للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ مَائِعًا، فَلَوْ مُبَايِنًا لِأَوْصَافِهِ فَبِتَغَيُّرِ أَكْثَرِهَا، أَوْ مُوَافِقًا كَلَبَنٍ فَبِأَحَدِهَا أَوْ مُمَاثِلًا كَمُسْتَعْمَلٍ فَبِالْأَجْزَاءِ، فَإِنَّ الْمُطْلَقَ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ جَازَ التَّطْهِيرُ بِالْكُلِّ وَإِلَّا لَا، وَهَذَا يَعُمُّ الْمُلْقَى وَالْمُلَاقِيَ، فَفِي الْفَسَاقِيِ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ مَا لَمْ يُعْلَمْ تَسَاوِي الْمُسْتَعْمَلِ عَلَى مَا حَقَّقَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ الْمِنَحِ. قُلْت: لَكِنَّ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْوَهْبَانِيَّةِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَرَاجِعْهُ مُتَأَمِّلًا.

ــ

[رد المحتار]

طُرِحَ فِيهِ زَاجٌ أَوْ عَفْصٌ وَصَارَ يُنْقَشُ بِهِ لِزَوَالِ اسْمِ الْمَاءِ عَنْهُ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ وَسَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَائِعًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَوْ جَامِدًا. ثُمَّ الْمَائِعُ إمَّا مُبَايِنٌ لِجَمِيعِ الْأَوْصَافِ: أَعْنِي الطَّعْمَ وَاللَّوْنَ وَالرِّيحَ كَالْخَلِّ، أَوْ مُوَافِقٌ فِي بَعْضٍ مُبَايِنٌ فِي بَعْضٍ، أَوْ مُمَاثِلٌ فِي الْجَمِيعِ وَذَكَرَ تَفْصِيلَهُ وَأَحْكَامَهُ.

(قَوْلُهُ: فَبِتَغَيُّرِ أَكْثَرِهَا) أَيْ فَالْغَلَبَةُ بِتَغَيُّرِ أَكْثَرِهَا وَهُوَ وَصْفَانِ، فَلَا يَضُرُّ ظُهُورُ وَصْفٍ وَاحِدٍ فِي الْمَاءِ مِنْ أَوْصَافِ الْخَلِّ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ: كَلَبَنٍ) فَإِنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْمَاءِ فِي عَدَمِ الرَّائِحَةِ مُبَايِنٌ لَهُ فِي الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ وَكَمَاءِ الْبِطِّيخِ أَيْ بَعْضُ أَنْوَاعِهِ، فَإِنَّهُ مُوَافِقٌ لَهُ فِي عَدَمِ اللَّوْنِ وَالرَّائِحَةِ مُبَايِنٌ لَهُ فِي الطَّعْمِ. هَذَا وَفِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ عَلَى الْبَحْرِ أَنَّ الْمُشَاهَدَ فِي اللَّبَنِ مُخَالَفَتُهُ لِلْمَاءِ فِي الرَّائِحَةِ.

(قَوْلُهُ: فَبِأَحَدِهَا) أَيْ فَغَلَبَتُهُ بِتَغَيُّرِ أَحَدِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ كَالطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ فِي اللَّبَنِ وَكَالطَّعْمِ فَقَطْ فِي الْبِطِّيخِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: كَمُسْتَعْمَلٍ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ وَكَالْمَاءِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِالتَّقْطِيرِ مِنْ لِسَانِ الثَّوْرِ وَمَاءِ الْوَرْدِ الْمُنْقَطِعِ الرَّائِحَةِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُطْلَقُ أَكْثَرَ، بِأَنْ كَانَ أَقَلَّ أَوْ مُسَاوِيًا لَا يَجُوزُ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ اعْتِبَارِ الْإِجْزَاءِ فِي الْمُسْتَعْمَلِ يَعُمُّ الْمُلْقَى بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ مَا كَانَ مُسْتَعْمَلًا مِنْ خَارِجٍ ثُمَّ أُخِذَ وَأُلْقِيَ فِي الْمَاءِ الْمُطْلَقِ وَخُلِطَ بِهِ وَالْمُلَاقِي أَيْ وَاَلَّذِي لَاقَى الْعُضْوَ مِنْ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ الْقَلِيلِ بِأَنْ انْغَمَسَ فِيهِ مُحْدِثٌ أَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ. مَطْلَبٌ فِي مَسْأَلَةِ الْوُضُوءِ مِنْ الْفَسَاقِيِ.

(قَوْلُهُ: فَفِي الْفَسَاقِيِ) أَيْ الْحِيَاضِ الصِّغَارِ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ مِنْهَا مَعَ عَدَمِ جَرَيَانِهَا، وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْمِيمِ، وَمِنْ جُمْلَةِ الْفَسَاقِيِ مَغْطِسُ الْحَمَّامِ وَبِرَكُ الْمَسَاجِدِ وَنَحْوُهَا مِمَّا لَمْ يَكُنْ جَارِيًا وَلَمْ يَبْلُغْ عَشْرًا فِي عَشْرٍ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَجُوزُ فِيهَا الِاغْتِسَالُ وَالْوُضُوءُ مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي لَاقَى أَعْضَاءَ الْمُتَطَهِّرِينَ سَاوَى الْمُطْلَقَ أَوْ غَلَبَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا حَقَّقَهُ فِي الْبَحْرِ إلَخْ) حَيْثُ اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِإِطْلَاقِهِمْ الْمُفِيدِ لِلْعُمُومِ كَمَا مَرَّ، وَبِقَوْلِ الْبَدَائِعِ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ إنَّمَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مُطَهِّرًا بِاخْتِلَاطِ غَيْرِ الْمُطَهَّرِ بِهِ إذَا كَانَ غَيْرُ الْمُطَهِّرِ غَالِبًا كَمَاءِ الْوَرْدِ وَاللَّبَنِ لَا مَغْلُوبًا، وَهَا هُنَا الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ مَا يُلَاقِي الْبَدَنَ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَعْمَلِ فَكَيْفَ يَخْرُجُ بِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُطَهِّرًا اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْحِلْيَةِ لِابْنِ أَمِيرٍ الْحَاجِّ. وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ سِرَاجِ الدِّينِ قَارِئِ الْهِدَايَةِ الَّتِي جَمَعَهَا تِلْمِيذُهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ سُئِلَ عَنْ فَسْقِيَّةٍ صَغِيرَةٍ يَتَوَضَّأُ فِيهَا النَّاسُ وَيَنْزِلُ فِيهَا الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ وَفِي كُلِّ يَوْمٍ يَنْزِلُ فِيهَا مَاءٌ جَدِيدٌ هَلْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ فِيهَا؟ أَجَابَ إذَا لَمْ يَقَعْ فِيهَا غَيْرُ الْمَاءِ الْمَذْكُورِ لَا يَضُرُّ اهـ يَعْنِي وَأَمَّا إذَا وَقَعَتْ فِيهَا نَجَاسَةٌ تَنَجَّسَتْ لِصِغَرِهَا، وَقَدْ اسْتَدَلَّ فِي الْبَحْرِ بِعِبَارَاتٍ أُخَرَ لَا تَدُلُّ لَهُ كَمَا يَظْهَرُ لِلْمُتَأَمِّلِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْمُلْقَى، وَالنِّزَاعُ فِي الْمُلَاقِي كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَيْهِ فَلِذَا اقْتَصَرْنَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا.

(قَوْلُهُ: فَرَّقَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمُلْقَى وَالْمُلَاقِي حَيْثُ قَالَ: وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ بِالْجُزْءِ الَّذِي يُلَاقِي جَسَدَهُ دُونَ بَاقِي الْمَاءِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ الْجُزْءُ مُسْتَهْلَكًا فِي كَثِيرٍ فَهُوَ مَرْدُودٌ لِسَرَيَانِ الِاسْتِعْمَالِ فِي الْجَمِيعِ حُكْمًا، وَلَيْسَ كَالْغَالِبِ يُصَبُّ يَصُبُّ الْقَلِيلُ مِنْ الْمَاءِ فِيهِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>