للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ جَبْرِيٌّ (وَ) الْحَالُ أَنَّ (رِقَّ الْمُعْتَقِ كَامِلٌ صَحَّ التَّكْفِيرُ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تُقَارِنْ الْعِلَّةَ أَوْ قَارَنَتْهَا وَالرِّقُّ غَيْرُ كَامِلٍ كَأُمِّ الْوَلَدِ (لَا) يَصِحُّ التَّكْفِيرُ.

ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ (فَصَحَّ شِرَاءُ أَبِيهِ لِلْكَفَّارَةِ) لِلْمُقَارَنَةِ (لَا شِرَاءُ مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ) لِعَدَمِهَا (وَلَا شِرَاءُ مُسْتَوْلَدَةٍ بِنِكَاحٍ عَلَّقَ عِتْقَهَا عَنْ كَفَّارَتِهِ بِشِرَائِهَا) لِنُقْصَانِ رِقِّهَا (بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لِقِنَّةٍ: إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتِ حُرَّةٌ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِي فَاشْتَرَاهَا) حَيْثُ تَجْزِيهِ عَنْهَا لِلْمُقَارَنَةِ كَاتِّهَابٍ وَوَصِيَّةٍ نَاوِيًا عِنْدَ الْقَبُولِ، بِخِلَافِ إرْثٍ لِمَا مَرَّ زَيْلَعِيٌّ.

(وَعَتَقَتْ بِقَوْلِهِ إنْ تَسَرَّيْت أَمَةً فَهِيَ حُرَّةٌ مَنْ تَسَرَّاهَا وَهِيَ مِلْكُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ حَلِفِهِ لِمُصَادَفَتِهَا الْمِلْكَ

ــ

[رد المحتار]

عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوَّلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْعِتْقِ عِنْدَهُمْ الْقَرَابَةُ لَا الشِّرَاءُ، وَلَنَا أَنَّ شِرَاءَ الْقَرِيبِ إعْتَاقٌ لِمَا رَوَى السِّتَّةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ عَنْ وَالِدِهِ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» يُرِيدُ فَيَشْتَرِيهِ فَيَعْتِقُ عِنْدَ ذَلِكَ الشِّرَاءِ، وَقَدْ رَتَّبَ عِتْقَهُ عَلَى شِرَائِهِ بِالْفَاءِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى فَيَعْتِقُ هُوَ فَهُوَ مِثْلُ سَقَاهُ فَأَرْوَاهُ وَالتَّرْتِيبُ بِالْفَاءِ يُفِيدُ الْعِلِّيَّةَ عَلَى مَا عُرِفَ مِثْلُ سَهَا فَسَجَدَ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ جَبْرِيٌّ) فَإِنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ فِيهِ بِلَا اخْتِيَارٍ فَلَا تُتَصَوَّرُ النِّيَّةُ فِيهِ فَلَا يَعْتِقُ عَنْ كَفَّارَتِهِ إذَا نَوَاهُ لِأَنَّهَا نِيَّةٌ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ الْعِتْقِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَلَكَهُ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ نَاوِيًا عِنْدَ الْقَبُولِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ تُقَارِنْ) أَيْ النِّيَّةُ الْعِلَّةَ أَيْ عِلَّةَ التَّكْفِيرِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْإِرْثِ وَكَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ.

(قَوْلُهُ فَصَحَّ شِرَاءُ أَبِيهِ) أَيْ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ قَرِيبٍ مُحَرَّمٍ (قَوْلُهُ لَا شِرَاءُ مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ) كَقَوْلِهِ لِعَبْدِ الْغَيْرِ إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ نَاوِيًا عَنْ التَّكْفِيرِ لَا يُجْزِيهِ لِعَدَمِهَا أَيْ عَدَمِ الْمُقَارَنَةِ لِلنِّيَّةِ، فَإِنَّ عِلَّةَ الْعِتْقِ قَوْلُهُ فَأَنْتَ حُرٌّ وَالشِّرَاءُ شَرْطٌ وَالْعِتْقُ وَإِنْ كَانَ يَنْزِلُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَنْزِلُ بِقَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ السَّابِقِ، فَإِنَّ الْعِلَّةَ وَالشِّرَاءَ شَرْطُ عَمَلِهَا فَلَا يَعْتَبِرُ وُجُودَ النِّيَّةِ عِنْدَهُ لِأَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ مُتَقَدِّمٌ لَا مُتَأَخِّرٌ حَتَّى لَوْ كَانَ نَوَى عِنْدَ الْحَلِفِ يَعْتِقُ عَنْهَا كَمَا يَأْتِي وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَا شِرَاءُ مُسْتَوْلَدَةٍ إلَخْ) أَيْ إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً لِغَيْرِهِ فَأَوْلَدَهَا بِالنِّكَاحِ ثُمَّ قَالَ لَهَا إذَا اشْتَرَيْتُك فَأَنْتِ حُرَّةً عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِي ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَا تُجْزِيهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ لِنُقْصَانِ رِقِّهَا) لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ الْعِتْقَ بِالِاسْتِيلَادِ، حَتَّى جُعِلَ إعْتَاقًا مِنْ وَجْهٍ، وَلِذَا لَا يُجْزِي إعْتَاقُهَا عَنْ الْكَفَّارَةِ وَلَوْ مُنَجَّزًا، وَلَكِنْ أَرَادَ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقَرِيبِ لِأَنَّ شِرَاءَهُ إعْتَاقٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ عِتْقٌ مِنْ وَجْهٍ أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَلَا شِرَاءُ مُسْتَوْلَدَةٍ (قَوْلُهُ لِلْمُقَارَنَةِ) تَعْلِيلٌ قَاصِرٌ، فَإِنَّ الْمُقَارَنَةَ مَوْجُودَةٌ فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ أَيْضًا وَإِنَّمَا وَجْهُ الْمُخَالَفَةِ مَا فِي الْفَتْحِ وَهُوَ أَنَّ حُرِّيَّةَ الْقِنَّةِ غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ بِجِهَةٍ أُخْرَى فَلَمْ تَخْتَلَّ إضَافَةُ الْعِتْقِ إلَى الْكَفَّارَةِ وَقَدْ قَارَنَتْهُ النِّيَّةُ فَكَمُلَ الْمُوجِبُ (قَوْلُهُ كَاتِّهَابٍ إلَخْ) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ فَصَحَّ شِرَاءُ أَبِيهِ لِلْكَفَّارَةِ بِأَنْ يَقُولَ: وَكَذَا إذَا وَهَبَ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ نَاوِيًا عِنْدَ الْقَبُولِ ح وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ ذَكَرَهَا فِي الْبَحْرِ بَحْثًا وَزَادَ أَوْ جَعَلَ مَهْرًا لَهَا مَعَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ فِي الْفَتْحِ وَالزَّيْلَعِيِّ.

مَطْلَبُ إنْ تَسَرَّيْت أَمَةً فَهِيَ حُرَّةٌ

(قَوْلُهُ إنْ تَسَرَّيْت أَمَةً) أَيْ اتَّخَذْتهَا سُرِّيَّةً فُعْلِيَّةٌ مَنْسُوبَةٌ إلَى السِّرِّ وَهُوَ الْجِمَاعُ أَوْ الْإِخْفَاءُ (قَوْلُهُ لِمُصَادَفَتِهَا الْمِلْكَ) أَيْ لِمُصَادَفَةِ الْحَلِفِ وَأَعَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ مُؤَنَّثًا لِأَنَّ الْحَلِفَ بِمَعْنَى الْيَمِينِ: وَهِيَ هُنَا التَّعْلِيقُ أَيْ لِوُقُوعِهَا فِي حَالَةِ الْمِلْكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>