للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَعْرِفَةُ لَا) تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ، فَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ أَحَدٌ فَكَذَا وَالدَّارُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَدَخَلَهَا الْحَالِفُ حَنِثَ لِتَنْكِيرِهِ وَلَوْ قَالَ: دَارِي أَوْ دَارَك لَا حِنْثَ بِالْحَالِفِ لِتَعْرِيفِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ مَسَّ هَذَا الرَّأْسَ أَحَدٌ وَأَشَارَ إلَى رَأْسِهِ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِمَسِّهِ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهِ خِلْقَةً، فَكَانَ مَعْرِفَةً أَقْوَى مِنْ يَاءِ الْإِضَافَةِ بَحْرٌ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قُبَيْلَ بَابِ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ مَعْزِيًّا لِلْأَشْبَاهِ (إلَّا) بِالنِّيَّةِ وَ (فِي الْعِلْمِ) كَإِنْ كَلَّمَ غُلَامَ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ أَحَدٌ، فَكَذَا دَخَلَ الْحَالِفُ لَوْ هُوَ كَذَلِكَ لِجَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْعَلَمِ فِي مَوْضِعِ النَّكِرَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ الْحَالِفُ مِنْ عُمُومِ النَّكِرَةِ بَحْرٌ،

قُلْت: وَفِي الْأَشْبَاهِ الْمَعْرِفَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ

ــ

[رد المحتار]

وَعَبْدِي، أَمَّا الْمُعَرَّفُ بِالِاسْمِ كَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْمُضَافُ إلَيْهِ كَدَارِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلِذَا يَحْسُنُ الِاسْتِفْهَامُ فَيُقَالُ مَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَبَقِيَ فِيهِ نَوْعُ تَنَكُّرٍ فَمِنْ حَيْثُ التَّعْرِيفُ يَخْرُجُ عَنْ اسْمِ النَّكِرَةِ، وَمِنْ حَيْثُ التَّنْكِيرُ لَا يَخْرُجُ، فَلَا يَخْرُجُ بِالشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ وَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ قَالَ: فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ حَيْثُ يَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بِالِاسْمِ لَا بِالتَّزَوُّجِ، لِأَنَّهُ لَا احْتِمَالَ لِلْخُرُوجِ هُنَا وَلَا يَرِدُ أَيْضًا كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مَا دَامَتْ عَمْرَةُ حَيَّةً فَهِيَ طَالِقٌ حَيْثُ لَا تَطْلُقُ عَمْرَةُ إذَا تَزَوَّجَهَا، لِأَنَّ عَامَّةَ الْمَشَايِخِ عَلَى تَقْيِيدِهِ بِمَا إذَا كَانَتْ مُشَارًا إلَيْهَا بِأَنْ قَالَ عَمْرَةُ هَذِهِ وَإِلَّا دَخَلَتْ تَحْتَ اسْمِ امْرَأَةٍ وَلِأَنَّ الِاسْمَ وَالنَّسَبَ وُضِعَا لِتَعْرِيفِ الْغَائِبِ لَا الْحَاضِرِ لِأَنَّ تَعْرِيفَهُ بِالْإِشَارَةِ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي الذَّخِيرَةِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ دُخُولِ الْمَعْرِفَةِ تَحْتَ النَّكِرَةِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَا فِي جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْجُمْلَتَيْنِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَالدَّارُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ) أَشَارَ بِالتَّعْمِيمِ إلَى خِلَافِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ حَيْثُ قَالَ إنَّ الدَّارَ لَوْ كَانَتْ لَهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَمْنَعُ نَفْسَهُ عَنْ دُخُولِ دَارِ نَفْسِهِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَدْ يَمْنَعُ نَفْسَهُ لِغَيْظٍ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ (قَوْلُهُ لِتَنْكِيرِهِ) أَيْ لِتَنْكِيرِ الْحَالِفِ نَفْسَهُ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْهَا بِإِضَافَةِ الدَّارِ إلَيْهِ لِأَنَّ الدَّارَ وَإِنْ ذُكِرَتْ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ مَالِكُهَا بِخِلَافِ الْإِشَارَةِ إلَى جُزْئِهِ كَهَذَا الرَّأْسِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ لَا حِنْثَ بِالْحَالِفِ) كَانَ الْمُنَاسِبُ زِيَادَةَ وَالْمُخَاطَبَ أَيْ فِي قَوْلِهِ دَارَك وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا حِنْثَ بِالْمَالِكِ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ لِتَعْرِيفِهِ) أَيْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّ يَاءَ الْمُتَكَلِّمِ وَكَافَ الْمُخَاطَبِ لَا يَدْخُلُ فِيهِمَا غَيْرُهُمَا فَلَا يَدْخُلَانِ تَحْتَ النَّكِرَةِ وَهِيَ أَحَدٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ دُخُولَ نَفْسِهِ أَوْ الْمُخَاطَبِ لِأَنَّ أَحَدًا شَخْصٌ مِنْ بَنِي آدَمَ وَهُمَا كَذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ أَلْبَسْت هَذَا الْقَمِيصَ أَحَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَدْخُلُ الْحَالِفُ فَلَا يَحْنَثُ إذَا أَلْبَسَهُ لِنَفْسِهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَعْتِقْ أَيَّ عَبِيدِي شِئْت لَا يَدْخُلُ الْمُخَاطَبُ، حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ نَفْسَهُ لَا يَعْتِقُ لِأَنَّ الضَّمِيرَ الْمُسْتَتِرَ فِي أَعْتِقْ مَعْرِفَةٌ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ " أَيَّ " لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ النُّحَاةِ مُعَرَّفَةً بِالْإِضَافَةِ إلَّا أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ النَّكِرَةِ لِأَنَّهَا تَصْحَبُ النَّكِرَةَ لَفْظًا مِثْلُ أَيُّ رَجُلٍ وَمَعْنًى مِثْلُ - {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} [النمل: ٣٨]- لِأَنَّ الْمَعْنَى أَيُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ وَلِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِعْتَاقِ تَوْكِيلٌ، فَلَا يَدْخُلُ الْمَأْمُورُ فِيهِ كَقَوْلِهَا لِرَجُلٍ زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ.

(قَوْلُهُ فَكَانَ) أَيْ الْحَالِفُ أَوْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْرِيفِ أَقْوَى مِنْ يَاءِ الْإِضَافَةِ أَيْ أَقْوَى تَعْرِيفًا مِنْ تَعْرِيفِ يَاءِ الْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ) أَيْ لَوْ نَوَى دُخُولَ الْمُعَرَّفِ تَحْتَ النَّكِرَةِ فَإِنَّهَا تَشْمَلُهُ وَغَيْرَهُ كَمَا مَرَّ فَيَحْنَثُ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لِأَنَّهُ نَوَى الْمَجَازَ وَفِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ، فَيَحْنَثُ بِمَا نَوَى وَيَحْنَثُ بِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ فِي الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ وَفِي الْعِلْمِ) لَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَائِهِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْرِفَةِ مَا كَانَ مُعَرَّفًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهُوَ مَا لَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ دَخَلَ الْحَالِفُ لَوْ هُوَ كَذَلِكَ) أَيْ لَوْ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ وَالْغُلَامُ لَهُ فَإِذَا كَلَّمَ غُلَامَهُ حَنِثَ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْحَالِفُ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ مُنَكَّرٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قَوْلُهُ لِجَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْعَلَمِ فِي مَوْضِعِ النَّكِرَةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ كَثِيرٌ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ مَنْ كَلَّمَ غُلَامَ رَجُلٍ مُسَمًّى بِهَذَا الِاسْمِ وَلَوْ قَالَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْحَالِفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>