للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِيَعُمَّ التَّيَمُّمَ بِالْحَجَرِ الْأَمْلَسِ (بِصِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الضَّرْبَتَيْنِ رُكْنٌ، وَهُوَ الْأَصَحُّ الْأَحْوَطُ (لِ) أَجْلِ (إقَامَةِ الْقُرْبَةِ) خَرَجَ التَّيَمُّمُ لِلتَّعْلِيمِ فَإِنَّهُ لَا يُصَلَّى بِهِ. وَرُكْنُهُ شَيْئَانِ: الضَّرْبَتَانِ، وَالِاسْتِيعَابُ. وَشَرْطُهُ سِتَّةٌ: النِّيَّةُ، وَالْمَسْحُ، وَكَوْنُهُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ فَأَكْثَرَ، وَالصَّعِيدُ، وَكَوْنُهُ مُطَهِّرًا، وَفَقْدُ الْمَاءِ.

ــ

[رد المحتار]

لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ صَلَاةٌ شَرْعًا فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الشُّرُوطِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ فَلِذَا قَالُوا بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ كَمَا مَرَّ.

وَلَمَّا كَانَ الِاسْتِعْمَالُ وَهُوَ الْمَسْحُ الْمَخْصُوصُ لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ مِنْ تَمَامِ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ ذَكَرَهُ مَعَ الْقَصْدِ تَتْمِيمًا لِلتَّعْرِيفِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُنِيفَ (قَوْلُهُ بِصِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ) وَهِيَ مَا فِي الْبَدَائِعِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ: التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ، فَقُلْت: كَيْفَ هُوَ؟ فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الصَّعِيدِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ ثُمَّ نَفَضَهُمَا ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ ثُمَّ أَعَادَ كَفَّيْهِ عَلَى الصَّعِيدِ ثَانِيًا فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ ثُمَّ نَفَضَهُمَا ثُمَّ مَسَحَ بِذَلِكَ ظَاهِرَ الذِّرَاعَيْنِ وَبَاطِنَهُمَا إلَى الْمِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يَنْبَغِي أَنْ يَمْسَحَ بِبَاطِنِ أَرْبَعِ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُسْرَى ظَاهِرَ يَدِهِ الْيُمْنَى مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْمِرْفَقِ، ثُمَّ يَمْسَحَ بِكَفِّهِ الْيُسْرَى دُونَ الْأَصَابِعِ بَاطِنَ يَدِهِ الْيُمْنَى مِنْ الْمِرْفَقِ إلَى الرُّسْغِ، ثُمَّ يَمُرَّ بِبَاطِنِ إبْهَامِهِ الْيُسْرَى عَلَى ظَاهِرِ إبْهَامِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَفْعَلَ بِالْيَدِ الْيُسْرَى كَذَلِكَ، وَهَذَا الْأَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِرَازِ عَنْ اسْتِعْمَالِ التُّرَابِ الْمُسْتَعْمَلِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ.

اهـ مُلَخَّصًا، وَمِثْلُهُ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ التُّحْفَةِ وَالْمُحِيطِ وَزَادِ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْأَحْوَطُ) هَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ السَّيِّدُ أَبُو شُجَاعٍ وَصَحَّحَهُ الْحَلْوَانِيُّ، وَفِي النِّصَابِ: وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَبِهِ نَأْخُذُ، وَهُوَ الْأَحْوَطُ. وَقِيلَ لَيْسَا بِرُكْنٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَقَاضِي خَانْ، وَإِلَيْهِ مَالَ فِي الْبَحْرِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْإِمْدَادِ. وَقَالَ فِي الْفَتْحِ إنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ وَلِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الْآيَةِ الْمَسْحُ لَيْسَ غَيْرُ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ» إمَّا عَلَى إرَادَةِ الضَّرْبَةِ أَعَمَّ مِنْ كَوْنِهَا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَى الْعُضْوِ مَسْحًا أَوْ أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ. اهـ.

وَأَقَرَّهُ فِي الْحِلْيَةِ وَرَجَّحَهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ. وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْكَمَالِ: وَالْمُرَادُ بَيَانُ كِفَايَةِ الضَّرْبَتَيْنِ لَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُمَا، كَيْفَ وَقَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ: لَوْ كَنَسَ دَارًا أَوْ هَدَمَ حَائِطًا أَوْ كَالَ حِنْطَةً فَأَصَابَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ غُبَارٌ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ عَنْ التَّيَمُّمِ حَتَّى يُمِرَّ يَدَهُ عَلَيْهِ اهـ أَيْ أَوْ يُحَرِّكَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ بِنِيَّتِهِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الْخُلَاصَةِ. وَقَالَ فِي النَّهْرِ: الْمُرَادُ الضَّرْبُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَعَلَيْهِ مَشَى الشَّارِحُ فِيمَا سَيَأْتِي، وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ كَمَا فِي الْبَحْرِ فِيمَا لَوْ ضَرَبَ يَدَيْهِ فَقَبْلَ أَنْ يَمْسَحَ أَحْدَثَ، وَفِيمَا إذَا نَوَى بَعْدَ الضَّرْبِ، وَفِيمَا إذَا أَلْقَتْ الرِّيحُ الْغُبَارَ عَلَى وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ فَمَسَحَ بِنِيَّةِ التَّيَمُّمِ أَجْزَأَهُ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ لِأَجْلِ إقَامَةِ الْقُرْبَةِ) أَيْ لِأَجْلِ عِبَادَةٍ مَقْصُودَةٍ لَا تَصِحُّ بِدُونِ الطَّهَارَةِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي بِهِ) ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ يَحْصُلُ بِالْقَوْلِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِيعَابُ) الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الرُّكْنَ هُوَ الْمَسْحُ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ التَّيَمُّمِ كَمَا مَرَّ، وَالِاسْتِيعَابُ شَرْطٌ؛ لِأَنَّهُ مُكَمِّلٌ لَهُ وَالشَّارِحُ عَكَسَ ذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ فِي كَلَامِهِمْ بِمَا ذَكَرْته (قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ سِتَّةٌ) بَلْ تِسْعَةٌ كَمَا سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ فَأَكْثَرَ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْبَحْرِ بِالْيَدِ أَوْ بِأَكْثَرِهَا، فَلَوْ مَسَحَ بِأُصْبُعَيْنِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَرَّرَ حَتَّى اسْتَوْعَبَ، بِخِلَافِ مَسْحِ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ إذَا مَسَحَهَا مِرَارًا بِأُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ لِكُلٍّ حَتَّى صَارَ قَدْرَ رُبُعِ الرَّأْسِ صَحَّ. اهـ إمْدَادٌ وَبَحْرٌ قُلْت: لَكِنْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَوْ تَمَعَّكَ بِالتُّرَابِ بِنِيَّةِ التَّيَمُّمِ فَأَصَابَ التُّرَابُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ قَدْ حَصَلَ. اهـ فَعُلِمَ أَنَّ اشْتِرَاطَ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ مَحَلُّهُ حَيْثُ مَسَحَ بِيَدِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالصَّعِيدُ) كَوْنُهُ شَرْطًا لَا يُنَافِي عَدَمَ تَحَقُّقِ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِدُونِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ سَابِقًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَفَقْدُ الْمَاءِ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ نَحْوَ الْمَرَضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>