّهَمُ بِالزِّنَا بِوُجُودِ وَلَدٍ لَهَا بِلَا أَبٍ أَيْ بِلَا أَبٍ مَعْرُوفٍ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْقَذْفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ عَدَمُهَا فِي بَلَدِ الْقَذْفِ لَا فِي كُلِّ الْبِلَادِ (قَوْلُهُ: وَصَلَحَا) أَيْ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ) لَا لِتَحَمُّلِهَا كَمَا مَرَّ فَإِنَّ الصَّبِيَّ أَهْلٌ لِلتَّحَمُّلِ لَا لِلْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ نَحْوُ قِنٍّ إلَخْ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَنْ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ، وَمِنْهُ مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ، أَوْ كَافِرًا كَمَا مَرَّ. وَصُورَةُ مَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ كَافِرًا فَقَطْ مَا فِي الْبَدَائِعِ: أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ ثُمَّ قَبْلَ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ قَذَفَهَا بِالزِّنَا اهـ أَيْ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَيْهَا بِالزِّنَا، وَلَا شَهَادَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ، وَهَذَا يَرُدُّ مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ صَلَاحِيَةُ الشَّهَادَةِ حَالَةَ اللِّعَانِ لَا حَالَةَ الْقَذْفِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ جَرَيَانُهُ بَيْنَ كَافِرَيْنِ وَرَقِيقَيْنِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَالْعِتْقِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْحَالَتَيْنِ وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْإِحْصَانِ حَالَةَ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ: وَدَخَلَ الْأَعْمَى إلَخْ) تَقَدَّمَ بَيَانُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ نَفَى نَسَبَ الْوَلَدِ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا صَرَّحَ مَعَهُ بِالزِّنَا، أَوْ لَا عَلَى مُخْتَارِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَهُوَ الْحَقُّ، خِلَافًا لِمَا فِي الْمُحِيطِ وَالْمُبْتَغَى لِأَنَّ قَطْعَ النَّسَبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يَسْتَلْزِمُ الزِّنَا، وَاحْتِمَالُ كَوْنِ الْوَلَدِ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ سَاقِطٌ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ لَسْتُ بِأَبِيكَ يَكُونُ قَاذِفًا لِأُمِّهِ حَتَّى يَلْزَمَهُ حَدُّ الْقَذْفِ مَعَ وُجُودِ هَذَا الِاحْتِمَالِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ. [تَنْبِيهٌ]
فِي الذَّخِيرَةِ لَا يُشْرَعُ اللِّعَانُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ فِي الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ وَمَنْ لَا يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَجْبُوبَ يُنْزِلُ بِالسَّحْقِ وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهِ عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْفَتْحِ وَيَأْتِي فِي أَوَّلِ اللِّعَانِ مَا يُؤَيِّدُهُ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) مُتَعَلِّقٌ بِنَسَبَ، أَوْ بِنَفَى، وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ نَفَى نَسَبَ وَلَدِ زَوْجَتِهِ مِنْ أَبِيهِ (قَوْلُهُ: وَطَالَبَتْهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute