وَأَسْفَلُهُ أَقَلَّ جَازَ حَتَّى يَبْلُغَ الْأَقَلَّ، وَلَوْ بِعَكْسِهِ فَوَقَعَ فِيهِ نَجَسٌ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَبْلُغَ الْعَشْرَ.
وَلَوْ جَمَدَ مَاؤُهُ فَثُقِبَ، إنْ الْمَاءُ مُنْفَصِلًا عَنْ الْجَمْدِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُسَقَّفِ، وَإِنْ مُتَّصِلًا لَا لِأَنَّهُ كَالْقَصْعَةِ حَتَّى لَوْ وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ تَنَجَّسَ
ــ
[رد المحتار]
وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَ فِي الْفَتْحِ الْقَوْلَ الْآخَرَ وَصَحَّحَهُ تِلْمِيذُهُ الشَّيْخُ قَاسِمٌ؛ لِأَنَّ مَدَارَ الْكَثْرَةِ عَلَى عَدَمِ خُلُوصِ النَّجَاسَةِ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَلَا شَكَّ فِي غَلَبَةِ الْخُلُوصِ مِنْ جِهَةِ الْعَرْضِ، وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ لَهُ عُمْقٌ بِلَا سَعَةٍ أَيْ بِلَا عَرْضٍ وَلَا طُولٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ مِنْ السَّطْحِ لَا مِنْ الْعُمْقِ. وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ الْأَوْجَهَ، إلَّا أَنَّهُمْ وَسَّعُوا الْأَمْرَ عَلَى النَّاسِ وَقَالُوا بِالضَّمِّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي التَّجْنِيسِ بِقَوْلِهِ تَيْسِيرًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ. اهـ. وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ اعْتِبَارَ الطُّولِ لَا يُنَجِّسُهُ وَاعْتِبَارُ الْعَرْضِ يُنَجِّسُهُ فَيَبْقَى طَاهِرًا عَلَى أَصْلِهِ لِلشَّكِّ فِي تَنَجُّسِهِ، وَتَمَامُهُ فِي حَاشِيَةِ نُوحٍ أَفَنْدِي، وَبِهِ فَارَقَ مَا لَهُ عُمْقٌ بِلَا سَعَةٍ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْلُغَ الْأَقَلَّ) أَيْ وَإِذَا بَلَغَ الْأَقَلَّ فَوَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ تَنَجَّسَ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ، وَتَشْمَلُ النَّجَاسَةُ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ وَإِنْ نَقَصَ حَتَّى صَارَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ فِي عَشَرَةٍ لَا يَتَوَضَّأُ فِيهِ وَلَكِنْ يَغْتَرِفُ مِنْهُ وَيَتَوَضَّأُ. اهـ. أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ التَّوَضُّؤِ مِنْ الْفَسَاقِيِ وَفِيهَا الْكَلَامُ الْمَارُّ فَافْهَمْ، ثُمَّ لَوْ امْتَلَأَ بَعْدَ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ بَقِيَ نَجِسًا، وَقِيلَ لَا مُنْيَةٌ. وَوَجْهُ الثَّانِي غَيْرُ ظَاهِرٍ حِلْيَةٌ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَنَجَّسَ حَالَ قِلَّتِهِ لَا يَعُودُ طَاهِرًا بِالْكَثْرَةِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا قَبْلَ اتِّصَالِهِ بِالنَّجَاسَةِ لَا يَنْجُسُ بِهَا. وَلَوْ نَقَصَ بَعْدَ سُقُوطِهَا فِيهِ حَتَّى صَارَ قَلِيلًا فَالْمُعْتَبَرُ قِلَّتُهُ وَكَثْرَتُهُ وَقْتَ اتِّصَالِهِ بِالنَّجَاسَةِ، سَوَاءٌ وَرَدَتْ عَلَيْهِ أَوْ وَرَدَ عَلَيْهَا هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ اهـ وَقَوْلُهُ أَوْ وَرَدَ عَلَيْهَا يُشِيرُ إلَى مَا اخْتَارَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْمَاءَ إنْ دَخَلَ مِنْ مَكَان نَجَسٍ أَوْ اتَّصَلَ بِالنَّجَاسَةِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَهُوَ نَجِسٌ، وَإِنْ دَخَلَ مِنْ مَكَان طَاهِرٍ وَاجْتَمَعَ حَتَّى صَارَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ ثُمَّ اتَّصَلَ بِالنَّجَاسَةِ لَا يَنْجُسُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِعَكْسِهِ) بِأَنْ كَانَ أَعْلَاهُ لَا يَبْلُغُ عَشْرًا فِي عَشْرٍ وَأَسْفَلُهُ يَبْلُغُهَا.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْلُغَ الْعَشْرَ) فَإِذَا بَلَغَهَا جَازَ وَإِنْ كَانَ مَا فِي أَعْلَاهُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي أَسْفَلِهِ أَيْ مِقْدَارًا لَا مِسَاحَةً. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ الْهِنْدِيِّ أَنَّهُ الْأَشْبَهُ اهـ. أَقُولُ: وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَبِرُوا حَالَةَ الْوُقُوعِ هُنَا؛ لِأَنَّ مَا فِي الْأَسْفَلِ فِي حُكْمِ حَوْضٍ آخَرَ بِسَبَبِ كَثْرَتِهِ مَسَّاحَةً وَأَنَّهُ لَوْ وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ ابْتِدَاءً لَمْ تَضُرَّهُ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَدَبَّرْ. وَهَذِهِ يَلْغُزُ فِيهَا فَيُقَالُ: مَاءٌ كَثِيرٌ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ تُنَجِّسُ ثُمَّ إذَا قَلَّ طَهُرَ. بَقِيَ مَا لَوْ وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ ثُمَّ نَقَصَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَوْ امْتَلَأَ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ ح: لَمْ أَجِدْ حُكْمَهُ. وَأَقُولُ: هَذَا عَجِيبٌ، فَإِنَّهُ حَيْثُ حَكَمْنَا بِطَهَارَتِهِ وَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ مَا يُنَجِّسُهُ هَلْ يُتَوَهَّمُ نَجَاسَتُهُ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ مَرْئِيَّةً وَكَانَتْ بَاقِيَةً فِيهِ أَوْ امْتَلَأَ قَبْلَ جَفَافِ أَعْلَى الْحَوْضِ تَنَجَّسَ. أَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَرْئِيَّةٍ أَوْ مَرْئِيَّةً وَأُخْرِجَتْ مِنْهُ أَوْ امْتَلَأَ بَعْدَمَا حُكِمَ بِطَهَارَةِ جَوَانِبِ أَعْلَاهُ بِالْجَفَافِ فَلَا إذْ لَا مُقْتَضَيْ لِلنَّجَاسَةِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ جَمَدَ مَاؤُهُ) أَيْ مَاءُ الْحَوْضِ الْكَبِيرِ: أَيْ وَجْهُ الْمَاءِ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: فَثُقِبَ) أَيْ وَلَمْ تَبْلُغْ مِسَاحَةُ الثُّقْبِ عَشْرًا فِي عَشْرٍ.
(قَوْلُهُ: مُنْفَصِلًا عَنْ الْجَمَدِ) أَيْ مُتَسَفِّلًا عَنْهُ غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِهِ بِحَيْثُ لَوْ حُرِّكَ تَحَرَّكَ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ مُتَّصِلًا لَا) أَيْ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ مِنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ نُصَيْرٍ وَالْإِسْكَافِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَهَذَا أَوْسَعُ، وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ. وَقَالُوا: إذَا حُرِّكَ مَوْضِعُ الثَّقْبِ تَحْرِيكًا بَلِيغًا يُعْلَمُ عِنْدَهُ أَنَّ مَا كَانَ رَاكِدًا ذَهَبَ. وَهَذَا مَاءٌ جَدِيدٌ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ. اهـ. بَدَائِعُ. وَفِي الْخَانِيَّةِ إنْ حَرَّكَ الْمَاءَ عِنْدَ إدْخَالِ كُلِّ عُضْوٍ مَرَّةً جَازَ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الْأَشْبَهُ كَمَا مَرَّ عَنْ السِّرَاجِ الْهِنْدِيِّ ثُمَّ رَأَيْته فِي الْمُنْيَةِ صَرَّحَ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ. وَفِي الْحِلْيَةِ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ.
(قَوْلُهُ: تَنَجَّسَ) أَيْ