عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُفْتَى بِهِ.
قُلْت: وَسَيَجِيءُ فِي بَابِ الْوَصِيِّ جَوَازُ بَيْعِ عَقَارِ الصَّبِيِّ فِي سَبْعِ مَسَائِلَ، وَأَفْتَى مُفْتِي دِمَشْقَ فَضْلُ اللَّهِ الرُّومِيُّ بِأَنَّ غَالِبَ أَرَاضِينَا سُلْطَانِيَّةٌ لِانْقِرَاضِ مُلَّاكِهَا، فَآلَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَتَكُونُ فِي يَدِ زُرَّاعِهَا كَالْعَارِيَّةِ اهـ وَفِي النَّهْرِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ: لَوْ أَرَادَ السُّلْطَانُ شِرَاءَهَا لِنَفْسِهِ يَأْمُرُ غَيْرَهُ بِبَيْعِهَا ثُمَّ يَشْتَرِيهَا مِنْهُ لِنَفْسِهِ انْتَهَى، وَإِذَا لَمْ يَعْرِفْ الْحَالَ فِي الشِّرَاءِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَالْأَصْلُ الصِّحَّةُ وَبِهِ عُرِفَ صِحَّةُ وَقْفِ الْمُشْتَرَاةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَأَنَّ شُرُوطَ الْوَاقِفِينَ صَحِيحَةٌ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ) أَيْ فِي وَصِيِّ الْيَتِيمِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَيْعُ الْعَقَارِ إلَّا فِي الْمَسَائِلِ السَّبْعِ الْآتِيَةِ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ وَعِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ لَهُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَصَاحِبُ الْمَجْمَعِ وَكَثِيرٌ كَمَا فِي التُّحْفَةِ الْمَرْضِيَّةَ.
(قَوْلُهُ فِي سَبْعِ مَسَائِلَ) وَنَصُّهُ وَجَازَ بَيْعُهُ عَقَارَ صَغِيرٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، لَا مِنْ نَفْسِهِ بِضِعْفِ قِيمَتِهِ أَوْ لِنَفَقَةِ الصَّغِيرِ، أَوْ دَيْنِ الْمَيِّتِ أَوْ وَصِيَّةٍ مُرْسَلَةٍ لَا إنْفَاذَ لَهَا إلَّا مِنْهُ أَوْ تَكُونُ غَلَّتُهُ لَا تَزِيدُ عَلَى مُؤْنَتِهِ أَوْ خَوْفِ خَرَابِهِ أَوْ نُقْصَانِهِ، أَوْ كَوْنُهُ فِي يَدِ مُتَغَلِّبٍ. اهـ. ح (قَوْلُهُ فَضْلُ اللَّهِ الرُّومِيُّ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الرَّضِيُّ وَلَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ (قَوْلُهُ بِأَنَّ غَالِبَ أَرَاضِينَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَرَاضِي الشَّامِيَّةُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْأَرَاضِيَ الرُّومِيَّةَ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الدُّرِّ الْمُنْتَقَى مِنْ قَوْلِهِ: وَكَذَا الشَّامِيَّةُ حَيْثُ جَعَلَهَا مِثْلَ الْمِصْرِيَّةِ، وَكَأَنَّ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْفَتْحِ الْمَارِّ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ كَالْعَارِيَّةِ) وَجْهُ الشَّبَهِ بَيْنَهُمَا عَدَمُ تَصَرُّفِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ مِنْ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ. اهـ. ح فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ أَنَّهَا تَكُونُ فِي أَيْدِيهِمْ بِالْأُجْرَةِ بِقَدْرِ الْخَرَاجِ وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ أَنَّ مَنْ أَقْطَعَهُ السُّلْطَانُ أَرْضًا فَلَهُ إجَارَتُهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا مِنْهُ) يَعْنِي مِنْ الْمُشْتَرِي كَمَا قَدَّمْنَا التَّصْرِيحَ بِهِ فِي عِبَارَةِ التَّجْنِيسِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ الضَّرُورَةُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ الْحَالُ فِي الشِّرَاءِ إلَخْ) أَيْ لَمْ يُعْرَفُ أَنَّهُ شِرَاءٌ صَحِيحٌ، وُجِدَ فِيهِ الْمُسَوِّغُ الشَّرْعِيُّ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا لِضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ فَالْأَصْلُ الصِّحَّةُ) حَمْلًا لِحَالِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَمَالِ (قَوْلُهُ وَبِهِ عُرِفَ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ أَيْضًا مِنْ كَلَامِ النَّهْر، وَأَصْلُهُ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ. مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْأَرَاضِي الَّتِي لِبَيْتِ الْمَالِ وَمُرَاعَاةِ شُرُوطِ الْوَاقِفِ
حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَرْضًا مِمَّا صَارَ لِبَيْتِ الْمَالِ فَقَدْ مَلَكَهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ حَالَ الشِّرَاءِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الصِّحَّةِ وَلَا خَرَاجَ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا لَمَّا مَاتَ مُلَّاكُهَا بِلَا وَرَثَةٍ عَادَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ وَسَقَطَ خَرَاجُهَا لِعَدَمِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ فَإِذَا بَاعَهَا الْإِمَامُ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُشْتَرِي خَرَاجُهَا لِقَبْضِ الْإِمَامِ ثَمَنَهَا وَهُوَ بَدَلُ عَيْنِهَا وَتَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا عُشْرَ عَلَيْهَا أَيْضًا وَقَدَّمْنَا مَا فِي ذَلِكَ وَحَيْثُ مَلَكَهَا بِالشِّرَاءِ صَحَّ وَقْفُهُ لَهَا وَتُرَاعَى شُرُوطُ وَقْفِهِ قَالَ فِي التُّحْفَةِ الْمَرْضِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ سُلْطَانًا أَوْ أَمِيرًا أَوْ غَيْرَهُمَا، وَمَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى شُرُوطُهُ إنْ كَانَ سُلْطَانًا أَوْ أَمِيرًا وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ رِيعَهُ مَنْ يَسْتَحِقُّ فِي بَيْتِ الْمَالِ، مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ لِلْوَظَائِفِ، فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَصَلَتْ إلَى الْوَاقِفِ بِإِقْطَاعِ السُّلْطَانِ إيَّاهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ لَا يُخَالِفُ مَا قُلْنَا لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعْرَفُ شِرَاءُ الْوَاقِفِ لَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بَلْ وَصَلَتْ إلَيْهِ بِإِقْطَاعِ السُّلْطَانِ لَهَا: أَيْ بِأَنْ جَعَلَ لَهُ خَرَاجَهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا لِبَيْتِ الْمَالِ فَلَمْ يَصِحَّ وَقْفُهُ لَهَا، وَلَا تَلْزَمُ شُرُوطُهُ، بِخِلَافِ مَا إذْ مَلَكَهَا ثُمَّ وَقَفَهَا كَمَا قُلْنَا. مَطْلَبٌ أَوْقَافُ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ لَا يُرَاعَى شَرْطُهَا
قُلْت: لَكِنْ بَقِيَ مَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ شِرَاؤُهُ لَهَا وَلَا عَدَمُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِصِحَّةِ وَقْفِهَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وَقْفِهِ لَهَا أَنَّهُ مَلَكَهَا وَلِهَذَا قَالَ السَّيِّدُ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ قُبَيْلَ قَاعِدَةِ: إذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ مَا نَصُّهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute