للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ فَعَلَ مَا سَرَقَ مِنْ الْحَجَرَيْنِ وَهُوَ قَدْرُ نِصَابٍ) وَقْتَ الْأَخْذِ (دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ) أَوْ آنِيَةً (قُطِعَ وَرُدَّتْ) وَقَالَا: لَا تُرَدُّ لِتَقَوُّمِ الصَّنْعَةِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ. وَأَمَّا نَحْوُ النُّحَاسِ لَوْ جَعَلَهُ أَوَانِي، فَإِنْ كَانَ يُبَاعُ وَزْنًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ عَدَدًا فَهِيَ لِلسَّارِقِ اتِّفَاقًا اخْتِيَارٌ.

(وَلَوْ صَبَغَهُ أَحْمَرَ أَوْ طَحَنَ الْحِنْطَةَ) أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ (فَقُطِعَ لَا رَدَّ وَلَا ضَمَانَ) وَكَذَا لَوْ صَبَغَهُ بَعْدَ الْقَطْعِ بَحْرٌ خِلَافًا لِمَا فِي الِاخْتِيَارِ (وَلَوْ) صَبَغَهُ (أَسْوَدَ رَدَّهُ) لِأَنَّ السَّوَادَ نُقْصَانٌ خِلَافًا لِلثَّانِي وَهُوَ اخْتِلَافُ زَمَانٍ لَا بُرْهَانٍ.

(سَرَقَ فِي وِلَايَةِ سُلْطَانٍ لَيْسَ لِسُلْطَانٍ آخَرَ قَطْعُهُ) إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى مَنْ لَيْسَ تَحْتَ يَدِهِ؛ فَلْيُحْفَظْ هَذَا الْأَصْلُ. (إذَا كَانَ لِلسَّارِقِ كَفَّانِ فِي مِعْصَمٍ وَاحِدٍ) قِيلَ يُقْطَعَانِ، وَقِيلَ إنْ تَمَيَّزَتْ الْأَصْلِيَّةُ وَأَمْكَنَ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَطْعِهَا (لَمْ يُقْطَعْ الزَّائِدُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لِلْقَطْعِ (وَإِلَّا) تَكُنْ مُتَمَيِّزَةً (قُطِعَا هُوَ الْمُخْتَارُ) لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إقَامَةِ الْوَاجِبِ إلَّا بِذَلِكَ سِرَاجٌ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

ــ

[رد المحتار]

بِالذَّبْحِ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ الْحَجَرَيْنِ) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (قَوْلُهُ دَرَاهِمَ) مَفْعُولُ فَعَلَ (قَوْلُهُ لِتَقَوُّمِ الصَّنْعَةِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ) وَأَصْلُ الْخِلَافِ فِي الْغَاصِبِ هَلْ يَمْلِكُ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ بِهَذِهِ الصَّنْعَةِ أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ أَمْ لَا، ثُمَّ وُجُوبُ الْقَطْعِ عِنْدَهُ لَا يُشْكِلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا عَلَى قَوْلِهِ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَقِيلَ لَا يَجِبُ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا قَبْلَهُ، وَقِيلَ يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِالصَّنْعَةِ شَيْئًا آخَرَ فَلَمْ يَمْلِكْ عَيْنَهُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا اتَّخَذَهُ حُلِيًّا أَوْ آنِيَةً زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ فَهِيَ لِلسَّارِقِ اتِّفَاقًا) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصَّنْعَةَ بَدَّلَتْ الْعَيْنَ وَالِاسْمَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ تَغَيَّرَ بِهَا حُكْمُ الرِّبَا حَيْثُ خَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا مَوْزُونَةً، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِبَقَاءِ الِاسْمِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ كَمَا كَانَتْ حُكْمًا، حَتَّى لَا يَصِحَّ بَيْعُ آنِيَةِ فِضَّةٍ وَزْنُهَا عَشَرَةٌ بِأَحَدَ عَشَرَ كَذَا يُفَادُ مِنْ الْفَتْحِ

