للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُخَاطَبُ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَالْبَاقِي دَيْنٌ إلَى الْمَيْسَرَةِ، وَلَوْ مُوسِرًا وَهِيَ فَقِيرَةٌ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُطْعِمَهَا مِمَّا يَأْكُلُ بَلْ يُنْدَبُ.

(وَلَوْ هِيَ فِي بَيْتِ أَبِيهَا) إذَا لَمْ يُطَالِبْهَا الزَّوْجُ بِالنَّقْلَةِ بِهِ يُفْتَى؛ وَكَذَا إذَا طَالَبَهَا وَلَمْ تَمْتَنِعْ أَوْ امْتَنَعَتْ (لِلْمَهْرِ أَوْ مَرِضَتْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ) فَإِنَّ لَهَا النَّفَقَةَ اسْتِحْسَانًا لِقِيَامِ الِاحْتِبَاسِ، وَكَذَا لَوْ مَرِضَتْ ثُمَّ إلَيْهِ نُقِلَتْ، أَوْ فِي مَنْزِلِهَا بَقِيَتْ وَلِنَفْسِهَا مَا مَنَعَتْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا حَرَّرَهُ فِي الْفَتْحِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: مَرِضَتْ عِنْدَ الزَّوْجِ فَانْتَقَلَتْ لِدَارِ أَبِيهَا، إنْ لَمْ يَكُنْ نَقْلُهَا بِمِحَفَّةٍ وَنَحْوِهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَإِلَّا لَا كَمَا لَا يَلْزَمُهُ مُدَاوَاتُهَا.

(لَا) نَفَقَةَ لِأَحَدِ عَشْرَ: مُرْتَدَّةٌ، وَمُقَبِّلَةُ ابْنِهِ، وَمُعْتَدَّةُ مَوْتٍ،

ــ

[رد المحتار]

وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا، فَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الِاعْتِبَارُ لِحَالِ الرَّجُلِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَهِيَ مُعْسِرَةٌ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ، وَفِي عَكْسِهِ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ. وَأَمَّا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ فَتَجِبُ نَفَقَةُ الْوَسَطِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ فَوْقَ نَفَقَةِ الْمُعْسِرَةِ وَدُونَ نَفَقَةِ الْمُوسِرَةِ.

اهـ[تَنْبِيهٌ] صَرَّحُوا بِبَيَانِ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَلَمْ أَرَ مَنْ عَرَّفَهُمَا فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، وَلَعَلَّهُمْ وَكَّلُوا ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ وَالنَّظَرِ إلَى الْحَالِ مِنْ التَّوَسُّعِ فِي الْإِنْفَاقِ وَعَدَمِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْبَدَائِعِ: حَتَّى لَوْ كَانَ الرَّجُلُ مُفْرِطًا فِي الْيَسَارِ يَأْكُلُ خُبْزَ الْحُوَّارَى وَلَحْمَ الدَّجَاجِ وَالْمَرْأَةُ مُفْرِطَةً فِي الْفَقْرِ تَأْكُلُ فِي بَيْتِ أَهْلِهَا خُبْزَ الشَّعِيرِ يُطْعِمُهَا خُبْزَ الْحِنْطَةِ وَلَحْمَ الشَّاةِ (قَوْلُهُ وَيُخَاطَبُ إلَخْ) صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَقَدْ غَفَلَ عَنْهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ فَقَالَ: إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَهِيَ مُوسِرَةٌ وَأَوْجَبْنَا الْوَسَطَ فَقَطْ كَلَّفْنَاهُ بِمَا لَيْسَ فِي وُسْعِهِ (قَوْلُهُ وَالْبَاقِي) أَيْ مَا يُكْمِلُ نَفَقَةَ الْوَسَطِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ هِيَ فِي بَيْتِ أَبِيهَا) تَعْمِيمٌ لِقَوْلِهِ فَتَجِبُ لِلزَّوْجَةِ، وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، فَتَجِبُ النَّفَقَةُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ وَإِنْ لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى مَنْزِلِ الزَّوْجِ إذَا لَمْ يَطْلُبْهَا. وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: لَا تَجِبُ مَا لَمْ تُزَفَّ إلَى مَنْزِلِهِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَاخْتَارَهُ الْقُدُورِيُّ وَلَيْسَ الْفَتْوَى عَلَيْهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُطَالِبْهَا إلَخْ) الْأَخْصَرُ وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ بِهِ يُفْتَى إذَا لَمْ تَمْتَنِعْ مِنْ النَّقْلَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ (قَوْلُهُ لِقِيَامِ الِاحْتِبَاسِ) فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِسُ بِهَا وَيَمَسُّهَا وَتَحْفَظُ الْبَيْتَ، وَالْمَانِعُ لِعَارِضٍ فَأَشْبَهَ الْحَيْضَ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ مَرِضَتْ إلَخْ) هَذَا خِلَافُ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ مَرِضَتْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ: أَيْ بَعْدَمَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا صَحِيحَةً، فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهَا لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مَرِيضَةً لَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، لَكِنْ حَقَّقَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّسْلِيمِ لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ الْمُفْتَى بِهِ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ لَا بِالتَّسْلِيمِ فَالْمُخْتَارُ وُجُوبُ النَّفَقَةِ لِقِيَامِ الِاحْتِبَاسِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ أَمْكَنَ نَقْلُهَا إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ بِمِحَفَّةٍ وَنَحْوِهَا فَلَمْ تَنْتَقِلْ لَا نَفَقَةَ لَهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ لِمَنْعِهَا نَفْسَهَا عَنْ النَّقْلَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَقْدِرْ أَصْلًا، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تَجِبُ لِمَرِيضَةٍ لَمْ تُزَفَّ إذَا لَمْ يُمْكِنْهَا الِانْتِقَالُ مَعَهُ أَصْلًا، فَقَدْ جُعِلَ عَدَمُ إمْكَانِ الِانْتِقَالِ مَانِعًا مِنْ وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَهُنَا جُعِلَ مُوجِبًا لَهَا.

وَقَدْ يُجَابُ بِالْفَرْقِ، وَهُوَ أَنَّهَا هُنَا لَمَّا انْتَقَلَتْ إلَى بَيْتِهِ فَقَدْ تَحَقَّقَ التَّسْلِيمُ وَلَا تَصِيرُ بَعْدَهُ نَاشِزَةً إلَّا إذَا أَمْكَنَهَا الِانْتِقَالُ إلَيْهِ وَامْتَنَعَتْ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ تَسْلِيمٌ أَصْلًا وَمَرِضَتْ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهَا الِانْتِقَالُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ أَصْلًا لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ مُدَاوَاتُهَا) أَيْ إتْيَانُهُ لَهَا بِدَوَاءِ الْمَرَضِ وَلَا أُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَلَا الْفَصْدِ وَلَا الْحِجَامَةِ هِنْدِيَّةٌ عَنْ السِّرَاجِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْهَا مَا تَسْتَعْمِلُهُ النُّفَسَاءُ مِمَّا يُزِيلُ الْكَلَفَ وَنَحْوَهُ، وَأَمَّا أُجْرَةُ الْقَابِلَةِ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ لَا نَفَقَةَ لِأَحَدَ عَشَرَ) أَيْ بِعَدِّ الْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا وَعِدَّتِهَا أَمْرًا وَاحِدًا، وَذَكَرَ الْعَدَدَ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ. اهـ. ح وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا هُنَا خَمْسَةً، وَذَكَرَ الشَّارِحُ سِتَّةً، لَكِنْ مَا زَادَهُ الشَّارِحُ سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ مُفَرَّقًا سِوَى مَنْكُوحَةِ فَاسِدٍ وَعِدَّتِهِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ زَوْجَةٍ وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهَا فِي مَحَالِّهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>