(وَلَا يَتَخَيَّرُ أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (بِعَيْبِ الْآخَرِ) فَاحِشًا كَجُنُونٍ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَرَتَقٍ وَقَرْنٍ، وَخَالَفَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ فِي الْخَمْسَةِ لَوْ بِالزَّوْجِ، وَلَوْ قُضِيَ بِالرَّدِّ صَحَّ فَتْحٌ. .
(وَلَوْ تَرَاضَيَا) أَيْ الْعِنِّينُ وَزَوْجَتُهُ (عَلَى النِّكَاحِ) ثَانِيًا (بَعْدَ التَّفْرِيقِ صَحَّ) وَلَهُ شَقُّ رَتَقِ أَمَتِهِ وَكَذَا زَوْجَتِهِ، وَهَلْ تُجْبَرُ؟ الظَّاهِرُ: نَعَمْ، لِأَنَّ التَّسْلِيمَ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا لَا يُمْكِنُهُ بِدُونِهِ نَهْرٌ.
قُلْت: وَأَفَادَ الْبَهْنَسِيُّ أَنَّهَا لَوْ تَزَوَّجَتْهُ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ، أَوْ سُنِّيٌّ، أَوْ قَادِرٌ عَلَى الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فَإِذَا هُوَ لَقِيطٌ، أَوْ ابْنُ زِنًا كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فَلْيُحْفَظْ.
ــ
[رد المحتار]
وَلَا يَعْجِزُ عَنْ غَيْرِهَا. اهـ. ح. وَاسْتَظْهَرَ الرَّحْمَتِيُّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ بِأَنَّ عَجْزَهُ عَنْ الْوُصُولِ إلَى الْأُولَى قَدْ يَكُونُ لِسِحْرِهِ عَنْهَا فَقَطْ.
قُلْت: وَوَجْهُ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ بَعْدَ عِلْمِهَا بِتَحَقُّقِ عَجْزِهِ وَعَدَمِ عِلْمِهَا بِأَنَّ عَجْزَهُ مُخْتَصٌّ بِالْأُولَى تَكُونُ رَاضِيَةً بِهِ، وَطَمَعُهَا فِي وُصُولِهِ إلَيْهَا يُؤَكِّدُ رِضَاهَا بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَخَيَّرُ إلَخْ) أَيْ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ خِيَارُ فَسْخِ النِّكَاحِ بِعَيْبٍ فِي الْآخَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي زِيَادٍ وَأَبِي قِلَابَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالْخَطَّابِيِّ وَدَاوُد الظَّاهِرِيِّ وَأَتْبَاعِهِ. وَفِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ مَذْهَبُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَجُذَامٍ) هُوَ دَاءٌ يَتَشَقَّقُ بِهِ الْجِلْدُ وَيُنْتِنُ وَيَقْطَعُ اللَّحْمَ قُهُسْتَانِيٌّ عَنْ الطِّلْبَةِ (قَوْلُهُ: وَبَرَصٍ) هُوَ بَيَاضٌ فِي ظَاهِرِ الْجِلْدِ يُتَشَاءَمُ بِهِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَرَتَقٍ) بِالتَّحْرِيكِ: انْسِدَادُ مَدْخَلِ الذَّكَرِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: وَقَرْنٍ) كَفَلْسِ: لَحْمٌ يَنْبُتُ فِي مَدْخَلِ الذَّكَرِ كَالْغُدَّةِ، وَقَدْ يَكُونُ عَظْمًا مِصْبَاحٌ. وَنَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ لِلْقَاضِي زَكَرِيَّا أَنَّ الْفَتْحَ عَلَى إرَادَةِ الْمَصْدَرِ، وَالْإِسْكَانَ عَلَى إرَادَةِ الِاسْمِ، إلَّا أَنَّ الْفَتْحَ أَرْجَحُ لِكَوْنِهِ مُوَافِقًا لِبَاقِي الْعُيُوبِ فَإِنَّهَا كُلَّهَا مَصَادِرُ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ. وَأَمَّا إنْكَارُ بَعْضِهِمْ عَلَى الْفُقَهَاءِ فَتْحَهُ، وَتَلْحِينُهُ إيَّاهُمْ فَلَيْسَ كَمَا ذَكَرَ اهـ (قَوْلُهُ: لَوْ بِالزَّوْجِ) فِي الْعِبَارَةِ خَلَلٌ فَإِنَّهَا تَقْتَضِي عَدَمَ خِيَارِ الزَّوْجِ عِنْدَهُمْ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْخَمْسَةُ فِي الزَّوْجَةِ وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَصْلَهَا: وَخَالَفَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ فِي الْخَمْسَةِ مُطْلَقًا وَمُحَمَّدٌ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ لَوْ بِالزَّوْجِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ. اهـ. ح.
قُلْت: وَفِي نُسْخَةٍ: وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَوْ بِالزَّوْجِ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهَا أَنَّ الرَّتَقَ وَالْقَرْنَ لَا يُوجَدَانِ بِالزَّوْجِ. هَذَا، وَقَدْ تَكَفَّلَ فِي الْفَتْحِ بِرَدِّ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَمُحَمَّدٌ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قُضِيَ بِالرَّدِّ صَحَّ) أَيْ لَوْ قَضَى بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ فَأَفَادَ أَنَّهُ مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا فِي الْبَحْرِ وَلَمْ أَرَهَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: صَحَّ) إلَّا رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ كَتَفْرِقَةِ اللِّعَانِ، وَهَذَا بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ بَحْرٌ عَنْ الْمِعْرَاجِ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا زَوْجَتُهُ) أَيْ لَهُ شَقُّ رَتَقِهَا، لَكِنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ غَيْرُ مَنْقُولَةٍ وَإِنَّمَا الْمَنْقُولُ قَوْلُهُمْ فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ الْخِيَارِ بِعَيْبِ الرَّتَقِ لِإِمْكَانِ شَقِّهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ، وَلَكِنْ مَا رَأَيْت هَلْ يَشُقُّ جَبْرًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّسْلِيمَ الْوَاجِبَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِهِ ارْتِكَابُ هَذِهِ الْمَشَقَّةِ، فَقَدْ سَقَطَ الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ لِلْمَشَقَّةِ وَسَقَطَ الصَّوْمُ عَنْ الْمُرْضِعِ إذَا خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ وَلَدِهَا، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذَا وَاجِبٌ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ الْعِبَادِ ط (قَوْلُهُ: لَهَا الْخِيَارُ) أَيْ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ. وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ مَشَايِخِ مَشَايِخِنَا بِأَنَّ الْخِيَارَ لِلْعَصَبَةِ.
قُلْت: وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَوَّلَ بَابِ الْكَفَاءَةِ مِنْ أَنَّهَا حَقُّ الْوَلِيِّ لَا حَقُّ الْمَرْأَةِ لَكِنْ حَقَّقْنَا هُنَاكَ أَنَّ الْكَفَاءَةَ حَقُّهُمَا، وَنَقَلْنَا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: لَوْ انْتَسَبَ الزَّوْجُ لَهَا نَسَبًا غَيْرَ نَسَبِهِ فَإِنْ ظَهَرَ دُونَهُ وَهُوَ لَيْسَ بِكُفْءٍ فَحَقُّ الْفَسْخِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute