وَإِنْ تَعَدَّدُوا لِجَرِّهِمْ مَغْنَمًا بَدَائِعُ (كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ بِعِتْقِ الْآخَرِ) حَظَّهُ وَأَنْكَرَ كُلٌّ (سَعَى لَهُمَا) مَا لَمْ يُحَلِّفْهُمَا الْقَاضِي فَحِينَئِذٍ يُسْتَرَقُّ أَوْ يَسْعَى (فِي حَظِّهِمَا) وَلَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا صَارَ مُعْتَرِفًا فَلَا سِعَايَةَ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَّفِقَا فَلِبَيْتِ الْمَالِ بَحْرٌ (مُطْلَقًا) وَلَوْ مُوسِرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ (وَالْوَلَاءُ لَهُمَا) وَقَالَ يَسْعَى لِلْمُعْسِرَيْنِ لَا لِلْمُوسِرَيْنِ (وَلَوْ تَخَالَفَا يَسَارًا يَسْعَى لِلْمُوسِرِ لَا لِضِدِّهِ) وَهُوَ الْمُعْسِرُ، وَالْوَلَاءُ مَوْقُوفٌ فِي الْكُلِّ حَتَّى يَتَصَادَقَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ وَالْمُلْتَقَى وَعَامَّةِ الْكُتُبِ. قُلْت: فَفِي الْمَتْنِ خَلَلٌ لَا يَخْفَى فَتَنَبَّهْ. ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الرَّمْلِيَّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
[فَرْعٌ] قَالَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ: بِعْت مِنْك نَصِيبِي، وَإِنْ لَمْ أَكُنْ بِعْته مِنْك فَهُوَ حُرٌّ. وَقَالَ الْآخَرُ:
ــ
[رد المحتار]
بِحُرْمَةِ اسْتِرْقَاقِهِ ضِمْنًا لِشَهَادَتِهِ فَتَعَيَّنَ السِّعَايَةُ. اهـ (قَوْلُهُ كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ) قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ، إذْ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ بَحْرٌ وَنَهْرٌ (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَ كُلٌّ) فَلَوْ اعْتَرَفَا أَنَّهُمَا أَعْتَقَا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ وَجَبَ أَنْ لَا يُضَمِّنَ كُلٌّ الْآخَرَ إنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ، وَلَا يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ كُلُّهُ مِنْ جِهَتِهِمَا، وَلَوْ اعْتَرَفَ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَإِنَّ الْمُنْكِرَ يَجِبُ أَنْ يَحْلِفَ؛ لِأَنَّ فِيهِ فَائِدَةً، فَإِنَّهُ إنْ نَكَلَ صَارَ مُعْتَرِفًا أَوْ بَاذِلًا فَصَارَا مُعْتَرِفَيْنِ فَلَا تَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ سِعَايَةٌ كَمَا قُلْنَا فَتْحٌ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُحَلِّفْهُمَا الْقَاضِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ مِنْ لُزُومِ اسْتِسْعَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْعَبْدِ، إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَرَافَعَا إلَى قَاضٍ بَلْ خَاطَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ بِأَنَّك أَعْتَقَتْ نَصِيبَك وَهُوَ يُنْكِرُ، أَمَّا لَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا التَّضْمِينَ أَوْ أَرَادَهُ أَوْ نَصِيبَهُمَا مُتَفَاوِتٌ فَتَرَافَعَا أَوْ رَفَعَهُمَا ذُو حِسْبَةٍ فِيمَا لَوْ اسْتَرَقَّاهُ بَعْدَ قَوْلِهِمَا فَإِنَّ الْقَاضِي لَوْ سَأَلَهُمَا فَأَجَابَا بِالْإِنْكَارِ فَحَلَفَا لَا يُسْتَرَقُّ؛ لِأَنَّ كُلًّا يَقُولُ إنَّ صَاحِبَهُ حَلَفَ كَاذِبًا وَاعْتِقَادُهُ أَنَّ الْعَبْدَ يَحْرُمُ اسْتِرْقَاقُهُ وَلِكُلٍّ اسْتِسْعَاؤُهُ، وَإِنْ اعْتَرَفَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَدْ مَرَّ آنِفًا فَتْحٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إنْ حَلَفَا لَا يُسْتَرَقُّ بَلْ يَسْعَى لَهُمَا، وَإِنْ اعْتَرَفَا لَا يُسْتَرَقُّ وَلَا يَسْعَى، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَكَلَا؛ لِأَنَّ النُّكُولَ اعْتِرَافٌ وَبَذْلٌ كَمَا مَرَّ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَحِينَئِذٍ يُسْتَرَقُّ أَوْ يَسْعَى صَوَابُهُ لَا يُسْتَرَقُّ أَوْ وَلَا يَسْعَى أَيْ لَا يُسْتَرَقُّ إنْ حَلَفَا، وَلَا يُسْتَرَقُّ وَلَا يَسْعَى إنْ اعْتَرَفَا أَوْ نَكَلَا (قَوْلُهُ وَلَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا) أَيْ وَحَلَفَ الْآخَرُ، إذْ لَوْ نَكَلَ أَيْضًا صَارَا مُعْتَرِفَيْنِ وَقَدْ مَرَّ.
