للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَحْوِهَا (لَا يُجِيبُهُ) لِئَلَّا تَأْكُلَهُ النَّفَقَةُ (بَلْ يُؤْجِرُهُ وَيُنْفِقُ مِنْهُ أَوْ يَبِيعُهُ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهُ لِمَوْلَاهُ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ، وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْآجِرِ وَالرَّاهِنِ وَالْمُسْتَعِيرِ. وَأَمَّا كُسْوَتُهُ فَعَلَى الْمُعِيرِ، وَتَسْقُطُ بِعِتْقِهِ وَلَوْ زَمِنًا، وَتَلْزَمُ بَيْتَ الْمَالِ خُلَاصَةٌ. (دَابَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْإِنْفَاقِ أَجْبَرَهُ الْقَاضِي) لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ شَرِيكُهُ جَوْهَرَةٌ. وَفِيهَا (وَيُؤْمَرُ) إمَّا بِالْبَيْعِ وَإِمَّا (بِالْإِنْفَاقِ عَلَى بَهَائِمِهِ دِيَانَةً لَا قَضَاءً عَلَى) ظَاهِرِ (الْمَذْهَبِ) لِلنَّهْيِ عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ. وَعَنْ الثَّانِي يُجْبَرُ وَرَجَّحَهُ الطَّحَاوِيُّ وَالْكَمَالُ، وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. وَلَا يُجْبَرُ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَإِنْ كَرِهَ تَضْيِيعَ الْمَالِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شِرْكٌ كَمَا مَرَّ. قُلْت: وَفِي الْجَوْهَرَةِ: وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا فَامْتَنَعَ أَحَدُهُمَا أَنْفَقَ الثَّانِي وَرَجَعَ عَلَيْهِ.

وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ: أَنْفَقَ الشَّرِيكُ عَلَى الْعَبْدِ فِي غَيْبَةِ شَرِيكِهِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ أَوْ الْقَاضِي

ــ

[رد المحتار]

وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَالْقَاضِي بِالْخِيَارِ فِي قَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ وَعَدَمِهِ، فَإِنْ قَبِلَهَا فَالْحُكْمُ مَا ذَكَرَ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَيَأْتِي مَا إذَا امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْإِنْفَاقِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) وَهُوَ الْآبِقُ وَالْمُشْتَرَكُ (قَوْلُهُ لَا يُجِيبُهُ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ إنْ رَأَى الْإِنْفَاقَ أَصْلَحَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ فِي اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْأَصْلَحِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْآجِرِ وَالرَّاهِنِ) أَيْ نَفَقَةُ الْعَبْدِ الْمَأْجُورِ وَالْمَرْهُونِ عَلَى مَالِكِهِ وَالْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ،؛ لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي مَنْفَعَتَهُ بِلَا عِوَضٍ، فَهُوَ مَحْبُوسٌ فِي مَنْفَعَتِهِ وَقَدْ مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّ كُلَّ مَحْبُوسٍ لِمَنْفَعَةِ غَيْرِهِ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ. وَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا النَّفَقَةُ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْمُودَعِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُودِعَ بِكَسْرِ الدَّالِ اسْمُ فَاعِلٍ وَإِلَّا خَالَفَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَاضِي يُؤْجِرُهُ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ أَوْ يَبِيعُهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا كُسْوَتُهُ فَعَلَى الْمُعِيرِ) لَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ بَيْنَ نَفَقَتِهِ وَكُسْوَتِهِ أَنَّ الطَّعَامَ يَسْتَهْلِكُهُ الْعَبْدُ فِي حَالِ احْتِبَاسِهِ فِي مَنْفَعَةِ الْمُسْتَعِيرِ فَلَا يَمْلِكُهُ الْمَوْلَى، أَمَّا الْكُسْوَةُ فَتَبْقَى فَلَوْ لَزِمَتْهُ كُسْوَتُهُ صَارَتْ مِلْكًا لِمَوْلَى الْعَبْدِ وَالْعَارِيَّةُ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ بِلَا عِوَضٍ. فَفِي إيجَابِ الْكُسْوَةِ عَلَيْهِ إيجَابُ الْعِوَضِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَتَسْقُطُ بِعِتْقِهِ) أَيْ إذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ سَقَطَتْ عَنْهُ نَفَقَتُهُ (قَوْلُهُ وَتَلْزَمُ بَيْتَ الْمَالِ) أَيْ إذَا كَانَ عَاجِزًا وَلَيْسَ لَهُ قَرِيبٌ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ (قَوْلُهُ أَجْبَرَهُ الْقَاضِي) أَيْ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، وَهَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لِلْآبِي إمَّا أَنْ تَبِيعَ نَصِيبَك مِنْ الدَّابَّةِ أَوْ تُنْفِقَ عَلَيْهَا رِعَايَةً لِجَانِبِ الشَّرِيكِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ (قَوْلُهُ جَوْهَرَةٌ) لَمْ يَذْكُرْ فِي الْجَوْهَرَةِ مَسْأَلَةَ الدَّابَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَا بَعْدَهَا، فَالْمُنَاسِبُ عَزْوُ ذَلِكَ لِلْفَتْحِ أَوْ الْبَحْرِ كَمَا ذَكَرْنَا (قَوْلُهُ وَيُؤْمَرُ إلَخْ) الْمَالِكُ الَّذِي لَا شَرِيكَ مَعَهُ فَهُنَا لَا يُجْبَرُ قَضَاءً. بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مَعَهُ شَرِيكٌ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ رِعَايَةً لِحَقِّ الشَّرِيكِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ لَا قَضَاءً) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ وَالْكَمَالُ) قَالَ: وَالْحَقُّ مَا عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ أَنْ يُتَصَوَّرَ فِيهِ دَعْوَى حِسْبَةٍ فَيُجْبَرُ الْقَاضِي عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ، وَلَا بِدَعَ فِيهِ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْمِنَحِ (قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ) أَيْ كَالدُّورِ وَالْعَقَارِ وَالزَّرْعِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ) أَيْ فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ حَيْثُ لَمْ تُمْكِنْ الْقِسْمَةُ كَكَرْيِ نَهْرٍ وَمَرَمَّةِ قَنَاةٍ وَبِئْرٍ وَدُولَابٍ وَسَفِينَةٍ مَعِيبَةٍ وَحَائِطٍ إلَّا إنْ كَانَ يُمْكِنُ قَسْمُهُ مِنْ أَسَاسِهِ وَيَبْنِي كُلُّ وَاحِدٍ فِي نَصِيبِهِ السُّتْرَةَ. وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي آخِرِ الشَّرِكَةِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.

(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ نَظِيرُ مَا مَرَّ آنِفًا فِي الدَّابَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ أَنَّهُ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ شَرِيكُهُ (قَوْلُهُ أَنْفَقَ الثَّانِي وَرَجَعَ عَلَيْهِ) هَذَا خِلَافُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ عَبْدِ الْوَدِيعَةِ. وَأَجَابَ ح بِأَنَّ هَذَا مُتَعَنِّتٌ فِي الِامْتِنَاعِ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ مَعْذُورٌ بِغَيْبَتِهِ. اهـ. قُلْت: لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْقَاضِي أَوْ الشَّرِيكِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ بَعْدَهُ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: قَالَ أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لِي شَيْءٌ أُنْفِقُهُ وَأَنْفَقَ الْآخَرُ عَلَى حِصَّتِهِ يَبِيعُ الْحَاكِمُ حِصَّةَ الْآبِي مِمَّنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ اسْتَدَانَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَنْفَقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>