للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِعْتَاقِ كَمَا لَوْ اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ وَأَدْخَلُوهُ دَارَهُمْ فَأَبَقَ مِنْهُمْ إلَيْنَا قَيَّدَ بِالْمُسْتَأْمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَاهُ حَرْبِيٌّ لَا يُعْتِقُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا لِمَانِعِ حَقِّ اسْتِرْدَادِهِ نَهْرٌ (كَعَبْدٍ لَهُمْ أَسْلَمَ ثَمَّةَ فَجَاءَنَا) إلَى دَارِنَا أَوْ إلَى عَسْكَرِنَا ثَمَّةَ، أَوْ اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ أَوْ حَرْبِيٌّ ثَمَّةَ، أَوْ عَرَضَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي بَحْرٌ (أَوْ ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ) فَفِي هَذِهِ التِّسْعِ صُوَرٍ يَعْتِقُ الْعَبْدُ بِلَا إعْتَاقٍ وَلَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا عِتْقٌ حُكْمِيٌّ دُرَرٌ، وَفِي الزَّيْلَعِيِّ لَوْ قَالَ الْحَرْبِيُّ لِعَبْدِهِ آخِذًا بِيَدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ لَا يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ مُعْتِقٌ بِبَيَانِهِ مُسْتَرِقٌّ بِبَنَانِهِ.

ــ

[رد المحتار]

كَمَا يُقَامُ مُضِيُّ الثَّلَاثِ حِيَضٍ مَقَامَ التَّفْرِيقِ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ إلَخْ) ذَكَرَ هَذَا الْفَرْعَ فِي الدُّرَرِ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ الْمُلْتَقِطِ عَبْدٌ أَسَرَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ وَأَلْحَقُوهُ بِدَارِهِمْ ثُمَّ أَبَقَ مِنْهُمْ يُرَدُّ إلَى سَيِّدِهِ وَفِي رِوَايَةٍ يَعْتِقْ. اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَجَّحَ عَدَمُ الْعِتْقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ الْمُسْلِمَ لَهُ حَقُّ اسْتِرْدَادِهِ كَمَا يُوَضِّحُهُ مَا يَأْتِي عَقِبَهُ (قَوْلُهُ قَيَّدَ بِالْمُسْتَأْمَنِ إلَخْ) عِبَارَةُ النَّهْرِ هَكَذَا قَيَّدَ بِشِرَاءِ الْمُسْتَأْمَنِ؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَوْ أَسَرَ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ وَأَدْخَلَهُ دَارِهِ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا لِلْمَانِعِ عِنْدَهُ مِنْ عَمَلِ الْمُقْتَضِي عَمَلَهُ، وَهُوَ حَقُّ اسْتِرْدَادِ الْمُسْلِمِ اهـ وَبِهِ يَظْهَرُ مَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ مِنْ الْخَلَلِ (قَوْلُهُ لِمَانِعِ حَقِّ اسْتِرْدَادِهِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ: أَيْ لِمَانِعٍ هُوَ حَقُّ اسْتِرْدَادِ الْمَوْلَى الْمُسْلِمِ عَبْدَهُ. وَحَاصِلُهُ: الْفَرْقُ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا قَبْلَهَا، وَهُوَ أَنَّ كَلَامَنَا فِيمَنْ مَلَكَهُ الْحَرْبِيُّ فِي دَارِنَا، وَوَجَبَ إزَالَتُهُ عَنْ مِلْكِهِ، وَهُنَا لَمْ يَمْلِكْهُ قَبْلَ إدْخَالِهِ دَارِهِمْ، فَكَانَ لِلْمَوْلَى حَقُّ اسْتِرْدَادِهِ فَلَوْ أَعْتَقْنَاهُ عَلَى الْحَرْبِيِّ حِينَ أَحْرَزَهُ أَبْطَلْنَا حَقَّ اسْتِرْدَادِ الْمُسْلِمِ إيَّاهُ جَبْرًا فَكَانَ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ عَمَلِ الْمُقْتَضِي عَمَلَهُ أَيْ مِنْ تَأْثِيرِ تَبَايُنِ الدَّارَيْنِ فِي الْإِعْتَاقِ (قَوْلُهُ كَعَبْدٍ لَهُمْ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَعْتِقُ عَبْدٌ إلَخْ وَهَذَا عَلَى قَوْلِهِ خِلَافًا لَهُمَا (قَوْلُهُ أَسْلَمَ ثَمَّةَ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ إذْ لَوْ خَرَجَ مُرَاغِمًا لِمَوْلَاهُ فَأَسْلَمَ فِي دَارِنَا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ أَوْ بِأَمْرِهِ لِحَاجَةٍ فَأَسْلَمَ فِي دَارِنَا، فَإِنَّ حُكْمَهُ أَنْ يَبِيعَهُ الْإِمَامُ، وَيَحْفَظَ ثَمَنَهُ لِمَوْلَاهُ الْحَرْبِيِّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ إلَى عَسْكَرِنَا ثَمَّةَ) لَا يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ إلَخْ) أَيْ يَعْتِقُ خِلَافًا لَهُمَا؛ لِأَنَّ قَهْرَ مَوْلَاهُ زَالَ حَقِيقَةً بِالْبَيْعِ، وَكَانَ إسْلَامُهُ يُوجِبُ إزَالَةَ قَهْرِهِ عَنْهُ إلَّا أَنَّهُ تَعَذَّرَ الْخِطَابُ بِالْإِزَالَةِ فَأُقِيمَ مَا لَهُ أَثَرٌ فِي زَوَالِ الْمِلْكِ مَقَامَ الْإِزَالَةِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ عَرَضَهُ عَلَى الْبَيْعِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَرَضَهُ فَقَدْ رَضِيَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَفِي هَذِهِ التِّسْعِ صُوَرٍ) أَقُولُ: بَلْ هِيَ إحْدَى عَشْرَةَ صُورَةً إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُسْتَأْمَنُ وَأَدْخَلَهُ دَارَهُمْ إمَّا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ، وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ. اهـ. ح.

قُلْت: مَسْأَلَةُ الِاسْتِيلَاءِ قَدْ عَلِمْت مَا فِيهَا نَعَمْ يُزَادُ مَسْأَلَةُ مَا لَوْ خَرَجَ مُرَاغِمًا لِمَوْلَاهُ (قَوْلُهُ وَلَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ إلَخْ) عَزَاهُ فِي الدُّرَرِ إلَى غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الَّذِي فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَلَا يَثْبُتُ وَلَاءُ الْعَبْدِ الْخَارِجِ إلَيْنَا مُسْلِمًا لِأَحَدٍ؛ لِأَنَّ هَذَا عِتْقٌ حُكْمِيٌّ اهـ فَقَدْ خَصَّهُ بِالْخَارِجِ إلَيْنَا. قُلْت: لَكِنَّ الْعُذْرَ لِصَاحِبِ الدُّرَرِ أَنَّ الْعِتْقَ حُكْمِيٌّ فِي الْكُلِّ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ لَوْ قَالَ الْحَرْبِيُّ إلَخْ) الَّذِي تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسَائِلِ صَحَّ فِيهِ الْعِتْقُ بِلَا إعْتَاقٍ وَهَذِهِ بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَصِحَّ فِيهَا مَعَ صَرِيحِ الْإِعْتَاقِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَرْبِيِّ مَنْ كَانَ مَنْشَؤُهُ دَارَ الْحَرْبِ، سَوَاءٌ أَسْلَمَ هُنَاكَ أَوْ بَقِيَ عَلَى حُرِّيَّتِهِ احْتِرَازًا عَنْ مُسْلِمٍ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ، فَاشْتَرَى عَبْدًا حَرْبِيًّا فَأَعْتَقَهُ فَالِاسْتِحْسَانُ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِلَا تَخْلِيَةٍ وَلَهُ الْوَلَاءُ كَمَا حَرَّرْنَاهُ أَوَّلَ بَابِ الْعِتْقِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ آخِذًا بِيَدِهِ) أَيْ لَمْ يُخْلِ سَبِيلَهُ (قَوْلُهُ لَا يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ وَالْعَبْدُ عِنْدَهُ فَهُوَ مِلْكُهُ، وَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ لِصُدُورِ رُكْنِ الْعِتْقِ مِنْ أَهْلِهِ، بِدَلِيلِ صِحَّةِ إعْتَاقِهِ عَبْدًا مُسْلِمًا فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي مَحَلِّهِ لِكَوْنِهِ مَمْلُوكًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَقٌ بِبَيَانِهِ) أَيْ بِتَصْرِيحِهِ بِلِسَانِهِ مُسْتَرَقٌّ بِبَنَانِهِ: أَيْ بِيَدِهِ وَهَذَا وَجْهُ قَوْلِ الْإِمَامِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>