وَلَوْ مُدَبَّرَةً (مِنْ سَيِّدِهَا) وَلَوْ بِاسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ فَرْجَهَا (بِإِقْرَارِهِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدَ لِئَلَّا يُسْتَرَقَّ وَلَدُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ (وَلَوْ حَامِلًا) كَقَوْلِهِ: حَمْلُهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا مِنِّي كَمَا مَرَّ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ وَهَذَا قَضَاءً، أَمَّا دِيَانَةً فَيَثْبُتُ بِلَا دَعْوَةٍ كَاسْتِيلَادِ مَعْتُوهٍ وَمَجْنُونٍ
ــ
[رد المحتار]
وَتَصِيرُ بِهِ الْمَرْأَةُ نُفَسَاءَ؛ وَشَمِلَ السُّقْطَ الَّذِي اسْتَبَانَ بِهِ بَعْضُ خَلْقِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ ادَّعَاهُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مُدَبَّرَةً) فَيَجْتَمِعُ لِحُرِّيَّتِهَا سَبَبَانِ: التَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ وَقَوْلُهُ فِي الْبَابِ السَّابِقِ وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ مِنْ سَيِّدِهَا) أَيْ الْمَالِكِ لَهَا كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَشَمِلَ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ ذِمِّيًّا أَوْ مُرْتَدًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَسَوَاءٌ كَانَ مَوْلَاهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، لِيَشْمَلَ مَا إذَا وَطِئَ الْأَبُ جَارِيَةَ الِابْنِ ثُمَّ وَلَدَتْ فَادَّعَاهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِاسْتِدْخَالِ إلَخْ) تَعْمِيمٌ لِلْوِلَادَةِ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بِسَبَبِ الْوَطْءِ أَوْ بِإِدْخَالِهَا مَنِيَّهُ فِي فَرْجِهَا (قَوْلُهُ بِإِقْرَارِهِ) أَيْ بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى بِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ مِنَحٌ، وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ حَامِلًا: أَيْ وَلَوْ كَانَ إقْرَارُهُ حَالَ كَوْنِهَا حَامِلًا دُرَرٌ.
قُلْت: فَالْبَاءُ فِي بِإِقْرَارِهِ بِمَعْنَى مَعَ حَالٌ مِنْ الْوِلَادَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ وَلَدَتْ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ حَامِلًا حَالٌ مِنْ إقْرَارِهِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ إقْرَارُهُ بِالْوَلَدِ كَمَا عَلِمْت، فَصَارَ الْمَعْنَى إذَا وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا وِلَادَةً مُقْتَرِنَةً بِإِقْرَارِهِ بِالْوَلَدِ وَلَوْ كَانَ إقْرَارُهُ بِالْوَلَدِ فِي حَالِ كَوْنِهَا حَامِلًا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْوِلَادَةِ يَبْقَى حُكْمُهُ فَيُقَارِنُ الْوِلَادَةَ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ، فَلَا حَاجَةَ إلَى تَطْرِيقِ احْتِمَالَاتٍ لَا تَصِحُّ وَرَدِّهَا فَافْهَمْ. وَأَفَادَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْإِقْرَارِ وَالدَّعْوَى سَوَاءٌ ثَبَتَ النَّسَبُ مَعَهَا أَوْ لَا، لِمَا قَالُوا مِنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ أَمَتِهِ الَّتِي زَوَّجَهَا مِنْ عَبْدِهِ فَإِنَّ نَسَبَهُ إنَّمَا يَثْبُتُ مِنْ الْعَبْدِ لَا مِنْ السَّيِّدِ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِإِقْرَارِهِ بِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الشَّرْعُ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُمْ أَخَلُّوا بِقَيْدِ ثُبُوتِ النَّسَبِ كَمَا حَرَّرَهُ فِي النَّهْرِ.
قُلْت: لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ زَنَى بِأَمَةِ غَيْرِهِ وَادَّعَى أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدِهِ إذَا مَلَكَهَا عِنْدَنَا كَمَا مَرَّ، لِأَنَّ أُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ فَرْعُ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ مَزِيدُ بَيَانٍ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ حَمْلُهَا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الِاعْتِرَافِ؛ فَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ.
وَفِي الزَّيْلَعِيِّ: لَوْ اعْتَرَفَ بِالْحَمْلِ فَجَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ لَزِمَهُ لِلتَّيَقُّنِ بِوُجُودِهِ، وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْمُحِيطِ: لَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَمَتَهُ حُبْلَى مِنْهُ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ لِأَنَّهَا صَادَفَتْ وَلَدًا مَوْجُودًا فِي الْبَطْنِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ النَّسَبُ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ بِوُجُودِهِ وَقْتَ الدَّعْوَى لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَهَا، فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى بِالشَّكِّ اهـ (قَوْلُهُ وَمَا فِي بَطْنِهَا مِنِّي) لَكِنْ إنْ قَالَ مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ حَمْلٍ أَوْ وَلَدٍ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَإِنَّمَا كَانَ رِيحًا وَلَوْ صَدَّقَتْهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَصَدَّقَتْهُ يُقْبَلُ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَمَّا دِيَانَةً إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَأَمَّا الدِّيَانَةُ فَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ إنْ كَانَ حِينَ وَطْئِهَا لَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا وَحَصَّنَهَا عَنْ مَظَانِّ رِيبَةِ الزِّنَا يَلْزَمُهُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَدَّعِيَهُ بِالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ - كَوْنُهُ مِنْهُ وَالْعَمَلُ بِالظَّاهِرِ وَاجِبٌ، وَإِنْ كَانَ عَزَلَ عَنْهَا حَصَّنَهَا أَوَّلًا أَوْ لَمْ يَعْزِلْ وَلَكِنْ لَمْ يُحَصِّنْهَا فَتَرَكَهَا تَدْخُلُ وَتَخْرُجُ بِلَا رَقِيبٍ مَأْمُونٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ لِأَنَّ هَذَا الظَّاهِرَ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْهُ يُعَارِضُهُ ظَاهِرٌ آخَرُ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ غَيْرِهِ لِوُجُودِ أَحَطِّ الدَّلِيلِينَ عَلَى ذَلِكَ وَهُمَا الْعَزْلُ أَوْ عَدَمُ التَّحْصِينِ.
(قَوْلُهُ كَاسْتِيلَادِ مَعْتُوهٍ وَمَجْنُونٍ) مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِلَا دَعْوَةٍ دِيَانَةً لَا قَضَاءً، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ نَظْمِ الْوَهْبَانِيَّةِ أَنَّهُ يَثْبُتُ قَضَاءً أَيْضًا. وَأَصْلُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ عَنْ نَجْمِ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيِّ: مَتَى وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ مِنْ مَوْلَاهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ دَعْوَتُهُ لِلْقَضَاءِ، وَلِهَذَا يَصِحُّ اسْتِيلَادُ الْمَعْتُوهِ وَالْمَجْنُونِ مَعَ عَدَمِ الدَّعْوَةِ مِنْهُمَا. اهـ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ النَّظْمِ: وَعَامَّةُ الْمُصَنِّفِينَ لَمْ يَسْتَثْنُوا هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ الْأَوَّلِ إلَّا بِالدَّعْوَةِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فَهِمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute