للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا نَفَقَةَ) بِوَاجِبَةٍ (مَعَ الِاخْتِلَافِ دِينًا إلَّا لِلزَّوْجَةِ وَالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ) عَلَوْا أَوْ سَفَلُوا (الذِّمِّيِّينَ) لَا الْحَرْبِيِّينَ وَلَوْ مُسْتَأْمِنِينَ لِانْقِطَاعِ الْإِرْثِ (يَبِيعُ الْأَبُ) ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ (لَا الْأُمُّ) وَلَا بَقِيَّةُ أَقَارِبِهِ وَلَا الْقَاضِي إجْمَاعًا (عَرْضَ ابْنِهِ) الْكَبِيرِ الْغَائِبِ لَا الْحَاضِرِ إجْمَاعًا (لَا عَقَارَهُ) فَيَبِيعُ عَقَارَ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ اتِّفَاقًا لِلنَّفَقَةِ لَهُ وَلِزَوْجَتِهِ وَأَطْفَالِهِ كَمَا فِي النَّهْرِ بَحْثًا.

ــ

[رد المحتار]

لِابْنِ الْعَمِّ لِكَوْنِ رَحِمِهِ نَاقِصًا وَنَبَّهُوا بِهَذَا الْمِثَالِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ أَيْضًا، وَهُوَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَهْلِيَّةُ الْإِرْثِ لَا الْإِرْثُ حَقِيقَةً كَمَا مَرَّ فَمِنْ أَيْنَ جَاءَتْ الْمُخَالَفَةُ لِكَلَامِهِمْ؟ وَأَوْهَى مِنْ هَذَا مَا نَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى التَّمْثِيلُ بِخَالٍ وَعَمٍّ لِأَبٍ فَإِنَّهُ خَطَأٌ مَحْضٌ كَمَا لَا يَخْفَى إنْ أَرَادَ أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْخَالِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا عَلَى الْعَمِّ فَلَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِ الْخَالِ، وَلَمْ يَبْقَ لِأَهْلِيَّةِ الْإِرْثِ مِثَالٌ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ مَعَ الِاخْتِلَافِ دِينًا) أَيْ كَالْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدِهِمَا الْإِنْفَاقُ عَلَى الْآخَرِ. وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ نَفَقَةَ السُّنِّيِّ عَلَى الْمُوسِرِ الشِّيعِيِّ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي التَّكْمِيلِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَالْمُرَادُ الشِّيعِيُّ الْمُفَضِّلُ. بِخِلَافِ السَّابِّ الْقَاذِفِ فَإِنَّهُ مُرْتَدٌّ يُقْتَلُ إنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ تَسَاهُلًا فِي إقَامَةِ الْحُدُودِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ مَدَارَ نَفَقَةِ الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ عَلَى أَهْلِيَّةِ الْإِرْثِ، وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَمُرْتَدٍّ، نَعَمْ لَوْ كَانَ يَجْحَدُ ذَلِكَ وَلَا بَيِّنَةَ يُعَامَلُ بِالظَّاهِرِ وَإِنْ اشْتَهَرَ حَالُهُ بِخِلَافِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ إلَّا لِلزَّوْجَةِ إلَخْ) لِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ جَزَاءُ الِاحْتِبَاسِ وَهُوَ لَا يَتَعَلَّقُ بِاِتِّخَاذِ الْمِلَّةِ وَنَفَقَةُ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ لِلْجُزْئِيَّةِ وَجُزْءُ الْمَرْءِ فِي مَعْنَى نَفْسِهِ فَكَمَا لَا تَمْتَنِعُ نَفَقَةُ نَفْسِهِ بِكُفْرِهِ لَا تَمْتَنِعُ نَفَقَةُ جُزْئِهِ، إلَّا أَنَّهُمْ إذَا كَانُوا حَرْبِيِّينَ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانُوا مُسْتَأْمِنِينَ؛ لِأَنَّنَا نُهِينَا عَنْ الْبِرِّ فِي حَقِّ مَنْ يُقَاتِلُنَا فِي الدِّينِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ لِانْقِطَاعِ الْإِرْثِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَلَا نَفَقَةَ مَعَ الِاخْتِلَافِ دِينًا وَلِقَوْلِهِ لَا الْحَرْبِيِّينَ، فَإِنَّ الْعِلَّةَ فِيهِمْ عَدَمُ التَّوَارُثِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي كَافِي الْحَاكِمِ، فَقَدْ أَخَّرَ التَّعْلِيلَ لِيَكُونَ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ) فِيهِ نَظَرٌ. وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ لِلْأَبِ وِلَايَةَ الْحِفْظِ فِي مَالِ الْغَائِبِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ فَالْأَبُ أَوْلَى لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ. اهـ

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِذَا جَازَ بَيْعُهُ صَارَ الْحَاصِلُ عِنْدَهُ الثَّمَنَ وَهُوَ جِنْسُ حَقِّهِ فَيَأْخُذُهُ، بِخِلَافِ الْعَقَارِ؛ لِأَنَّهُ مُحْصَنٌ بِنَفْسِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْحِفْظِ بِالْبَيْعِ. اهـ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْقُولَ مِمَّا يُخْشَى هَلَاكُهُ فَلِلْأَبِ بَيْعُهُ حِفْظًا لَهُ وَبَعْدَ بَيْعِهِ يَصِيرُ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ فَلَهُ الْإِنْفَاقُ مِنْهُ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ حِفْظًا إذَا لَمْ يُنْفِقْ ثَمَنَهُ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْبَيْعِ حِفْظًا فَلَا يُنَافِي تَعَلُّقَ حَقِّهِ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَافْهَمْ، نَعَمْ اسْتَشْكَلَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَيْعُ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ وَلَهُ ذَلِكَ فَمَا الْمَانِعُ مِنْهُ لِأَجْلِ دِينٍ آخَرَ: قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَجَابَ عَنْهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّ النَّفَقَةَ وَاجِبَةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَالْقَضَاءَ فِيهَا إعَانَةٌ لَا قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ. اهـ تَأَمَّلْ. ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَ هُنَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ. وَعِنْدَهُمَا وَهُوَ الْقِيَاسُ أَنَّ الْمَنْقُولَ كَالْعَقَارِ لِانْقِطَاعِ وِلَايَةِ الْأَبِ بِالْبُلُوغِ، وَهَلْ الْجَدُّ كَالْأَبِ؟ لَمْ أَرَهُ (قَوْلُهُ لَا الْأُمَّ) ذَكَرَ فِي الْأَقْضِيَةِ جَوَازَ بَيْعِ الْأَبَوَيْنِ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا رِوَايَةٌ فِي أَنَّ الْأُمَّ كَالْأَبِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْأَبَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الْبَيْعَ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا، أَمَّا بَيْعُهَا بِنَفْسِهَا فَبَعِيدٌ لِعَدَمِ وِلَايَةِ الْحِفْظِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ، فَأَفَادَ تَرْجِيحَ الثَّانِي. وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ، وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ عَنْ الدِّرَايَةِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْأُمَّ لَا تَبِيعُ (قَوْلُهُ وَلَا بَقِيَّةَ أَقَارِبِهِ) وَكَذَا ابْنَهُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ (قَوْلُهُ فَيَبِيعُ عَقَارَ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا عَقَارَهُ الرَّاجِعِ إلَى الِابْنِ الْكَبِيرِ، وَزَادَ الْمَجْنُونَ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ وَلِزَوْجَتِهِ وَأَطْفَالِهِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>