وَلَوْ تَيَقَّنَاهُ بِوِلَادَتِهَا لِأَقَلِّ الْمُدَّةِ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: إنْ كُنْتِ حَامِلًا فَكَذَا، وَالْقَذْفُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ.
(وَتَلَاعَنَا) بِقَوْلِهِ (زَنَيْتِ وَهَذَا الْحَمْلُ مِنْهُ) لِلْقَذْفِ الصَّرِيحِ (وَلَمْ يَنْفِ) الْحَاكِمُ (الْحَمْلَ) لِعَدَمِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ قَبْلَ وِلَادَتِهِ، وَنَفْيُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَدَ هِلَالٍ لِعِلْمِهِ بِالْوَحْيِ (نَفْيُ الْوَلَدِ) الْحَيِّ (عِنْدَ التَّهْنِئَةِ) وَمُدَّتُهَا سَبْعَةُ أَيَّامٍ عَادَةً (وَ) عِنْدَ (ابْتِيَاعِ آلَةِ الْوِلَادِ صَحَّ وَبَعْدَهُ لَا) لِإِقْرَارِهِ بِهِ دَلَالَةً، وَلَوْ غَائِبًا فَحَالَةُ عِلْمِهِ كَحَالَةِ وِلَادَتِهَا (وَلَاعَنَ فِيهِمَا) فِيمَا إذَا صَحَّ أَوَّلًا لِوُجُودِ الْقَذْفِ، فَقَدْ تَحَقَّقَ اللِّعَانُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ وَلَمْ يَنْتَفِ النَّسَبُ، فَقَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ " وَنَفَى نَسَبَهُ " لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ. .
(نَفَى أَوَّلَ التَّوْأَمَيْنِ وَأَقَرَّ بِالثَّانِي حُدَّ) إنْ لَمْ يَرْجِعْ لِتَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ
ــ
[رد المحتار]
وَالْوَصِيَّةُ بِهِ وَلَهُ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ إلَّا بَعْدَ الِانْفِصَالِ، فَيَثْبُتَانِ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ. وَأَمَّا الْعِتْقُ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ فَعِتْقُهُ مُعَلَّقٌ مَعْنًى، وَأَمَّا رَدُّ الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ بِالْحَمْلِ فَلِأَنَّ الْحَمْلَ ظَاهِرٌ، وَاحْتِمَالَ الرِّيحِ شُبْهَةٌ، وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ لَا يَمْتَنِعُ بِالشُّبْهَةِ، وَيَمْتَنِعُ اللِّعَانُ بِهَا لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْحُدُودِ، وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ بِالشُّبَهِ فَلَا يُقَاسُ عَلَى الْعَيْبِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَيَقَّنَاهُ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ يُجْرِيَانِ اللِّعَانَ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِلتَّيَقُّنِ بِقِيَامِهِ.
(قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِ بِالْوَحْيِ) أَيْ لِعِلْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَمْلِ وَحْيًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمُرَادُ الْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلَّا بِهِ لِقَوْلِهِمَا إنَّهُ يُلَاعِنُ إذَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلِّ الْمُدَّةِ. وَعَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إنَّهُ يُلَاعِنُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ، وَهَذَا بَعْدَ تَسْلِيمِ كَوْنِ هِلَالٍ قَذَفَهَا بِنَفْيِ الْحَمْلِ، فَقَدْ أَنْكَرَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ بَلْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا وَقَالَ: وَجَدْتُ شَرِيكَ بْنَ سَحْمَاءَ عَلَى بَطْنِهَا يَزْنِي بِهَا عَلَى أَنَّ كَوْنَ لِعَانِهِمَا قَبْلَ الْوَضْعِ مُعَارَضٌ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّهُ بَعْدَهُ، فَلَا يُسْتَدَلُّ بِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ لِلتَّعَارُضِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ، وَلَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَاهُ قَبْلَ الْوَضْعِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ تَبَعًا لِلنَّهْرِ، وَإِنَّمَا فِيهِ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اُنْظُرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا فَهُوَ لِهِلَالٍ، أَوْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا فَهُوَ لِشَرِيكٍ وَأَنَّهَا وَلَدَتْ فَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ وَجَاءَتْ بِهِ أَشْبَهَ النَّاسِ بِشَرِيكٍ» (قَوْلُهُ: عِنْدَ التَّهْنِئَةِ) بِالْهَمْزِ مِنْ هَنَّأْته بِالْوَلَدِ بِالتَّثْقِيلِ وَالْهَمْزِ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: وَمُدَّتُهَا سَبْعَةُ أَيَّامٍ عَادَةً) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَمْ يُقَدَّرْ زَمَنُهَا بِشَيْءٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ الْإِمَامِ تَقْدِيرُهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ سَبْعَةٌ وَضَعَّفَهُ السَّرَخْسِيُّ بِأَنَّ نَصْبَ الْمَقَادِيرِ بِالرَّأْيِ لَا يَجُوزُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ. وَعِنْدَهُمَا تَقْدِيرُهُ بِمُدَّةِ النِّفَاسِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ ابْتِيَاعِ آلَةِ الْوِلَادَةِ) أَيْ عِنْدَ شِرَائِهَا كَالْمَهْدِ وَنَحْوِهِ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ وَكَلَامُ الْفَتْحِ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ لَا) أَيْ بَعْدَ قَبُولِهِ التَّهْنِئَةَ أَوْ سُكُوتِهِ عِنْدَهَا، أَوْ شِرَاءِ آلَةِ الْوِلَادَةِ، وَسُكُوتِهِ عَنْ النَّفْيِ، وَمُضِيُّ ذَلِكَ الْوَقْتِ إقْرَارٌ مِنْهُ مِنَحٌ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي اُعْتُبِرَ فِيهَا السُّكُوتُ رِضًا إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ إذَا هُنِّئَ بِهِ فَسَكَتَ لَا يَكُونُ قَبُولًا لِأَنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ إلَّا بِالدَّعْوَةِ، وَالسُّكُوتُ لَيْسَ دَعْوَةً، وَنَسَبُ وَلَدِ الْمَنْكُوحَةِ ثَابِتٌ مِنْهُ فَسُكُوتُهُ يُسْقِطُ حَقَّهُ فِي النَّفْيِ اهـ وَوَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ كَوَلَدِ الْمَنْكُوحَةِ لِأَنَّ لَهَا فِرَاشًا، بِخِلَافِ الْأَمَةِ لِأَنَّهَا لَا فِرَاشَ لَهَا جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ: فَحَالَةُ عِلْمِهِ كَحَالَةِ وِلَادَتِهَا) فَتُجْعَلُ كَأَنَّهَا وَلَدَتْهُ الْآنَ، فَلَهُ النَّفْيُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مِقْدَارِ مَا يَقْبَلُ فِيهِ التَّهْنِئَةَ. وَعِنْدَهُمَا فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ النِّفَاسِ بَعْدَ الْقُدُومِ كَمَا فِي الْفَتْحِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ) بَلْ هُوَ مَشْرُوطٌ بِالشُّرُوطِ السِّتَّةِ الْمَارَّةِ.
(قَوْلُهُ: نَفَى أَوَّلَ التَّوْأَمَيْنِ) تَثْنِيَةُ تَوْأَمٍ فَوْعَلٍ، وَالْأُنْثَى تَوْأَمَةٌ، وَالْجَمْعُ تَوَائِمُ وَتُؤَامٌ كَدُخَانٍ مِصْبَاحٌ. وَهُمَا وَلَدَانِ بَيْنَ وِلَادَتِهِمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَرْجِعْ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالثَّانِي يُلَاعِنُ. اهـ. ح. وَذَكَرَ الرَّحْمَتِيُّ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالدُّرَرِ وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهَا وَلَا هُوَ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى، وَكَأَنَّهُ غَلَطٌ مِنْ الْكَاتِبِ لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ بِالثَّانِي كَذَّبَ نَفْسَهُ بِنَفْيِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُمَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ فَصَارَ قَاذِفًا، وَرُجُوعُهُ لَا يُسْقِطُ الْحَدَّ عَنْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِتَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ) أَيْ بِإِقْرَارِهِ بِالثَّانِي، وَهَذَا عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute