للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَفِي) حَقِّ (امْرَأَةِ الْفَارِّ مِنْ) الطَّلَاقِ (الْبَائِنُ) إنْ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ (أَبْعَدُ الْأَجَلَيْنِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَعِدَّةِ الطَّلَاقِ) احْتِيَاطًا، بِأَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ فِيهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ شُمُنِّيٌّ، وَفِيهِ قُصُورٌ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَرَ فِيهَا حَيْضًا تَعْتَدُّ بَعْدَهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ، حَتَّى لَوْ امْتَدَّ طُهْرُهَا تَبْقَى عِدَّتُهَا حَتَّى تَبْلُغَ سِنَّ الْإِيَاسِ فَتْحٌ (وَ) قَيَّدَ بِالْبَائِنِ لِأَنَّ (لِمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيِّ مَا لِلْمَوْتِ) إجْمَاعًا.

ــ

[رد المحتار]

فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ. قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَلَوْ مَاتَ وَاسْتَمَرَّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ لَمْ تَنْقَضِ إلَّا بِوَضْعِهِ لِعُمُومِ الْآيَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ، وَلَا مُبَالَاةَ بِتَضَرُّرِهَا بِذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: قَالَ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ أَفْتَى جَمَاعَةُ عَصْرِنَا بِالتَّوَقُّفِ عَلَى خُرُوجِهِ. وَاَلَّذِي أَقُولُهُ عَدَمُ التَّوَقُّفِ إذَا أَيِسَ مِنْ خُرُوجِهِ لِتَضَرُّرِهَا بِمَنْعِهَا مِنْ التَّزَوُّجِ اهـ وَلَا شَيْءَ مِنْ قَوَاعِدِنَا يَدْفَعُ مَا قَالُوهُ فَاعْلَمْ ذَلِكَ اهـ مُلَخَّصًا، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ تَبْلُغَ حَدَّ الْإِيَاسِ هُوَ الْإِيَاسُ مِنْ خُرُوجِهِ، وَهَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ نِهَايَةُ حَدِّ الْحَمْلِ وَهُوَ أَرْبَعُ سِنِينَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَسَنَتَانِ عِنْدَنَا، أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، مُحْتَمَلٌ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِمَا قَالَهُ الْجَمَاعَةُ الْمُوَافِقَةُ صَرِيحَ الْآيَةِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي حَقِّ امْرَأَةِ الْفَارِّ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ سَابِقًا فِي حَقِّ حُرَّةٍ تَحِيضُ، وَمُتَعَلِّقٌ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ وَهُوَ الضَّمِيرُ الْعَائِدُ عَلَى الْعِدَّةِ، وَقَوْلُهُ " مِنْ الطَّلَاقِ " مُتَعَلِّقٌ بِهِ. وَلَوْ قَالَ لِلطَّلَاقِ بِاللَّامِ لَكَانَ أَظْهَرَ، وَالْمُرَادُ بِامْرَأَةِ الْفَارِّ مَنْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ بِغَيْرِ رِضَاهَا بِحَيْثُ صَارَ فَارًّا وَمَاتَ فِي عِدَّتِهَا فَعِدَّتُهَا أَبْعَدُ الْأَجَلَيْنِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ وَإِنْ انْقَطَعَ النِّكَاحُ بِالطَّلَاقِ حَقِيقَةً لَكِنَّهُ بَاقٍ حُكْمًا فِي حَقِّ الْإِرْثِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ احْتِيَاطًا، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.

قُلْت: وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَوْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ بِرِضَاهَا بِحَيْثُ لَمْ يَصِرْ فَارًّا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ فَقَطْ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فَلْتُحْفَظْ. وَخَرَجَ أَيْضًا مَا لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ لَا تَنْتَقِلُ عِدَّتُهَا وَلَا تَرِثُ اتِّفَاقًا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فَارًّا (قَوْلُهُ: إنْ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ) بِأَنْ لَمْ تَحِضْ ثَلَاثًا قَبْلَ مَوْتِهِ، فَإِنْ حَاضَتْ ثَلَاثًا قَبْلَهُ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَلَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لَهَا إلَّا إذَا مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَقَدْ أَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ حَنَفِيَّةِ الْعَصْرِ لِعَدَمِ التَّأَمُّلِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ إلَخْ) بَيَانٌ لِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ، فَمِنْ بَيَانِيَّةٌ لَا مُتَعَلِّقَةٌ بِأَبْعَدَ ط (قَوْلُهُ: احْتِيَاطًا) عَلِمْتَ وَجْهَهُ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ قُصُورٌ) لِأَنَّ قَوْلَهُ فِيهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْحِيَضُ الثَّلَاثُ، أَوْ بَعْضُهَا فِي مُدَّةِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَعَشْرٍ (قَوْلُهُ: حَتَّى تَبْلُغَ الْإِيَاسَ) فَإِذَا بَلَغَتْ سِنَّ الْإِيَاسِ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ أَيْضًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ بِالْبَائِنِ إلَخْ) حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فِي صِحَّتِهِ، أَوْ مَرَضِهِ وَدَخَلَتْ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ ثُمَّ مَاتَ وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ تَنْتَقِلُ عِدَّتُهَا إلَى عِدَّةِ الْمَوْتِ إجْمَاعًا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ زَوْجَتُهُ وَتَرِثُ مِنْهُ.

أَمَّا إذَا كَانَتْ مُنْقَضِيَةً لَمْ تَكُنْ زَوْجَتَهُ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا بِمَوْتِهِ شَيْءٌ وَلَا تَرِثُهُ، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ فِي عِدَّتِهَا كَمَا مَرَّ.

ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ امْرَأَةَ الْفَارِّ هِيَ الَّتِي طَلَّقَهَا بَائِنًا فِي مَرَضِهِ وَمَاتَ فِي عِدَّتِهَا فَلَوْ كَانَ رَجْعِيًّا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلْكَنْزِ وَغَيْرِهِ وَلِمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيِّ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ مِنْ الْبَائِنِ يَقْتَضِي أَنَّ امْرَأَةَ الْفَارِّ تَارَةً يَكُونُ طَلَاقُهَا بَائِنًا وَتَارَةً رَجْعِيًّا، وَأَنَّ حُكْمَ طَلَاقِهَا الْبَائِنِ مَا مَرَّ وَهَذَا حُكْمُ طَلَاقِهَا الرَّجْعِيِّ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُطَلَّقَةَ الرَّجْعِيِّ لَوْ سُمِّيَتْ امْرَأَةَ الْفَارِّ لَزِمَ مِنْهُ لَوَازِمُ بَاطِلَةٌ، ذَكَرَهَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَأَلَّفَ لَهَا رِسَالَةً خَاصَّةً وَذَكَرَ أَنَّ هَذَا الْإِيهَامَ وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَحَكَمَ عَلَيْهَا بِالْخَطَأِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا سِوَى الْمُسَامَحَةِ فِي الْعَطْفِ عَلَى امْرَأَةِ الْفَارِّ اعْتِمَادًا عَلَى ظُهُورِ الْمُرَادِ لِأَجْلِ الِاخْتِصَارِ لِيُسْتَغْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>