(قَوْلُهُ فَلَا سِعَايَةَ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ لِلْمُعْتَرِفِ وَعَلَيْهِ السِّعَايَةُ لِلْحَالِفِ ح (قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَّفِقَا) يَعْنِي لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى إعْتَاقِ أَحَدِهِمَا فَوَلَاؤُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ. وَاعْلَمْ أَنَّ وَضْعَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَلَاءَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَوْقُوفٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَمَوْضِعُهَا بَعْدَ قَوْلِهِ حَتَّى يَتَصَادَقَا كَمَا فَعَلَ فِي الْبَحْرِ وَالْفَتْحِ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الصَّاحِبَيْنِ ح (قَوْلُهُ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ) صَرَّحَ بِهِ وَإِنْ فُهِمَ مِمَّا قَبْلَهُ تَمْهِيدًا لِلِاعْتِرَاضِ الْآتِي وَلِأَنَّهُ مَنْشَأُ الْوَهْمِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَالْوَلَاءُ لَهُمَا) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقُولُ عَتَقَ نَصِيبُ صَاحِبِي عَلَيْهِ بِإِعْتَاقِهِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَعَتَقَ نَصِيبِي بِالسِّعَايَةِ وَوَلَاؤُهُ لِي وَهُوَ عَبْدٌ مَا دَامَ يَسْعَى كَالْمُكَاتَبِ بَحْرٌ ط (قَوْلُهُ وَلَوْ تَخَالَفَا إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ يَسْعَى لِلْمُعْسِرَيْنِ (قَوْلُهُ يَسْعَى لِلْمُوسِرِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي الضَّمَانَ عَلَى صَاحِبِهِ لِإِعْسَارِهِ، وَإِنَّمَا يَدَّعِي عَلَيْهِ السِّعَايَةَ، فَلَا يَبْرَأُ عَنْهَا وَلَا يَسْعَى لِلْمُعْسِرِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الضَّمَانَ عَلَى صَاحِبِهِ لِيَسَارِهِ فَيَكُونُ مُبْرِئًا لِلْعَبْدِ عَنْ السِّعَايَةِ ح عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَالْوَلَاءُ مَوْقُوفٌ) أَيْ عِنْدَهُمَا فِي الْكُلِّ: أَيْ فِي يَسَارِهِمَا وَإِعْسَارِهِمَا وَاخْتِلَافِهِمَا،؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُحِيلُهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَتَبَرَّأُ عَنْهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ ح (قَوْلُهُ حَتَّى يَتَصَادَقَا) أَيْ يَتَّفِقَا عَلَى إعْتَاقِ أَحَدِهِمَا، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَّفِقَا وَجَبَ أَنْ يَأْخُذَهُ بَيْتُ الْمَالِ كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ إلَخْ) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى مَا قَرَّرَهُ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ وَمَذْهَبِ الصَّاحِبَيْنِ (قَوْلُهُ فَفِي الْمَتْنِ خَلَلٌ) هُوَ قَوْلُهُ وَلَوْ تَخَالَفَا يَسَارًا إلَخْ، حَيْثُ أَوْهَمَ أَنَّهَا مِنْ كَلَامِ أَبِي حَنِيفَةَ مَعَ أَنَّهَا مُنَافِيَةٌ لِقَوْلِهِ مُطْلَقًا. وَالشَّارِحُ أَصْلَحَ الْمَتْنَ بِقَوْلِهِ وَقَالَا يَسْعَى لِلْمُعْسِرَيْنِ لَا لِلْمُوسِرَيْنِ، وَجَعَلَ قَوْلَهُ وَلَوْ تَخَالَفَا إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الصَّاحِبَيْنِ ح (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ نَبَّهَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمِنَحِ عَلَى هَذَا الْخَلَلِ كَذَلِكَ أَيْ كَمَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute