فِي الْإِحْلَالِ فَلَا مُخَالَفَةَ كَمَا لَا يَخْفَى.
(وَلَوْ مَلَكَهَا) أَوْ مَلَكَهُ (بَعْدَ تَكْذِيبِهِ) أَيْ الْمَوْلَى وَلَوْ مُكَاتَبَهُ (يَوْمًا) مِنْ الدَّهْرِ (ثَبَتَ النَّسَبُ) وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدِهِ إذَا مَلَكَهَا لِبَقَاءِ إقْرَارِهِ.
(وَلَوْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ) أَوْ جَدِّهِ (أَوْ امْرَأَتِهِ وَقَالَ ظَنَنْت حِلَّهَا لِي فَلَا حَدَّ) لِلشُّبْهَةِ (وَلَا نَسَبَ) إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فِيهِمَا (وَإِنْ مَلَكَهُ يَوْمًا عَتَقَ عَلَيْهِ) وَإِنْ مَلَكَ أُمَّهُ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ، كَذَا ذَكَرَهُ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ فَلَا مُخَالَفَةَ) أَيْ بَيْنَ مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَبَيْنَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالدُّرَرِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ فِي الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا وَمِثْلُ مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عِبَارَةِ الْكَافِي (قَوْلُهُ أَيْ الْمَوْلَى) أَفَادَ أَنَّ إضَافَةَ تَكْذِيبٍ لِلضَّمِيرِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ: أَيْ تَكْذِيبُ الْمَوْلَى إيَّاهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُكَاتَبَهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَوْلَى الْأَمَةِ مُكَاتَبَ الْمُدَّعِي أَفَادَ بِهِ ثُبُوتَ النَّسَبِ بِمِلْكِ الْوَلَدِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُكَاتَبِ الْمَارَّةِ (قَوْلُهُ ثَبَتَ النَّسَبُ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ صُورَةُ مِلْكِهَا وَصُورَةُ مِلْكِهِ، أَمَّا الثَّانِيَةُ فَظَاهِرَةٌ، وَأَمَّا الْأُولَى فَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِيهَا الْخَانِيَّةَ وَالدُّرَرَ. وَاسْتَشْكَلَهَا ح بِأَنَّ الْمُكَذِّبَ لَدَعْوَاهُ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهُ مَوْجُودٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا مَلَكَهُ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ ارْتَفَعَ الْمَانِعُ وَزَالَ الْمُنَازِعُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمَا مَلَكَهَا أَيْ مَعَ وَلَدِهَا. اهـ.
قُلْت: لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ حَيْثُ عَطَفَ بِأَوْ قَوْلَهُ أَوْ مَلَكَهُ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ مَلَكَهَا وَحْدَهَا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ إذَا مَلَكَهَا وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ بِحُكْمِ إقْرَارِهِ لَزِمَ ثُبُوتُ نَسَبِ الْوَلَدِ مِنْهُ لِأَنَّ أُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ فَرْعُ ثُبُوتِ نَسَبِ الْوَلَدِ، فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُدَّعِي ضَرُورَةً مَعَ بَقَائِهِ عَلَى مِلْكِ الْمَوْلَى، حَتَّى إذَا مَلَكَهُ الْمُدَّعِي عَتَقَ عَلَيْهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ تَكْذِيبِهِ أَيْ فِي الْإِحْلَالِ وَالْوَلَدِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُرَادُ تَكْذِيبَهُ فِي الْوَلَدِ فَقَطْ مَعَ تَصْدِيقِهِ فِي الْإِحْلَالِ فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى أَنَّ وَطْأَهَا كَانَ حَلَالًا لَهُ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ إذَا مَلَكَهَا) قَيَّدَ بِهِ لِيُفِيدَ أَنَّ قَوْلَهُ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدِهِ رَاجِعٌ لِلصُّورَةِ الْأُولَى فَقَطْ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَتُوُهِّمَ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِمَا قَوْلُهُ ثَبَتَ النَّسَبُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ الْوَلَدَ وَلَمْ يَمْلِكْهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ مَا لَمْ يَمْلِكْهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مِلْكِ الْوَلَدِ وَثُبُوتِ نَسَبِهِ أَنْ تَكُونَ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا كَمَا لَا يَخْفَى، فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ لَا بُدَّ مِنْهُ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ وَلَا نَسَبَ) أَيْ لِتَمَحُّضِهِ زِنًا كَمَا عَلَّلُوا بِهِ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فِيهِمَا) مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِهِمْ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ عَدَمَ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَإِنْ ادَّعَاهُ، وَتَعْلِيلُهُمْ بِتَمَحُّضِ زِنًا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَلَا مَحَلَّ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ هُنَا وَلَمْ نَجِدْهُ لِغَيْرِهِ، نَعَمْ مَحَلُّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَضَمِيرُ فِيهِمَا يَعُودُ إلَى الْإِحْلَالِ وَالْوَلَدِ (قَوْلُهُ عَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ كَمَا فِي الْكَافِي فَعِلَّةُ الْعِتْقِ هُنَا الْجُزْئِيَّةُ لَا النَّسَبُ كَمَا يَأْتِي لَكِنَّ تَوَقُّفَ عِتْقِهِ عَلَى مِلْكِهِ خَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ لِامْرَأَتِهِ، بِخِلَافِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ: وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ سَوَاءٌ ادَّعَى شُبْهَةً أَوْ لَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ وَلَدُ وَلَدِهِ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ اهـ أَيْ يَعْتِقُ عَلَى الْأَبِ لِلْجُزْئِيَّةِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ) لِأَنَّ أُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ فَرْعُ ثُبُوتِ النَّسَبِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. قَالَ فِي الْكَافِي: وَقَوْلُهُ ظَنَنْتهَا تَحِلُّ لِي لَمْ يَكُنْ شُبْهَةٌ فِي ذَلِكَ اهـ أَيْ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ، وَإِنَّمَا هُوَ شُبْهَةٌ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ دَعْوَى الْإِحْلَالِ فَإِنَّهَا شُبْهَةٌ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَطْءَ فِي دَعْوَى الْإِحْلَالِ وَطْءُ شُبْهَةٍ، وَبِهِ يَثْبُتُ النَّسَبُ فَثَبَتَ أُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ، بِخِلَافِ الْوَطْءِ مَعَ ظَنِّ الْحِلِّ فَإِنَّهُ زِنًا مَحْضٌ وَإِنْ سَقَطَ فِيهِ الْحَدُّ. وَإِذَا كَانَ ظَنُّ الْحِلِّ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ وَتَمَحُّضُ الْفِعْلِ مَعَهُ زِنًا لَا تَثْبُتُ أُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ إذَا مَلَكَ الْأُمَّ وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِالْوَلَدِ لِأَنَّ الزِّنَا لَا يَثْبُتُ فِيهِ النَّسَبُ وَأُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ فَرْعُ ثُبُوتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute