وَذَكَرَ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ وَفِي النَّهْرِ عَنْ شَارِحِ الْوَهْبَانِيَّةِ نَظْمِ وَالِدِي مَا لَا حِنْثَ فِيهِ بِفِعْلِ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ الْأَقَلُّ مُشِيرًا إلَى حِنْثِهِ فِيمَا بَقِيَ فَقَالَ:
بِفِعْلِ وَكِيلٍ لَيْسَ يَحْنَثُ حَالِفٌ ... بِبَيْعٍ شِرَاءٍ صُلْحِ مَالٍ خُصُومَةٍ
إجَارَةُ اسْتِئْجَارِ الضَّرْبِ لِابْنِهِ ... كَذَا قِسْمَةٌ وَالْحِنْثَ فِي غَيْرِهَا اثْبِتْ
(وَلَامُ دَخَلَ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ اقْتَضَى الْآتِيَ (عَلَى فِعْلٍ) أَرَادَ بِدُخُولِهَا عَلَيْهِ قُرْبَهَا مِنْهُ ابْنُ كَمَالٍ (تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ) لِلْغَيْرِ (كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ وَخِيَاطَةٍ وَصِبَاغَةٍ وَبِنَاءٍ اقْتَضَى) أَيْ اللَّامُ (أَمْرَهُ) أَيْ تَوْكِيلَهُ (لِيَخُصَّهُ بِهِ) أَيْ بِالْمَحْلُوفِ
ــ
[رد المحتار]
أَيْ النَّاظِمُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاسْتِخْدَامِ فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ دَائِرَةٌ عَلَيْهِ وَالْمَدَارُ عَلَيْهَا شَرْحُ الْوَهْبَانِيَّةِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ) صَوَابُهُ فِي النَّهْرِ فَإِنَّهُ قَالَ تَكْمِيلٌ مِنْ هَذَا النَّوْعِ الْهَدْمُ وَالْقَطْعُ وَالْقَتْلُ وَالشَّرِكَةُ كَمَا فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَضَرْبُ الزَّوْجَاتِ وَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ فِي رَأْيِ قَاضِي خَانَ، وَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ وَالْإِذْنُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالنَّفَقَةُ كَمَا فِي الْإِسْبِيجَابِيِّ، وَالْوَقْفُ وَالْأُضْحِيَّةُ وَالْحَبْسُ وَالتَّعْزِيرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَاضِي وَالسُّلْطَانِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْحَجَّ كَذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِ ابْنِ الشِّحْنَةِ وَمِنْهُ الْوَصِيَّةُ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُ الْحَوَالَةُ وَالْكَفَالَةُ فَلَا يُحِيلُ فُلَانًا فَوَكَّلَ مَنْ يُحِيلُهُ أَوْ لَا يَقْبَلُ حَوَالَتَهُ أَوْ لَا يَكْفُلُ عَنْهُ فَوَكَّلَ بِقَبُولِ ذَلِكَ وَالْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ وَعَدَّ مِنْهُ فِي الْبَحْرِ التَّوْلِيَةَ فَلَوْ حَلَفَ لَا يُوَلِّي شَخْصًا فَفَوَّضَ إلَى مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَنِثَ وَهِيَ حَادِثَةٌ الْفَتْوَى. اهـ.
قُلْت: وَبِهَذَا تَمَّتْ الْمَسَائِلُ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَنْحَصِرُ لِأَنَّ مِنْهَا الْأَفْعَالَ الْحِسِّيَّةَ وَهِيَ لَا تَخْتَصُّ بِمَا مَرَّ بَلْ مِنْهَا الطَّبْخُ وَالْكَنْسُ وَحَلْقُ الرَّأْسِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَإِذَا عَدَّ مِنْهَا الِاسْتِخْدَامَ دَخَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الصُّوَرُ وَكَثِيرٌ مِنْ الصُّوَرِ الْمَارَّةِ أَيْضًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ مُشِيرًا إلَى حِنْثِهِ فِيمَا بَقِيَ) الْإِشَارَةُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِعَدَدِ مَا بَقِيَ وَإِلَّا فَالْحِنْثُ صَرِيحٌ فِي كَلَامِهِ. وَقَدْ يُقَالُ سَمَّاهُ إشَارَةً لِأَنَّهُ سَاقَ الْكَلَامَ لِمَا لَا يَحْنَثُ بِهِ فَيَكُونُ عِبَارَةً وَغَيْرُهُ إشَارَةً كَمَا فِي عِبَارَةِ النَّصِّ وَإِشَارَةِ النَّصِّ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَالْحِنْثَ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ اثْبِتْ بِوَصْلِ الْهَمْزَةِ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ أَرَادَ بِدُخُولِهَا عَلَيْهِ قُرْبَهَا مِنْهُ) أَيْ بِأَنْ تَقَعَ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ الْفِعْلِ وَمَفْعُولِهِ كَإِنْ بِعْت لَك ثَوْبًا احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْ الْمَفْعُولِ كَإِنْ بِعْت ثَوْبًا لَك فَالْمُتَوَسِّطَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْفِعْلِ لِقُرْبِهَا مِنْهُ لَا عَلَى أَنَّهَا صِلَةٌ لَهُ لِأَنَّهُ يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ بِنَفْسِهِ مِثْلُ بِعْت زَيْدًا ثَوْبًا وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ اللَّامُ صِلَةً لَهُ كَانَ مَدْخُولُهَا مَفْعُولًا فِي الْمَعْنَى فَيَكُونُ شَارِيًا، وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَيْهِ بَلْ الشَّارِي غَيْرُهُ وَالْبَيْعُ وَقَعَ لِأَجْلِهِ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ عَلَى أَنَّهَا عِلَّةٌ لَهُ مِثْلُ: قُمْت لِزَيْدٍ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَامٌ تَعَلَّقَ بِفِعْلٍ كَمَا عَبَّرَ صَاحِبُ الدُّرَرِ وَغَيْرُهُ لَكَانَ أَوْلَى، لَكِنَّهُ عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ تَبَعًا لِلْكَنْزِ وَغَيْرِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ تَعَلُّقُهَا بِهِ عَلَى أَنَّهَا صِلَةٌ لَهُ وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْوَاقِعَةَ بَعْدَ الْمَفْعُولِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ أَيْضًا، مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأُولَى لِلتَّعْلِيلِ وَالثَّانِيَةَ لِلْمِلْكِ لِكَوْنِهَا صِفَةً لَهُ أَيْ إنْ بِعْت ثَوْبًا مَمْلُوكًا لَك، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَافْهَمْ (قَوْلُهُ تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ) الْجُمْلَةُ صِفَةُ فِعْلٍ وَقَوْلُهُ لِلْغَيْرِ اللَّامُ فِيهِ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ عَنْ الْغَيْرِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف: ١١]- وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ فِعْلٍ لَا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ دُخُولِ الْبَاءِ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ عَلَى الْعَيْنِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَصِيَاغَةٍ) بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ أَوْ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(قَوْلُهُ أَمْرَهُ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ اقْتَضَى وَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ، وَهُوَ الضَّمِيرُ الْعَائِدُ إلَى الْغَيْرِ وَهُوَ الْمُخَاطَبُ بِالْكَافِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ الْحَالِفُ، وَقَوْلُهُ لِيَخُصَّهُ بِهِ: أَيْ لِيَخُصَّ الْحَالِفَ الْغَيْرَ أَيْ الْمُخَاطَبَ بِهِ أَيْ بِالْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَفِي الْمِنَحِ أَيْ لِتُفِيدَ اللَّامُ اخْتِصَاصَ ذَلِكَ الْفِعْلِ بِهِ أَيْ بِذَلِكَ الْغَيْرِ اهـ فَأُرْجِعَ الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ لِلَّامِ وَالْبَارِزُ لِلْفِعْلِ وَالْمَجْرُورُ لِلْغَيْرِ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ هُوَ الْمُخَاطَبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute