للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسَّكْرَانُ إذَا أَسْلَمَ وَكَذَا اللَّقِيطُ لِأَنَّ إسْلَامَهُ حُكْمِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ، وَقَيَّدَ فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا الْمُكْرَهَ بِالْحَرْبِيِّ. أَمَّا الذِّمِّيُّ الْمُسْتَأْمَنُ فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ انْتَهَى، لَكِنْ حَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ عَلَى جَوَابِ الْقِيَاسِ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَصِحُّ فَلْيُحْفَظْ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُسْتَثْنَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ.

(شَهِدُوا عَلَى مُسْلِمٍ بِالرِّدَّةِ وَهُوَ مُنْكِرٌ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ) لَا لِتَكْذِيبِ الشُّهُودِ الْعُدُولِ بَلْ (لِأَنَّ إنْكَارَهُ تَوْبَةٌ وَرُجُوعٌ) يَعْنِي فَيُمْتَنَعُ الْقَتْلُ فَقَطْ. وَتَثْبُتُ بَقِيَّةُ أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّ كَحَبْطِ عَمَلٍ وَبُطْلَانِ وَقْفٍ وَبَيْنُونَةِ زَوْجَةٍ لَوْ فِيمَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَإِلَّا قُتِلَ كَالرِّدَّةِ بِسَبِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَمَا مَرَّ أَشْبَاهٌ. زَادَ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ رَأَيْت مَنْ يَغْلَطُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُسْتَثْنَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ. وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ: مَا يَكُونُ كُفْرًا اتِّفَاقًا يُبْطِلُ الْعَمَلَ

ــ

[رد المحتار]

تَبَعًا لِأَبَوَيْهِ وَلَمْ يَصِفْ الْإِسْلَامَ فَبَلَغَ كَافِرًا كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ بَيْنَنَا أَيْ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُ قَيْدٍ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ لَوْ ارْتَدَّا مَعًا فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُجْبَرُ بِالضَّرْبِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَإِنْ حَبِلَتْ بِهِ ثَمَّةَ (قَوْلُهُ وَالسَّكْرَانُ إذَا أَسْلَمَ) يَعْنِي فَإِنَّ إسْلَامَهُ يَصِحُّ، فَإِنْ ارْتَدَّ لَا يُقْتَلُ كَالصَّبِيِّ الْعَاقِلِ إذَا ارْتَدَّ بَحْرٌ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة.

قُلْت: أَيْ إنْ ارْتَدَّ بَعْدَ صَحْوِهِ لَا يُقْتَلُ لِأَنَّ فِي إسْلَامِهِ شُبْهَةً (قَوْلُهُ لِأَنَّ إسْلَامَهُ حُكْمِيٌّ) أَيْ بِتَبَعِيَّةِ الدَّارِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَصِحُّ) وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ رَمْلِيٌّ وَهُوَ الصَّوَابُ ط عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ. قُلْت: وَوَجْهُهُ أَنَّ الْحَرْبِيَّ إنَّمَا يُقَاتَلُ عَلَى الْإِسْلَامِ أَصَالَةً فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ، بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْتِزَامِ الذِّمَّةِ لَا يُقَاتَلُ عَلَيْهِ، فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ إسْلَامُهُ بِالْإِكْرَاهِ: كَمَا لَا تَصِحُّ رِدَّةُ الْمُسْلِمِ بِهِ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَصِحُّ، لَكِنْ لَوْ ارْتَدَّ لَا يُقْتَلُ وَتَقَدَّمَ وَجْهُهُ (قَوْلُهُ فَالْمُسْتَثْنَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ) لِأَنَّ الْمُكْرَهَ تَحْتَهُ ثَلَاثَةٌ: الْحَرْبِيُّ وَالذِّمِّيُّ وَالْمُسْتَأْمِنُ، وَشَهَادَةُ نَصْرَانِيَّيْنِ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ صُورَتَانِ، وَالْبَاقِي ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ إنْكَارَهُ تَوْبَةٌ وَرُجُوعٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِدُونِ إقْرَارٍ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُتُونِ أَوَّلَ الْبَابِ، وَإِسْلَامُهُ أَنْ يَتَبَرَّأَ عَنْ الْأَدْيَانِ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرُوا الْإِقْرَارَ بِالشَّهَادَتَيْنِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْإِنْكَارَ مَعَ الْإِقْرَارِ بِهِمَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ، وَإِذَا رُفِعَتْ الْمُرْتَدَّةُ إلَى الْإِمَامِ فَقَالَتْ مَا ارْتَدَدْت وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ كَانَ هَذَا تَوْبَةً مِنْهَا تَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبِيرِيِّ عَلَى الْأَشْبَاهِ قَالَ: كَوْنُ مُجَرَّدِ الْإِنْكَارِ تَوْبَةً غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِثَلَاثَةِ قُيُودٍ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ: إذَا جَحَدَ الْمُرْتَدُّ الرِّدَّةَ وَأَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ وَبِمَعْرِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَبِدِينِ الْإِسْلَامِ فَهَذَا مِنْهُ تَوْبَةٌ اهـ (قَوْلُهُ كَحَبْطِ عَمَلٍ) يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَبُطْلَانِ وَقْفٍ) أَيْ الَّذِي وَقَفَهُ حَالَ إسْلَامِهِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى قُرْبَةٍ ابْتِدَاءً أَوْ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ وَلَا بَقَاءَ لَهَا مَعَ وُجُودِ الرِّدَّةِ، وَإِذَا عَادَ مُسْلِمًا لَا يَعُودُ وَقْفُهُ إلَّا بِتَجْدِيدٍ مِنْهُ، وَإِذَا مَاتَ أَوْ قُتِلَ أَوْ لَحِقَ كَانَ الْوَقْفُ مِيرَاثًا بَيْنَ وَرَثَتِهِ بَحْرٌ عَنْ الْخَصَّافِ.

(قَوْلُهُ وَبَيْنُونَةِ زَوْجَةٍ) وَتَكُونُ فَسْخًا عِنْدَهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: فُرْقَةٌ بِطَلَاقٍ وَلَوْ هِيَ الْمُرْتَدَّةُ فَبِغَيْرِ طَلَاقٍ إجْمَاعًا، ثُمَّ إذَا تَابَ وَأَسْلَمَ تَرْتَفِعُ تِلْكَ الْبَيْنُونَةُ بِيرِيٌّ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَأَقَرَّهُ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ. قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ تَرْفَعُ أَصْلُهُ لَا تَرْتَفِعُ فَسَقَطَتْ لَفْظَةُ لَا النَّافِيَةِ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ وَإِلَّا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِفُرُوعِهِمْ الْكَثِيرَةِ الْمُقَرَّرَةِ فِي بَابِ نِكَاحِ الْكَافِرِ وَغَيْرِهِ الْمُصَرِّحَةِ بِلُزُومِ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ، وَمِنْهَا مَا يَأْتِي قَرِيبًا، وَصَرَّحَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْعِنَايَةِ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إسْلَامِهِ كَبُطْلَانِ وَقْفِهِ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ صَحِيحًا بِإِسْلَامِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَوْ فِيمَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ) شَرَطَ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ فَيُمْتَنَعُ الْقَتْلُ ط (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) قَدَّمْنَا مَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ رَأَيْت مَنْ يَغْلَطُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ) أَيْ حَيْثُ فَهِمَ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ أَصْلًا حَتَّى فِي بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ فَالْمُسْتَثْنَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>