(وَلَوْ أَخْطَأَ الْحَاكِمُ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ وُجُودِ الْأَكْثَرِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا صَحَّ وَلَوْ بَعْدَ الْأَقَلِّ) أَيْ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ (لَا) وَلَوْ فَرَّقَ بَعْدَ لِعَانِهِ قَبْلَ لِعَانِهَا نَفَذَ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ، وَقَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ بِغَيْرِ الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ، أَمَّا هُوَ فَلَا يَنْفُذُ (وَحَرُمَ وَطْؤُهَا بَعْدَ اللِّعَانِ قَبْلَ التَّفْرِيقِ) لِمَا مَرَّ وَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ.
(وَإِنْ قَذَفَ) الزَّوْجُ (بِوَلَدٍ) حَيٍّ (نَفَى) الْحَاكِمُ (نَسَبَهُ) عَنْ أَبِيهِ (وَأَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ) بِشَرْطِ صِحَّةِ النِّكَاحِ، وَكَوْنِ الْعُلُوقِ فِي حَالٍ يَجْرِي فِيهِ اللِّعَانُ حَتَّى لَوْ عَلِقَ وَهِيَ أَمَةٌ، أَوْ كِتَابِيَّةٌ فَعَتَقَتْ، أَوْ أَسْلَمَتْ لَا يُنْفَى لِعَدَمِ التَّلَاعُنِ، وَأَمَّا شُرُوطُ النَّفْيِ فَسِتَّةٌ مَبْسُوطَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْبَدَائِعِ وَسَيَجِيءُ (وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ) .
ــ
[رد المحتار]
عَزْلُ الْحَاكِمِ وَمَوْتُهُ. وَلَهُمَا أَنَّ تَمَامَ الْإِمْضَاءِ فِي التَّفْرِيقِ وَالْإِنْهَاءِ فَلَا يَتَنَاهَى قَبْلَهُ فَيَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ، وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ حُرْمَةُ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّفْرِيقِ وَسَيَأْتِي خِلَافُهُ، وَمُفَادُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهَا التَّلَاعُنَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بَعْدَ وُجُودِ الْأَكْثَرِ) بِأَنْ الْتَعَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ التَّفْرِيقُ وَقَدْ أَخْطَأَ السُّنَّةَ كَافٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ) فَإِنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَائِلٌ بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِلِعَانِ الزَّوْجِ فَقَطْ، كَذَا فِي النَّهْرِ ح.
قُلْت: وَقَدَّمْنَا فِي الْخُلْعِ وَفِي أَوَّلِ الظِّهَارِ مَعْنَى الْمُجْتَهَدِ فِيهِ، وَإِذَا فَهِمْته تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ كَوْنُهُ مُجْتَهَدًا فِيهِ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِ الْخِلَافِ فِيهِ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ) الْمُرَادُ بِغَيْرِهِ مَنْ يَرَى جَوَازَهُ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ، أَوْ بِتَقْلِيدٍ لِلْمُجْتَهِدِ كَشَافِعِيٍّ (قَوْلُهُ: أَمَّا هُوَ فَلَا يَنْفُذُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ الْحُكْمُ بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ، وَلَا سِيَّمَا قُضَاةَ زَمَانِنَا الْمَأْمُورِينَ بِالْحُكْمِ بِأَصَحِّ أَقْوَالِ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ وَطْؤُهَا) أَيْ وَدَوَاعِيهِ كَمَا مَرَّ ط (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ حَدِيثِ «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» ح (قَوْلُهُ: وَلَهَا) أَيْ لِلْمُلَاعِنَةِ بَعْدَ التَّفْرِيقِ ط (قَوْلُهُ: نَفَقَةُ الْعِدَّةِ) أَيْ وَالسُّكْنَى، وَإِذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ إلَى سَنَتَيْنِ لَزِمَهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ لَزِمَهُ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا فِي الْكَافِي.
(قَوْلُهُ: حَيٍّ) فَلَوْ نَفَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَاعَنَ وَلَمْ يَقْطَعْ نَسَبَهُ، وَكَذَا لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا مَيِّتٌ فَنَفَاهُمَا، أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ اللِّعَانِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: نَفَى نَسَبَهُ) أَيْ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: قَطَعْت نَسَبَ هَذَا الْوَلَدِ عَنْهُ بَعْدَمَا قَالَ فَرَّقْت بَيْنَكُمَا كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَفِي الْمَبْسُوطِ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ التَّفْرِيقِ نَفْيُ النَّسَبِ كَمَا بَعْدَ الْمَوْتِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَنْتَفِي النَّسَبُ بَحْرٌ عَنْ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ) هَذَا غَيْرُ لَازِمٍ فِي النَّفْيِ، وَإِنَّمَا خَرَجَ مَخْرَجَ التَّأْكِيدِ نَهْرٌ عَنْ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ صِحَّةِ النِّكَاحِ) هَذَا الشَّرْطُ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ زَادَهُمَا فِي الْبَحْرِ عَلَى شُرُوطِ النَّفْيِ السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَعُدَّهُمَا الشَّارِحُ مَعَ السِّتَّةِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُمَا لَيْسَا شَرْطَيْنِ لِلنَّفْيِ أَصَالَةً، وَإِنَّمَا هُمَا شَرْطَانِ لِلِّعَانِ كَمَا أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ فَهُمَا مِنْ شُرُوطِ النَّفْيِ بِوَاسِطَةٍ لَكِنَّ الثَّانِيَ يُغْنِي عَنْ الْأَوَّلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التَّلَاعُنِ) لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ وَلَيْسَتْ وَقْتَهُ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ، وَلَا يَنْتَفِي النَّسَبُ بِدُونِ لِعَانٍ (قَوْلُهُ: فَسِتَّةٌ) الْأَوَّلُ التَّفْرِيقُ. الثَّانِي أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْوِلَادَةِ، أَوْ بَعْدَهَا بِيَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ.
الثَّالِثُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ مِنْهُ إقْرَارٌ بِهِ - وَلَوْ دَلَالَةً - كَسُكُوتِهِ عِنْدَ التَّهْنِئَةِ مَعَ عَدَمِ رَدِّهِ.
الرَّابِعُ حَيَاةُ الْوَلَدِ وَقْتَ التَّفْرِيقِ.
الْخَامِسُ أَنْ لَا تَلِدَ بَعْدَ التَّفْرِيقِ وَلَدًا آخَرَ مِنْ بَطْنٍ وَاحِدٍ.
السَّادِسُ أَنْ لَا يَكُونَ مَحْكُومًا بِثُبُوتِهِ شَرْعًا كَأَنْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَانْقَلَبَ عَلَى رَضِيعٍ فَمَاتَ الرَّضِيعُ وَقُضِيَ بِدِيَتِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ ثُمَّ نَفَى الْأَبُ نَسَبَهُ يُلَاعِنُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَلَا يَقْطَعُ نَسَبَ الْوَلَدِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ قَضَاءٌ بِكَوْنِ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَلَا يَنْقَطِعُ النَّسَبُ بَعْدَهُ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ: نَفْيُ الْوَلَدِ الْحَيِّ إلَخْ لَكِنَّ الْمَذْكُورَ هُنَاكَ أَكْثَرُ الشُّرُوطِ لَا كُلُّهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حُدَّ) أَيْ إذَا أَكْذَبَهَا بَعْدَ اللِّعَانِ، فَلَوْ قَبْلَهُ يُنْظَرُ، فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ الْإِكْذَابِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ أَبَانَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ زَيْلَعِيٌّ أَيْ لِأَنَّ اللِّعَانَ لَمْ يَسْتَقِرَّ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute