(وَمُعْتَدَّةِ الثَّلَاثِ) وَلَوْ جُمْلَةً (وَأَمَةِ امْرَأَتِهِ وَأَمَةِ سَيِّدِهِ) وَوَطْءِ (الْمُرْتَهِنِ) الْأَمَةَ (الْمَرْهُونَةَ) فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْحُدُودِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ زَيْلَعِيٌّ. وَفِي الْهِدَايَةِ: الْمُسْتَعِيرُ لِلرَّهْنِ كَالْمُرْتَهِنِ وَسَيَجِيءُ حُكْمُ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمَوْقُوفَةَ عَلَيْهِ كَالْمَرْهُونَةِ نَهْرٌ (وَ) مُعْتَدَّةِ (الطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ) وَكَذَا الْمُخْتَلِعَةُ عَلَى الصَّحِيحِ بَدَائِعُ وَمُعْتَدَّةُ (الْإِعْتَاقِ وَ) الْحَالُ أَنَّهَا (هِيَ أُمُّ وَلَدِهِ، وَ) الْوَاطِئُ (إنْ ادَّعَى النَّسَبَ يَثْبُتُ فِي الْأُولَى) شُبْهَةِ الْمَحِلِّ (لَا فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ شُبْهَةِ الْفِعْلِ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ وَمُعْتَدَّةِ الثَّلَاثِ) هَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ الثَّلَاثَ بِالْكِنَايَاتِ إذْ لَوْ نَوَاهَا بِهَا كَانَ مِنْ شُبْهَةِ الْمَحِلِّ كَمَا قَدَّمَهُ عَنْ النَّهْرِ (قَوْلُهُ ولَوْ جُمْلَةً) أَيْ وَلَوْ كَانَ تَطْلِيقُهُ الثَّلَاثَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ فَلَا يَسْقُطُ عِنْدَهُ الْحَدُّ إلَّا إنْ ادَّعَى ظَنَّ الْحِلِّ وَكَذَا لَوْ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ مُتَفَرِّقَةً بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى إذْ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ نَاطِقٌ بِانْتِفَاءِ الْحِلِّ بَعْدَ الثَّالِثَةِ فَلَمْ يَبْقَ شُبْهَةٌ فِي حِلِّ الْمَحِلِّ، وَلَا اعْتِبَارَ بِخِلَافِ مَنْ أَنْكَرَ وُقُوعَ الْجُمْلَةِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْقَطْعِيِّ، وَهُوَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ الَّذِي تَقَرَّرَ فِي زَمَنِ عُمَرَ، لَكِنْ يُشْكِلُ مَا فِي نِكَاحِ الْهِدَايَةِ.
مِنْ أَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ بِوَطْءِ الْمُطَلَّقَةِ بَائِنًا وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا مَعَ الْعِلْمِ بِالْحُرْمَةِ عَلَى إشَارَةِ كِتَابِ الطَّلَاقِ.
وَعَلَى عِبَارَةِ كِتَابِ الْحُدُودِ يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ أَزَالَ حَقَّ الْحِلِّ فَيَتَحَقَّقُ الزِّنَا. اهـ.
وَوَفَّقَ فِي الْبَحْرِ بِحَمْلِ إشَارَةِ كِتَابِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا أَوْقَعَ الثَّلَاثَ جُمْلَةً، وَحَمَلَ عِبَارَةَ الْحُدُودِ عَلَى مَا إذَا أَوْقَعَهَا مُتَفَرِّقَةً؛ لِأَنَّ إيقَاعَهَا جُمْلَةً خَالَفَ فِيهِ الظَّاهِرِيَّةَ: أَيْ فَيَكُونُ مِنْ شُبْهَةِ الْمَحِلِّ فَلَا يُحَدُّ وَإِنْ اعْتَقَدَ الْحُرْمَةَ لِشُبْهَةِ الدَّلِيلِ.
وَاعْتَرَضَهُ ح بِأَنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ الْجَزْمُ بِأَنَّهَا مِنْ شُبْهَةِ الْفِعْلِ وَعَدَمُ اعْتِبَارِ الْخِلَافِ بَعْدَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ، وَبِأَنَّ الْإِشَارَةَ لَا تُعَارِضُ الْعِبَارَةَ. قُلْت: عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ حَمْلُ الْإِشَارَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ بِلَفْظِ الْكِنَايَاتِ وَالْعِبَارَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِلَفْظِ الصَّرِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْحُدُودِ) أَيْ أَنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَهَا فِي كِتَابِ الْحُدُودِ مِنْ مَسَائِلِ شُبْهَةِ الْفِعْلِ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّهَا مِنْ شُبْهَةِ الْمَحِلِّ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ الْحِلَّ فَلَا حَدَّ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا عَلِمَ الْحُرْمَةَ وَالْأَصَحُّ وُجُوبُهُ وَذَكَرَ فِي الْإِيضَاحِ وُجُوبَهُ وَإِنْ ظَنَّ الْحِلَّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ الرِّوَايَاتِ.
مَطْلَبُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِهِ أَوْلَى مِنْ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِ بَابِهِ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ فِي بَابِهِ أَوْلَى مِنْ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِ بَابِهِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ اسْتِطْرَادٌ هَكَذَا كَانَ أَفَادَنِيهِ وَالِدِي فَلْيُحْفَظْ (قَوْلُهُ وَهِيَ الْمُخْتَارُ) وَفِي الْهِدَايَةِ: وَهِيَ الْأَصَحُّ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُونَ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ لَا يُفِيدُ مِلْكَ الْمُتْعَةِ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُ لَهُ الْمِلْكُ بَعْدَ الْهَلَاكِ فَيَصِيرُ بِهِ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ لَكِنَّهُ بَعْدَ الْهَلَاكِ لَا يَمْلِكُ الْمُتْعَةَ أَيْ الْوَطْءَ، وَمُقْتَضَى هَذَا وُجُوبُ الْحَدِّ وَإِنْ ظَنَّ الْحِلَّ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ الِاسْتِيفَاءُ سَبَبًا لِمِلْكِ الْمَالِ وَمِلْكُ الْمَالِ سَبَبًا لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ فِي الْجُمْلَةِ حَصَلَ الِاشْتِبَاهُ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ الْمُسْتَعِيرُ لِلرَّهْنِ) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ: أَيْ الَّذِي اسْتَعَارَ أَمَةً لِيَرْهَنَهَا لَا لِلتَّعْدِيَةِ حَتَّى يَكُونَ الْمَعْنَى اسْتَعَارَ أَمَةً مَرْهُونَةً مِنْ الْمُرْتَهِنِ اهـ ح.
وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَا لِلتَّقْوِيَةِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ هُنَا مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ، تَقُولُ أَنَا مُسْتَعِيرٌ فَرَسًا فَإِذَا قُلْت مُسْتَعِيرٌ لِلْفَرَسِ كَانَتْ زَائِدَةً لِتَقْوِيَةِ الْعَامِلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى - {مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} [البقرة: ٩١]- وَلَعَلَّ وَجْهَ كَوْنِ الْمُسْتَعِيرِ بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَهِنِ هُوَ أَنَّهُ إذَا اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ بِكَذَا ثُمَّ هَلَكَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِدَيْنِهِ وَوَجَبَ مِثْلُ الدَّيْنِ لِلْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَاضِيًا دَيْنَهُ بِالرَّهْنِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحِلِّهِ، فَإِذَا غَرِمَ مِثْلَهُ لِلْمُعِيرِ صَارَ مَالِكًا لَهُ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَهِنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْمُخْتَلِعَةُ) أَيْ عَلَى مَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ خُلْعًا خَلَا عَنْ مَالٍ كَانَ مِنْ شُبْهَةِ الْمَحِلِّ كَمَا قَدَّمَهُ عَنْ النَّهْرِ (قَوْلُهُ يَثْبُتُ فِي الْأُولَى) هَذَا فِي غَيْرِ الْجَدِّ إذَا وَطِيء جَارِيَةَ ابْنِ ابْنِهِ وَابْنُهُ حَيٌّ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ لَا يَتَمَلَّكُهَا حَالَ حَيَاةِ الْأَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute