وَمِثْلُهُ النَّيْكُ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ شَرْحِ الْمَنَارِ؛ وَلَوْ قَالَ يَا زَانِئُ بِالْهَمْزِ لَمْ يُحَدَّ شَرْحُ تَكْمِلَةٍ (أَوْ) بِقَوْلِهِ (زَنَأْت فِي الْجَبَلِ) بِالْهَمْزِ فَإِنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْفَاحِشَةِ وَالصُّعُودِ.
وَحَالَةُ الْغَضَبِ تُعَيِّنُ الْفَاحِشَةَ (أَوْ لَسْتَ لِأَبِيك) وَلَوْ زَادَ وَلَسْتَ لِأُمِّك أَوْ قَالَ لَسْت لِأَبَوَيْك فَلَا حَدَّ (أَوْ لَسْت بِابْنِ فُلَانٍ لِأَبِيهِ) الْمَعْرُوفِ بِهِ (وَ) الْحَالُ أَنَّ (أُمَّهُ مُحْصَنَةٌ) لِأَنَّهَا الْمَقْذُوفَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ إذْ الْمُعْتَبَرُ إحْصَانُ الْمَقْذُوفَةِ لَا الطَّالِبِ شُمُنِّيٌّ (فِي غَضَبٍ) يَتَعَلَّقُ بِالصُّوَرِ الثَّلَاثِ
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَوَجْهُ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ النِّسْبَةَ إلَى الزِّنَا صَرِيحًا.
وَمَا فِي الْمَبْسُوطِ نَاظِرٌ إلَى احْتِمَالِ التَّأْوِيلِ، وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ التَّفْرِقَةِ مُشْكِلٌ.
وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ أَزَنَى مِنْ فُلَانٍ فِيهِ نِسْبَةُ فُلَانٍ إلَى الزِّنَا وَتَشْرِيكُ الْمُخَاطَبِ مَعَهُ فِي ذَلِكَ الْقَذْفِ، بِخِلَافِ أَنْتَ أَزَنَى مِنِّي؛ لِأَنَّ فِيهِ نِسْبَةَ نَفْسِهِ إلَى الزِّنَا وَذَلِكَ غَيْرُ قَذْفٍ فَلَا يَكُونُ قَذْفًا لِلْمُخَاطَبِ أَنَّهُ تَشْرِيكٌ لَهُ فِيمَا لَيْسَ بِقَذْفٍ (قَوْلُهُ عَنْ شَرْحِ الْمَنَارِ) أَيْ لِابْنِ مَالِكٍ فِي بَحْثِ الْكِنَايَةِ. اهـ. ح.
قُلْت: وَمِثْلُهُ فِي الْمُغْرِبِ حَيْثُ قَالَ: النَّيْكُ مِنْ أَلْفَاظِ الصَّرِيحِ فِي بَابِ النِّكَاحِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ مَاعِزٍ " أَنِكْتَهَا؟ قَالَ نَعَمْ " (قَوْلُهُ لَمْ يُحَدَّ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ لَمْ سَبْقُ قَلَمٍ. قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ يَا زَانِئُ بِرَفْعِ الْهَمْزَةِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ إذَا قَالَ عَنَيْت بِهِ الصُّعُودَ عَلَى شَيْءٍ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَيُحَدُّ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ مَعَ الْهَمْزِ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ الصُّعُودُ إذَا ذُكِرَ مَقْرُونًا بِمَحِلِّ الصُّعُودِ، يُقَالُ زَانِئُ الْجَبَلِ وَزَانِئُ السَّطْحِ، أَمَّا غَيْرُ مَقْرُونٍ بِمَحِلِّ الصُّعُودِ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ الزِّنَا إلَّا أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَهْمِزُ اللِّينَ وَقَدْ تُلِينُ الْهَمْزَةَ، فَقَدْ نَوَى مَا لَا يَحْتَمِلُهُ فَلَا يُصَدَّقُ اهـ ح. قُلْت: وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ صَرَّحَ بِالْخِلَافِ فِي كَافِي الْحَاكِمِ فَقَالَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ، فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ بِقَوْلِهِ زَنَأْت فِي الْجَبَلِ) أَيْ وَإِنْ قَالَ عَنَيْت بِهِ الصُّعُودَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فَلَا يُحَدُّ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الصُّعُودِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ بِالْهَمْزِ) فَلَوْ أَتَى بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ حُدَّ اتِّفَاقًا، وَكَذَا لَوْ حَذَفَ الْجَبَلَ كَمَا أَفَادَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَلَوْ قَالَ عَنْ الْجَبَلِ، قِيلَ لَا يُحَدُّ وَجَزَمَ فِي الْمَبْسُوطِ بِأَنَّهُ يُحَدُّ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّ حَالَةَ الْغَضَبِ تُعَيِّنُ تِلْكَ الْإِرَادَةَ وَكَوْنُهَا فَوْقَهُ، وَتَعَيُّنُ الصُّعُودِ مُسَلَّمٌ فِي غَيْرِ حَالَةِ السِّبَابِ نَهْرٌ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدِي (قَوْلُهُ فَلَا حَدَّ) لِلْكَذِبِ، وَلِأَنَّ فِيهِ نَفْيَ الزِّنَا؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْوِلَادَةِ نَفْيٌ لِلْوَطْءِ بَحْرٌ، وَكَذَا لَوْ نَفَاهُ عَنْ أُمِّهِ فَقَطْ لِلصِّدْقِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَيْسَ لِأُمِّهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِأَبِيهِ الْمَعْرُوفِ) أَيْ الَّذِي يُدْعَى لَهُ، وَكَذَا لَسْت مِنْ وَلَدِ فُلَانٍ أَوْ لَسْت لِأَبٍ أَوْ لَمْ يَلِدْك أَبُوك، بِخِلَافِ لَسْت مِنْ وِلَادَةِ فُلَانٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِقَذْفٍ بَحْرٌ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ.
وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِأَبِيهِ الْمَعْرُوفِ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ نَفَاهُ عَنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ غَيْرِ أَبِيهِ لَا عَمَّا لَوْ نَفَاهُ عَنْ أَبٍ مُطْلَقٍ شَامِلٍ لِأَبِيهِ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنَّك ابْنُ فُلَانٍ لِغَيْرِ أَبِيهِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ مِنْ التَّفْصِيلِ. اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا الْمَقْذُوفَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّ نَفْيَ نَسَبِهِ مِنْ أَبِيهِ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ زَانِيًا، فَلَزِمَ أَنَّ أُمَّهُ زَنَتْ مَعَ أَبِيهِ فَجَاءَتْ بِهِ مِنْ الزِّنَا نَهْرٌ وَنَحْوُهُ فِي الْفَتْحِ. قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْمَقْذُوفِ هُوَ الْأُمُّ وَحْدَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَوَّلًا، أَمَّا زِنَا الْأَبِ فَغَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ وَقَدْ نَفَى الْقَاذِفُ نَسَبَهُ عَنْ أَبِيهِ لَزِمَ مِنْهُ أَنَّ أُمَّهُ زَنَتْ بِرَجُلٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَبِ أَبُوهُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي يُدْعَى لَهُ كَمَا مَرَّ، نَعَمْ يَصِحُّ ذَلِكَ لَوْ أُرِيدَ بِالْأَبِ مَنْ خُلِقَ هُوَ مِنْ مَائِهِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَذْفًا لِلْأُمِّ وَلِمَنْ عَلِقَتْ بِهِ مِنْ مَائِهِ لَا لِلْأَبِ الْمَعْرُوفِ، لَكِنَّهُ يُخَالِفُ قَوْلَهُ قَبْلَهُ لِأَبِيهِ الْمَعْرُوفِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ لَا الطَّالِبُ) هُوَ الَّذِي يَقَعُ الْقَدْحُ فِي نَسَبِهِ كَمَا يَأْتِي، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الِابْنُ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْمَقْذُوفَةُ مَيِّتَةً، فَلَوْ حَيَّةً فَالطَّالِبُ هِيَ، وَعَلَى كُلٍّ فَالشَّرْطُ إحْصَانُهَا لَا إحْصَانُ ابْنِهَا (قَوْلُهُ فِي غَضَبٍ) إذْ فِي الرِّضَا يُرَادُ بِهِ الْمُعَاتَبَةُ بِنَفْيِ مُشَابَهَتِهِ لَهُ فِي أَسْبَابِ الْمُرُوءَةِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ يَتَعَلَّقُ بِالصُّوَرِ الثَّلَاثِ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْبَحْرِ، حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْغَضَبِ فِي الثَّانِيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute