قَالَهُ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ حِكَايَةِ سِتَّةِ أَقْوَالٍ مُصَحَّحَةٍ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ، لَكِنَّ اخْتِيَارَ الْبَهْنَسِيِّ مَا اخْتَارَهُ الشَّهِيدُ أَنَّهَا إنْ رَأَتْهُ قَبْلَ تَمَامِ الْأَشْهُرِ اسْتَأْنَفَتْ لَا بَعْدَهَا.
قُلْت: وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَمُنْلَا خُسْرو وَالْبَاقَانِيُّ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْحَيْضِ، وَعَلَيْهِ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَتَعْتَدُّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِالْحَيْضِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا. وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَالْمُجْتَبَى أَنَّهُ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَفِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ: وَهَذَا التَّصْحِيحُ أَوْلَى مِنْ تَصْحِيحِ الْهِدَايَةِ وَفِي النَّهْرِ أَنَّهُ أَعْدَلُ الرِّوَايَاتِ، وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْمُلْتَقَى. .
(وَالصَّغِيرَةُ) لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ تَمَامِ الْأَشْهُرِ (لَا) تَسْتَأْنِفُ (إلَّا إذَا حَاضَتْ فِي أَثْنَائِهَا) فَتَسْتَأْنِفُ بِالْحَيْضِ (كَمَا تَسْتَأْنِفُ) الْعِدَّةَ (بِالشُّهُورِ مَنْ حَاضَتْ حَيْضَةً) ، أَوْ ثِنْتَيْنِ (ثُمَّ أَيِسَتْ) تَحَرُّزًا عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْبَدَلِ.
(وَ) الْإِيَاسُ (سَنَةٌ) لِلرُّومِيَّةِ وَغَيْرِهَا (خَمْسٌ وَخَمْسُونَ) عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَقِيلَ الْفَتْوَى عَلَى خَمْسِينَ نَهْرٌ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْجَامِعِ: صَغِيرَةٌ بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ تَحِضْ حُكِمَ بِإِيَاسِهَا.
ــ
[رد المحتار]
عَنْ الْحَيْضِ، وَالْخَلَفُ هُوَ الَّذِي لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْأَصْلِ كَالْفِدْيَةِ لِلشَّيْخِ الْفَانِي. وَأَمَّا الْبَدَلُ كَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ: سِتَّةِ أَقْوَالٍ مُصَحَّحَةٍ)
أَحَدُهَا يَنْتَقِضُ مُطْلَقًا، وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ.
الثَّانِي لَا يَنْتَقِضُ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ.
الثَّالِثُ يَنْتَقِضُ إنْ رَأَتْهُ قَبْلَ تَمَامِ الْأَشْهُرِ لَا بَعْدَهَا، وَأَفْتَى بِهِ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ. وَفِي الْمُجْتَبَى وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى.
الرَّابِعُ يَنْتَقِضُ عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ التَّقْدِيرِ لِلْإِيَاسِ الَّتِي هِيَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، فَإِنَّمَا ثَبَتَ الْأَمْرُ عَلَى ظَنِّهَا فَلَمَّا حَاضَتْ تَبَيَّنَ خَطَؤُهَا، وَلَا يَنْتَقِضُ عَلَى رِوَايَةِ التَّقْدِيرِ لَهُ، وَاخْتَارَهُ فِي الْإِيضَاحِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَجَزَمَ بِهِ الْقُدُورِيُّ وَالْجَصَّاصُ، وَنَصَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ.
الْخَامِسُ يَنْتَقِضُ إنْ لَمْ يَكُنْ حُكِمَ بِإِيَاسِهَا، وَإِنْ حُكِمَ بِهِ فَلَا كَأَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا فَسَادَ النِّكَاحِ فَيُقْضَى بِصِحَّتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ، وَصَحَّحَهُ فِي الِاخْتِيَارِ.
السَّادِسُ يَنْتَقِضُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا تَعْتَدُّ إلَّا بِالْحَيْضِ لِلطَّلَاقِ بَعْدَهُ لَا الْمَاضِي فَلَا تَفْسُدُ الْأَنْكِحَةُ الْمُبَاشَرَةُ بَعْدَ الِاعْتِدَادِ بِالْأَشْهُرِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّوَازِلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ تَمَامِ الْأَشْهُرِ فَوَقَعَ مُعْتَبَرًا لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَهُوَ الْإِيَاسُ بِوُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ الِانْقِطَاعُ فِي مُدَّتِهِ الَّتِي يَغْلِبُ فِيهَا ارْتِفَاعُ الْحَيْضِ وَهُوَ الْخَمْسُ وَالْخَمْسُونَ، وَلَا تَعْتَدُّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إلَّا بِالْحَيْضِ لِتَحَقُّقِ الدَّمِ الْمُعْتَادِ خَارِجًا مِنْ الْفَرْجِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْفَسَادِ بَلْ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ، فَإِذَا تَحَقَّقَ الْيَأْسُ تَحَقَّقَ حُكْمُهُ وَإِذَا تَحَقَّقَ الْحَيْضُ تَحَقَّقَ حُكْمُهُ. وَأَمَّا اشْتِرَاطُ دَوَامِ الِانْقِطَاعِ إلَى الْمَوْتِ فِي الْيَأْسِ فَلَا دَلِيلَ لَهُ فَقَدْ يَتَحَقَّقُ الْيَأْسُ مِنْ الشَّيْءِ ثُمَّ يُوجَدُ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ، وَهَذَا كَمَا تَرَى تَرْجِيحٌ أَيْضًا لِهَذَا الْقَوْلِ.
(قَوْلُهُ: لَا تَسْتَأْنِفُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ بِالْحَيْضِ أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ بِخِلَافِ الْآيِسَةِ ط (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا حَاضَتْ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ ط (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ قَبْلَ تَمَامِهَا وَلَوْ بِسَاعَةٍ ط (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَيِسَتْ) أَيْ بَلَغَتْ سِنَّ الْإِيَاسِ عِنْدَ الْحَيْضَتَيْنِ وَانْقَطَعَ دَمُهَا فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ: لِلرُّومِيَّةِ وَغَيْرِهَا) وَقِيلَ لِلرُّومِيَّةِ خَمْسٌ وَخَمْسُونَ وَلِغَيْرِهَا سِتُّونَ، وَقِيلَ سِتُّونَ مُطْلَقًا، وَقِيلَ سَبْعُونَ: وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ بَلْ أَنْ تَبْلُغَ مِنْ السِّنِّ مَا لَا يَحِيضُ مِثْلُهَا فِيهِ، وَذَلِكَ يُعْرَفُ بِالِاجْتِهَادِ وَالْمُمَاثَلَةِ فِي تَرْكِيبِ الْبَدَنِ وَالسِّمَنِ وَالْهُزَالِ. اهـ. ح عَنْ الْبَحْرِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَقِيلَ: ثَلَاثُونَ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْفَتْوَى عَلَى خَمْسِينَ) قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَبِهِ يُفْتَى الْيَوْمَ كَمَا فِي الْمَفَاتِيحِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْجَامِعِ إلَخْ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى الْقَوْلِ بِتَقْدِيرِهِ بِثَلَاثِينَ، لَكِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ وَلَمْ تَحِضْ أَنَّهَا لَمْ يَسْبِقْ لَهَا حَيْضٌ أَصْلًا وَهِيَ الشَّابَّةُ الَّتِي بَلَغَتْ بِالسِّنِّ وَمَرَّ حُكْمُهَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْيَنَابِيعِ: امْرَأَةٌ مَا رَأَتْ الدَّمَ وَهِيَ بِنْتُ ثَلَاثِينَ سَنَةً مَثَلًا رَأَتْ يَوْمًا دَمًا لَا غَيْرُ ثُمَّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَالَ: لَيْسَتْ هِيَ بِآيِسَةٍ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ لِأَنَّهَا مِنْ اللَّاتِي لَمْ يَحِضْنَ وَبِهِ نَأْخُذُ. اهـ.