قِيلَ: وَكَذَا التَّقْبِيلُ لَا الطَّلَاقُ وَهَلْ التَّهْدِيدُ بِالطَّلَاقِ كَالطَّلَاقِ كَالْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ كَالْبَيْع؟ لَمْ أَرَهُ (كَبَيْعٍ) وَلَوْ فَاسِدًا (وَمَوْتٍ) وَلَوْ بِقَتْلِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ (وَتَحْرِيرٍ) وَلَوْ مُعَلَّقًا (وَتَدْبِيرٍ) وَلَوْ مُقَيَّدًا (وَاسْتِيلَادٍ) وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ كَكِتَابَةٍ وَإِجَارَةٍ وَإِيصَاءٍ وَتَزْوِيجٍ وَرَهْنٍ (وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ) -
ــ
[رد المحتار]
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيَانًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ. اهـ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ مُدَّةٍ إلَخْ إلَى زِيَادَةِ قَيْدٍ آخَرَ (قَوْلُهُ وَهَلْ التَّهْدِيدُ بِالطَّلَاقِ كَالطَّلَاقِ) لَا مَعْنَى لِهَذَا الْبَحْثِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ بَيَانًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيَانًا وَهُوَ أَقْوَى فَلَأَنْ لَا يَكُونَ التَّهْدِيدُ بَيَانًا وَهُوَ أَدْنَى أَوْلَى، نَعَمْ لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمُبْهَمِ وَالْمُعَيَّنِ بَائِنًا لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ ح. قُلْت: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا لَمْ يَكُنْ بَيَانًا لِإِمْكَانِ وُقُوعِهِ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ كَمَا عَلِمْت، أَمَّا التَّهْدِيدُ فَإِنَّمَا يَكُونُ بِغَيْرِ الْحَاصِلِ إذْ لَوْ كَانَ الْمُهَدَّدُ بِهِ حَاصِلًا لَمْ يَكُنْ لِلتَّهْدِيدِ بِهِ مَعْنًى، فَعُلِمَ بِالتَّهْدِيدِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيْرُهَا إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَهْدِيدًا بِطَلَاقٍ آخَرَ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ، فَظَهَرَ أَنَّ تَرَدُّدَ الشَّارِحِ فِي مَحَلِّهِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ كَالْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ كَالْبَيْعِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْعَرْضُ بِالْوَاوِ عَطْفًا عَلَى التَّهْدِيدِ، وَالصَّوَابُ الْكَافُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ لَمْ أَرَهُ فَإِنَّ كَوْنَ الْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ بَيَانًا فِي الْعِتْقِ الْمُبْهَمِ كَالْبَيْعِ مَشْهُورٌ فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِهِ فِي مَتْنِ الْمُلْتَقَى الَّذِي شَرَحَهُ، وَكَذَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ وَغَيْرِهَا، وَهَذِهِ الْكُتُبُ مَآخِذُ شَرْحِهِ، فَكَيْفَ يَقُولُ لَمْ أَرَهُ؟ وَحِينَئِذٍ فَوَجْهُ الشَّبَهِ أَنَّ التَّهْدِيدَ بِالطَّلَاقِ فِي مَعْنَى عَرْضِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أُطَلِّقُك إنْ فَعَلْتِ كَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: أَبِيعُ عَبْدِي هَذَا (قَوْلُهُ كَبَيْعٍ إلَخْ) ابْتِدَاءُ كَلَامٍ لِتَشْبِيهِ الْبَيْعِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِمَا مَرَّ مِنْ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ بَيَانًا فِي عِتْقٍ مُبْهَمٍ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ ثُمَّ بَاعَ عَبْدًا مُعَيَّنًا مِنْهُمَا لَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلْعِتْقِ مِنْ جِهَتِهِ فَتَعَيَّنَ الْآخَرُ لِلْعِتْقِ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ فَاسِدًا شَمِلَ مَا كَانَ مَعَهُ قَبْضٌ، أَوْ لَا وَمَا كَانَ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ خِيَارٍ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُمَا مَعًا لَمْ يَكُنْ بَيَانًا لَبُطْلَانِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا حُرٌّ بِيَقِينٍ. اهـ. قُلْت: التَّعْلِيلُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ غَيْرُ مُفِيدٍ، لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْعَرْضَ عَلَى الْبَيْعِ كَالْبَيْعِ وَكَذَا الْمُسَاوَمَةُ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ بَيْعٌ أَصْلًا بَلْ الْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ أَحَدَهُمَا بِتَصَرُّفٍ يَدُلُّ عَلَى تَعَيُّنِ الْآخَرِ لِلْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَمَوْتٍ) أَيْ مَوْتِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلْعِتْقِ أَصْلًا، وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِقَتْلِ الْعَبْدِ نَفْسِهِ بَحْثٌ لِصَاحِبِ النَّهْرِ أَخْذًا مِنْ الْإِطْلَاقِ فَإِنَّهُ مِثْلُ مَا لَوْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ، أَمَّا لَوْ قَتَلَهُ الْمَوْلَى فَظَاهِرٌ كَوْنُهُ بَيَانًا؛ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَإِذَا أَخَذَ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْقَاتِلِ فَبَيْنَ الْمُعْتَقِ فِي الْمَقْتُولِ عِتْقًا وَكَانَتْ الْقِيمَةُ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ. اهـ أَيْ لِإِقْرَارِ الْمَوْلَى بِحُرِّيَّتِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّهَا بَحْرٌ. وَاحْتَرَزَ بِالْمَوْتِ عَنْ قَطْعِ الْيَدِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بَيَانًا، غَيْرَ أَنَّ الْمَوْلَى إنْ بَيَّنَ الْعِتْقَ فِيهِ فَالْأَرْشُ لَهُ فِيمَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ. وَقَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ: لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَتَحْرِيرٍ) الْمُرَادُ بِهِ إنْشَاؤُهُ فَيَعْتِقُ، هَذَا بِالْإِعْتَاقِ الْمُسْتَأْنَفِ وَذَاكَ بِاللَّفْظِ السَّابِقِ. وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ عَنَى بِقَوْلِهِ أَعْتَقْتُك مَا لَزِمَهُ بِقَوْلِهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ صُدِّقَ قَضَاءً، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا عَتَقَا بَحْرٌ وَنَهْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُعَلَّقًا) كَأَنْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ يَعْتِقُ الْآخَرُ بَحْرٌ: أَيْ يَتَعَيَّنُ لِلْعِتْقِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا الْمُضَافُ كَأَنْتَ حُرٌّ غَدًا.
قَالَ ط:؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى لِتَحْقِيقِ مَجِيءِ الزَّمَانِ، بِخِلَافِ دُخُولِ الدَّارِ. اهـ. قُلْت: وَلِانْعِقَادِهِ عِلَّةً فِي الْحَالِ، بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ (قَوْلُهُ وَتَدْبِيرٍ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْقَاءَ الِانْتِفَاعِ إلَى مَوْتِهِ أَوْ إلَى مَا قَيَّدَهُ بِهِ وَكَذَا الِاسْتِيلَادُ، وَذَلِكَ يُعَيِّنُ إرَادَةَ الْعَبْدِ الْآخَرِ بِالْعِتْقِ الْمُبْهَمِ (قَوْلُهُ وَإِجَارَةٍ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَا يُقَالُ الْإِجَارَةُ لَا تَخْتَصُّ بِالْمِلْكِ لِجَوَازِ إجَارَةِ الْحُرِّ.؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الِاسْتِبْدَادُ بِإِجَارَةِ الْأَعْيَانِ عَلَى وَجْهٍ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْمِلْكِ فَتَكُونُ تَعْيِينًا دَلَالَةً وَهَكَذَا نَقُولُ فِي الْإِنْكَاحِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ وَإِيصَاءٍ) أَيْ إيصَاءٍ بِهِ بَحْرٌ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ وَرَهْنٍ) ؛ لِأَنَّ اسْتِبْدَادَهُ بِهِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ لَوْ هَلَكَ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِبْقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ فَيَتَعَيَّنُ الْآخَرُ مُرَادًا بِالْعِتْقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute