وَلَوْ مِنْ الْمُطَلِّقِ (وَجَبَتْ عِدَّةٌ أُخْرَى) لِتَجَدُّدِ السَّبَبِ (وَتَدَاخَلَتَا، وَالْمَرْئِيُّ) مِنْ الْحَيْضِ (مِنْهَا، وَ) عَلَيْهَا أَنْ (تُتِمَّ) الْعِدَّةَ (الثَّانِيَةَ إنْ تَمَّتْ الْأُولَى) وَكَذَا لَوْ بِالْأَشْهُرِ، أَوْ بِهِمَا لَوْ مُعْتَدَّةَ وَفَاةٍ، فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ وَالْمَرْئِيُّ مِنْهُمَا لَعَمَّهُمَا وَعَمَّ الْحَائِلَ لَوْ حَبِلَتْ فَعِدَّتُهَا الْوَضْعُ إلَّا مُعْتَدَّةَ الْوَفَاةِ.
ــ
[رد المحتار]
مَا قَدَّمْنَاهُ أَنْفًا عَنْ الْفَتْحِ حَيْثُ جَعَلَ الْوَطْءَ بَعْدَ الْإِمَاتَةِ أَلْفَاظَ الْكِنَايَةِ مِنْ الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ أَيْ لِقَوْلِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهَا الْبَائِنُ فَأَوْرَثَ الْخِلَافُ فِيهَا شُبْهَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ الْمُطَلِّقِ) أَيْ كَمَا مَثَّلْنَا آنِفًا. ثُمَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْمُطَلِّقِ لِمَا فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَافَقَنَا فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَاطِئُ الْمُطَلِّقَ. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ غَيْرَ الْمُطَلِّقِ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ التَّنْصِيصَ عَلَيْهِ لِيَدْخُلَ الْمُطَلِّقُ بِالْأَوْلَى.
وَفِي الدُّرَرِ: اعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا وَجَبَ عَلَيْهَا عِدَّتَانِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا مِنْ رَجُلَيْنِ، أَوْ مِنْ وَاحِدٍ، فَفِي الثَّانِي لَا شَكَّ أَنَّ الْعِدَّتَيْنِ تَدَاخَلَتَا، وَفِي الْأَوَّلِ إنْ كَانَتَا مِنْ جِنْسَيْنِ كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، أَوْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَالْمُطَلَّقَةِ إذَا تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا فَوَطِئَهَا الثَّانِي وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا تَدَاخَلَتَا عِنْدَنَا وَيَكُونُ مَا تَرَاهُ مِنْ الْحَيْضِ مُحْتَسَبًا مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ الْأُولَى وَلَمْ تُكْمِلْ الثَّانِيَةَ فَعَلَيْهَا إتْمَامُ الثَّانِيَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَرْئِيُّ مِنْهُمَا إلَخْ) بَيَانٌ لِلتَّدَاخُلِ، فَلَوْ كَانَتْ وُطِئَتْ بَعْدَ حَيْضَةٍ مِنْ الْأُولَى فَعَلَيْهَا حَيْضَتَانِ تَكْمِلَةَ الْأُولَى وَتَحْتَسِبُ بِهِمَا مِنْ عِدَّةِ الثَّانِي، فَإِذَا حَاضَتْ وَاحِدَةً بَعْدَ ذَلِكَ تَمَّتْ الثَّانِيَةُ أَيْضًا نَهْرٌ، وَهَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوَاطِئِ الثَّانِي، أَمَّا إذَا حَاضَتْ حَيْضَةً قَبْلَهُ فَهِيَ مِنْ عِدَّةِ الْأَوَّلِ خَاصَّةً، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ. وَقَالَ: وَإِذَا كَانَ الْوَاطِئُ هُوَ الْمُطَلِّقَ فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ التَّفْرِيقِ أَيْضًا؛ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا. اهـ.
قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّ التَّفْرِيقَ حُكْمُ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ لِرَفْعِ شُبْهَتِهِ، أَمَّا الْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ بِدُونِ عَقْدٍ فَإِنَّ الشُّبْهَةَ تَرْتَفِعُ بِمُجَرَّدِ الْعِلْمِ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: وَإِذَا تَمَّتْ عِدَّةُ الْأَوَّلِ حَلَّ لِلثَّانِي أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لَا لِغَيْرِهِ مَا لَمْ تَتِمَّ عِدَّةُ الثَّانِي بِثَلَاثِ حِيَضٍ مِنْ حِينِ التَّفْرِيقِ، وَإِذَا كَانَ طَلَاقُ الْأَوَّلِ رَجْعِيًّا كَانَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا فِي عِدَّتِهِ، وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الثَّانِي اهـ مُلَخَّصًا. وَفِيهِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ: ثُمَّ إذَا تَدَاخَلَتَا - وَالْعِدَّةُ مِنْ رَجْعِيٍّ - فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَوْ مِنْ بَائِنٍ فَنَفَقَتُهَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَالزَّوْجَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا لِأَنَّهَا مَنَعَتْ نَفْسَهَا فِي الْعِدَّةِ. اهـ.
قُلْت: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ فِي الْبَائِنِ أَنَّ الْمَنْعَ بِالْبَيْنُونَةِ لَا بِالْعِدَّةِ مِنْ الثَّانِي بِخِلَافِ الرَّجْعِيِّ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْوَاطِئِ لِأَنَّ عِدَّتَهَا مِنْهُ عِدَّةُ وَطْءٍ وَلَا نَفَقَةَ فِيهَا تَأَمَّلْ. [تَنْبِيهٌ] :
يُمْكِنُ انْقِضَاءُ الْعِدَّتَيْنِ مَعًا كَمُعْتَدَّةٍ بِالْأَشْهُرِ لِوَفَاةٍ وُطِئَتْ فِيهَا بِشُبْهَةٍ وَحَاضَتْ فِيهَا ثَلَاثًا، وَانْقِضَاءُ الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْأُولَى، كَمَا لَوْ تَمَّتْ الْحِيَضُ قَبْلَ تَمَامِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَيُمْكِنُ تَأَخُّرُ الثَّانِيَةِ بِجُمْلَتِهَا عَنْ الْأُولَى كَمَا لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ تَمَامِ الْأَشْهُرِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ بِالْأَشْهُرِ) كَآيِسَةٍ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فِي خِلَالِ عِدَّتِهَا فَإِنَّهَا تُتِمُّ الثَّانِيَةَ بِالْأَشْهُرِ أَيْضًا نَهْرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ بِهِمَا لَوْ مُعْتَدَّةَ وَفَاةٍ) مِثَالُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّنْبِيهِ آنِفًا، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ أَوْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَهُوَ مَسْأَلَةُ الْحَائِلِ الْآتِيَةُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ " وَالْمَرْئِيُّ مِنْهُمَا ") أَيْ الَّذِي هُوَ قَاصِرٌ عَلَى الْحَيْضِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَرْئِيِّ الْحَاصِلُ بِالْعِلْمِ لَا بِرُؤْيَةِ الْبَصَرِ ط (قَوْلُهُ: لَعَمَّهُمَا) أَيْ لَعَمَّ مَنْ تَعْتَدُّ الْعِدَّتَيْنِ بِالْأَشْهُرِ وَمَنْ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ لِلْوَفَاةِ وَبِالْحَيْضِ لِوَطْءِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَعَمَّ الْحَائِلَ لَوْ حَبِلَتْ) عَطْفٌ عَلَى لَعَمَّهُمَا: أَيْ وَلَعَمَّ مَنْ تَعْتَدُّ الْعِدَّتَيْنِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ كَالْحَائِلِ بِالْهَمْزِ وَهِيَ مَنْ لَمْ تَكُنْ حُبْلَى، فَإِذَا حَبِلَتْ فِي الْعِدَّةِ تَنْقَضِي بِوَضْعِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْمُطَلِّقِ، أَوْ مِنْ زِنًا، أَوْ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ إذَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْمُتَارَكَةِ لَا قَبْلَهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ (قَوْلُهُ: إلَّا مُعْتَدَّةَ الْوَفَاةِ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَائِلِ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ، أَوْ فَسْخٍ بِخِلَافِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةٍ فَافْهَمْ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِي الْخُلَاصَةِ: وَكُلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute