صَحِيحٍ مَعْلُومِ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ (فَقِبَلَ الْعَبْدُ) كُلَّ الْمَالِ (فِي الْمَجْلِسِ) يَعُمُّ مَجْلِسَ عِلْمِهِ لَوْ غَائِبًا (عَتَقَ) وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى الْقَبُولِ لَا الْأَدَاءِ؛ حَتَّى لَوْ رَدَّ أَوْ أَعْرَضَ بَطَلَ (وَ) أَمَّا (لَوْ عَلَّقَهُ بِأَدَائِهِ) كَإِنْ أَدَّيْت فَأَنْتَ حُرٌّ (صَارَ مَأْذُونًا) لَهُ دَلَالَةً، وَهَلْ يَصِحُّ حَجْرُهُ؟ تَرَدَّدَ فِيهِ فِي الْبَحْرِ
ــ
[رد المحتار]
دِرْهَمٍ، أَوْ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا، أَوْ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ إلَيَّ أَلْفًا، أَوْ عَلَى أَنْ تَجِيئَنِي بِأَلْفٍ، أَوْ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك أَلْفًا أَوْ عَلَى أَلْفٍ تُؤَدِّيهَا إلَيَّ، أَوْ قَالَ بِعْتُكَ نَفْسَك مِنْك عَلَى كَذَا أَوْ وَهَبْت لَك نَفْسَك عَلَى أَنْ تُعَوِّضَنِي كَذَا ح عَنْ الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ صَحِيحٌ مَعْلُومُ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ) هَذِهِ شُرُوطٌ لِصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ لَا لِنَفَاذِ الْعِتْقِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ نَفَاذَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْقَبُولِ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ، وَفَسَادُهَا مُوجِبٌ لَقِيمَةِ الْعَبْدِ، احْتَرَزَ بِصَحِيحٍ عَنْ الْخَمْرِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ: قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَشَمِلَ إطْلَاقُ الْمَالِ الْخَمْرَ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهَا مَالٌ عِنْدَهُمْ؛ فَلَوْ أَعْتَقَ الذِّمِّيُّ عَبْدَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِالْقَبُولِ وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْمُسَمَّى، فَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِ الْخَمْرِ؛ فَعِنْدَهُمَا عَلَى الْعَبْدِ قِيمَتُهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْخَمْرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اهـ. وَقَوْلُهُ مَعْلُومٌ إلَخْ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى مَعْلُومَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ مَجْهُولَ الصِّفَةِ كَالثِّيَابِ الْهَرَوِيَّةِ وَالْحَيَوَانِ مِنْ الْفَرَسِ وَالْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ فَعَلَيْهِ الْوَسَطُ مِنْهُ، وَإِذَا جَاءَ بِالْقِيمَةِ يُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ.
وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ الْجِنْسِ كَالثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ وَالدَّارِ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ مُتَفَاحِشَةٌ فَفَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ. اهـ. وَفِي النَّهْرِ: وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الْجِنْسُ كَثَوْبٍ وَحَيَوَانٍ عَتَقَ بِالْقَبُولِ وَلَزِمَهُ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ. اهـ فَقَدْ ثَبَتَ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ لِصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ لَا لِنَفَاذِ الْعِتْقِ هُنَا. وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ ح عَنْ النَّهْرِ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا كَدَرَاهِمَ أَوْ كَانَ مَجْهُولَ الْجِنْسِ كَثَوْبٍ أَوْ غَيْرَ صَحِيحٍ كَكَذَا مِنْ الْخَمْرِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْقَبُولِ، فَفِيهِ أَنَّ هَذَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ تَعْلِيقُ عِتْقِهِ بِأَدَائِهِ، فَفِيهَا لَا يَعْتِقُ إلَّا بِالْأَدَاءِ، وَيُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى قَبُولِ الْمُؤَدَّى إلَّا إذَا كَانَ مَجْهُولًا أَوْ غَيْرَ صَحِيحٍ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِيهَا قَبُولُ الْعَبْدِ الْعِتْقَ عَلَى الْمَالِ، فَإِذَا قَبِلَ عَتَقَ بِالْقَبُولِ، ثُمَّ إذَا كَانَ الْمَالُ صَحِيحًا مَعْلُومًا لَزِمَهُ لِصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ وَإِلَّا لَزِمَهُ قِيمَةُ نَفْسِهِ كَمَا قُلْنَا فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ فَقَبِلَ الْعَبْدُ) شَرَطَ قَبُولَهُ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ مِنْ جَانِبِهِ، وَلِذَا مَلَكَ الرُّجُوعَ لَوْ ابْتِدَاءً وَبَطَلَ بِقِيَامِهِ قَبْلَ قَبُولِ الْمَوْلَى وَبِقِيَامِ الْمَوْلَى وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا مِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى، وَلِذَا لَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ عَنْهُ وَلَمْ يَبْطُلْ بِقِيَامِهِ عَنْ الْمَجْلِسِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ كُلُّ الْمَالِ) فَلَوْ قَبِلَ فِي النِّصْفِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ الْإِمَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْمَوْلَى وَقَالَا: يَجُوزُ وَيَعْتِقُ كُلُّهُ بِالْكُلِّ بِنَاءً عَلَى تَجَزُّؤِ الْإِعْتَاقِ وَعَدَمِهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ يَعُمُّ مَجْلِسَ عِلْمِهِ لَوْ غَائِبًا) فَإِنْ قَبِلَ فِيهِ صَحَّ وَإِلَّا بَطَلَ، أَمَّا الْحَاضِرُ يُعْتَبَرُ فِيهِ مَجْلِسُ الْإِيجَابِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْعِتْقَ الْمَفْهُومَ مِنْ عِتْقٍ مُعَلَّقٍ عَلَى الْقَبُولِ: أَيْ قَبُولِ الْعَبْدِ الْعِتْقَ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ مِنْ جَانِبِهِ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ رَدَّ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى التَّعْلِيلِ ط (قَوْلُهُ أَوْ أَعْرَضَ) بِأَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ أَوْ اشْتَغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ يَعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ قَاطِعٌ لِمَا قَبْلَهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَأَنْتَ حُرٌّ) أَتَى بِالْفَاءِ فِي الْجَوَابِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِهَا أَوْ أَتَى بِالْوَاوِ تَنَجَّزَ لِكَوْنِهِ ابْتِدَاءً لَا جَوَابًا لِعَدَمِ الرَّابِطِ بَحْرٌ وَفِيهِ كَلَامٌ قَدَّمْنَاهُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ صَارَ مَأْذُونًا) لَمْ يَشْرِطْ قَبُولَهُ هُنَا: أَيْ فِيمَا إذَا عَلَّقَ عِتْقَهُ بِأَدَائِهِ إذْ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ. وَلَا يَبْطُلُ بِالرَّدِّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، وَهِيَ مَا إذَا قَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ دَلَالَةً) لِأَنَّهُ رَغَّبَهُ فِي الِاكْتِسَابِ بِطَلَبِهِ الْأَدَاءَ مِنْهُ وَمُرَادُهُ التِّجَارَةُ لَا التَّكَدِّي، فَكَانَ إذْنًا لَهُ دَلَالَةً دُرَرٌ.
(قَوْلُهُ تَرَدَّدَ فِيهِ فِي الْبَحْرِ) حَيْثُ قَالَ: وَلَمْ أَرَ صَرِيحًا أَنَّهُ لَوْ حَجَرَ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ هَلْ يَصِحُّ حَجْرُهُ. وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَهُ ضَرُورِيٌّ لِصِحَّةِ التَّعْلِيلِ بِأَدَاءِ الْمَالِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ يَصِحُّ لِمَا أَنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute