للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ بِهِ يُفْتَى لَكِنَّهُ خَالَفَ فِي فَتَاوِيهِ فَأَفْتَى بِانْحِلَالِهَا أَخْذًا بِقَوْلِ أَبِي شُجَاعٍ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ لَكِنَّك عَلِمْت الْمُعْتَمَدَ.

(وَلَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِهِ لَا يَخْرُجُ إلَّا إلَى جِنَازَةٍ إنْ خَرَجَ إلَيْهَا) قَاصِدًا عِنْدَ انْفِصَالِهِ مِنْ بَابِ دَارِهِ مَشَى مَعَهَا أَمْ لَا لِمَا فِي الْبَدَائِعِ إنْ خَرَجْتِ إلَّا إلَى الْمَسْجِدِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ تُرِيدُ الْمَسْجِدَ ثُمَّ بَدَا لَهَا فَذَهَبَتْ لِغَيْرِ الْمَسْجِدِ لَمْ تَطْلُقْ (ثُمَّ أَتَى أَمْرًا آخَرَ) لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الْخُرُوجِ وَالذَّهَابِ وَالرَّوَاحِ وَالْعِيَادَةِ وَالزِّيَارَةِ النِّيَّةُ عِنْدَ الِانْفِصَالِ لَا الْوُصُولِ إلَّا فِي الْإِتْيَانِ.

ــ

[رد المحتار]

بَعْدَ هَذَا الْإِخْرَاجِ هَلْ يَحْنَثُ؟ فَمَنْ قَالَ انْحَلَّتْ قَالَ لَا يَحْنَثُ، وَهَذَا بَيَانُ كَوْنِهِ أَرْفَقَ بِالنَّاسِ، وَمَنْ قَالَ لَمْ تَنْحَلَّ قَالَ حَنِثَ. وَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ.

وَقَوْلُهُ فِيمَا لَوْ دَخَلَ بَعْدَ هَذَا الْإِخْرَاجِ يَعْنِي ثُمَّ خَرَجَ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ فَأُخْرِجَ مَحْمُولًا بِدُونِ أَمْرِهِ وَإِذَا لَمْ تَنْحَلَّ الْيَمِينُ بِهَذَا الْإِخْرَاجِ يَحْنَثُ لَوْ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ بِنَفْسِهِ لَا بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ خَالَفَ فِي فَتَاوِيهِ إلَخْ) ذَكَرَ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ فِي فَتَاوَى صَاحِبِ الْبَحْرِ، بَلْ وَجَدَ مَا يُخَالِفُهُ. قُلْت: وَلَعَلَّ ذَلِكَ سَاقِطٌ مِنْ نُسْخَتِهِ وَإِلَّا فَقَدْ وَجَدْته فِيهَا.

(قَوْلُهُ قَاصِدًا) أَيْ قَاصِدًا الْخُرُوجَ إلَيْهَا فَلَوْ قَصَدَ الْخُرُوجَ لِغَيْرِهَا حَنِثَ وَإِنْ ذَهَبَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ عِنْدَ انْفِصَالِهِ مِنْ بَابِ دَارِهِ) لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يُعَدُّ خَارِجًا بِهَا، فَلَوْ كَانَ فِي مَنْزِلٍ مِنْ دَارِهِ فَخَرَجَ إلَى صَحْنِهَا ثُمَّ رَجَعَ لَا يَحْنَثُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بَابِ الدَّارِ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ خَارِجًا فِي جِنَازَةِ فُلَانٍ مَا دَامَ فِي دَارِهِ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مَشَى مَعَهَا أَمْ لَا وَلِمَا اسْتَشْهَدَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَارَةِ الْبَدَائِعِ أَيْضًا.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْمُسْتَثْنَى هُوَ الْخُرُوجُ عَلَى قَصْدِ الْجِنَازَةِ وَالْخُرُوجُ هُوَ الِانْفِصَالُ مِنْ دَاخِلٍ إلَى خَارِجٍ، وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهَا لِيَمْشِيَ مَعَهَا أَوْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا عِلَّةُ عَدَمِ الْحِنْثِ فِيمَا إذَا أَتَى أَمْرًا آخَرَ بَعْدَ خُرُوجِهِ إلَيْهَا فَهِيَ مَا أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ الْإِتْيَانَ لَيْسَ بِخُرُوجٍ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ هُوَ الْخُرُوجُ (قَوْلُهُ وَالذَّهَابِ) كَوْنُ الذَّهَابِ مِثْلَ الْخُرُوجِ هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَقِيلَ كَالْإِتْيَانِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْوُصُولُ وَصَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ قَالَ الْبَاقَانِيُّ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ نَعَمْ لَوْ نَوَى بِالذَّهَابِ الْإِتْيَانَ أَوْ الْخُرُوجَ فَكَمَا نَوَى. اهـ.

قُلْت: وَالْإِرْسَالُ وَالْبَعْثُ كَالْخُرُوجِ أَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْوُصُولُ. فَفِي الذَّخِيرَةِ: لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أُرْسِلْ إلَيْك أَوْ إنْ لَمْ أَبْعَثْ إلَيْك هَذَا الشَّهْرَ نَفَقَتَك فَأَنْتِ كَذَا فَضَاعَتْ مِنْ يَدِ الرَّسُولِ لَا يَحْنَثُ (قَوْلُهُ وَالرَّوَاحِ) هُوَ بَحْثٌ لِلْبَحْرِ كَمَا يَأْتِي وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْعُرْفَ فِيهِ اسْتِعْمَالُهُ مُرَادًا بِهِ الْوُصُولُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ النِّيَّةَ تَكْفِي أَيْضًا (قَوْلُهُ وَالْعِيَادَةِ وَالزِّيَارَةِ) تَابَعَ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ وَقَيَّدَ بِالْإِتْيَانِ لِأَنَّ الْعِيَادَةَ وَالزِّيَارَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْوُصُولُ وَلِذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: إذَا حَلَفَ لَيَعُودَنَّ فُلَانًا وَلَيَزُورَنَّهُ فَأَتَى بَابَهُ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَرَجَعَ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ أَتَى بَابَهُ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ حَنِثَ. اهـ.

قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْإِتْيَانَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاجْتِمَاعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْتِي فُلَانًا فَهُوَ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ أَوْ حَانُوتَهُ لَقِيَهُ أَوْ لَمْ يَلْقَهُ وَإِنْ أَتَى مَسْجِدَهُ لَمْ يَحْنَثْ رَوَاهُ إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ اهـ. فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْعِيَادَةَ وَالزِّيَارَةَ مِثْلُ الْإِتْيَانِ فِي اشْتِرَاطِ الْوُصُولِ إلَى الْمَنْزِلِ دُونَ صَاحِبِهِ بَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْعِيَادَةِ وَالزِّيَارَةِ الِاسْتِئْذَانُ فَهُمَا أَقْوَى مِنْ الْإِتْيَانِ فِي اشْتِرَاطِ الْوُصُولِ، فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُهُمَا بِالْخُرُوجِ وَالذَّهَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مُلْهِمُ الصَّوَابِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْإِتْيَانِ) صَوَابُهُ إلَّا فِي الْإِتْيَانِ وَالْعِيَادَةِ وَالزِّيَارَةِ كَمَا عَلِمْت مِنْ اشْتِرَاطِ الْوُصُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>