(قَوْلُهُ فَقُطِعَ) إنَّمَا قُطِعَ بِاعْتِبَارِ سَرِقَةِ الثَّوْبِ الْأَبْيَضِ وَهُوَ لَمْ يَمْلِكْهُ أَبْيَضَ بِوَجْهٍ مَا وَالْمَمْلُوكُ لِلسَّارِقِ إنَّمَا هُوَ الْمَصْبُوغُ، وَكَذَا يُقْطَعُ بِالْحِنْطَةِ وَإِنْ مَلَكَ الدَّقِيقَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لَا رَدَّ) أَيْ حَالَ قِيَامِهِ وَلَا ضَمَانَ: أَيْ حَالَ اسْتِهْلَاكِهِ، وَهَذَا عِنْدَهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَرُدُّ الثَّوْبَ وَيَأْخُذُ مَا زَادَ الصَّبْغُ؛ لِأَنَّ عَيْنَ مَالِهِ قَائِمٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَلَهُمَا أَنَّ الصِّبْغَ قَائِمٌ صُورَةً وَمَعْنًى بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ لَوْ أَخَذَ الثَّوْبَ يَضْمَنُ الصِّبْغَ وَحَقُّ الْمَالِكِ قَائِمٌ صُورَةً لَا مَعْنًى بِدَلِيلِ أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى السَّارِقِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا فِي الِاخْتِيَارِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَبَغَهُ بَعْدَ الْقَطْعِ يَرُدُّهُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْهِدَايَةِ: فَإِنْ سَرَقَ ثَوْبًا فَقُطِعَ فَصَبَغَهُ أَحْمَرَ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ، وَلِقَوْلِ مُحَمَّدٍ سَرَقَ الثَّوْبَ فَقُطِعَ يَدُهُ وَقَدْ صَبَغَ الثَّوْبَ أَحْمَرَ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ، فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَصْبُغَهُ قَبْلَ الْقَطْعِ أَوْ بَعْدَهُ زَيْلَعِيٌّ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ.

قُلْت: لَكِنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَقَدْ صَبَغَهُ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ فَمِنْ أَيْنَ يُفِيدُ كَوْنَ الصَّبْغِ بَعْدَ الْقَطْعِ. ثُمَّ رَأَيْت سَعْدَ حَلَبِيٍّ اعْتَرَضَ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّ عِبَارَةَ الْهِدَايَةِ لَيْسَتْ كَمَا نَقَلَهُ اهـ. قُلْت: لِأَنَّ عِبَارَةَ الْهِدَايَةِ هَكَذَا: فَإِنْ سَرَقَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ أَحْمَرَ ثُمَّ قُطِعَ إلَخْ فَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ مُسَاوِيَةٌ لِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَالْكَنْزِ. وَقَدْ ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ مَا فِي الْكَنْزِ ذُكِرَ مِثْلَهُ فِي الْمُحِيطِ وَالْكَافِي، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تُؤَيِّدُ مَا فِي الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَبْقَ لِدَعْوَى الزَّيْلَعِيِّ دَلِيلٌ، فَالِاعْتِمَادُ عَلَى مَا قَالُوهُ لَا عَلَى مَا قَالَهُ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلثَّانِي) ؛ لِأَنَّ السَّوَادَ زِيَادَةٌ عِنْدَهُ كَالْحُمْرَةِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ زِيَادَةٌ أَيْضًا كَالْحُمْرَةِ وَلَكِنَّهُ لَا يَقْطَعُ حَقَّ الْمَالِكِ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ السَّوَادُ نُقْصَانٌ وَلَا يُوجِبُ انْقِطَاعَ حَقِّ الْمَالِكِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ اخْتِلَافُ زَمَانٍ إلَخْ) فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا لَا يَلْبَسُونَ السَّوَادَ فِي زَمَنِهِ وَيَلْبَسُونَهُ فِي زَمَنِهِمَا فَتْحٌ

(قَوْلُهُ سَرَقَ فِي وِلَايَةِ سُلْطَانٍ إلَخْ) ذَكَرَهُ مَعَ تَعْلِيلِهِ فِي الدُّرَرِ. وَقَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: ذَكَرَهُ فِي الْفَيْضِ. وَفِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ مَعْزُوًّا إلَى الْإِمَامِ الْأَجَلِّ الشَّهِيدِ (قَوْلُهُ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ إلَخْ) أَيْ فِي وَقْتِ السَّرِقَةِ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّهُمَا فِي وَقْتِ الدَّعْوَى تَحْتَ يَدِهِ، وَهَلْ كَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصُ أَيْضًا؟ لَمْ أَرَهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>