(وَصَحَّ تَصَرُّفُهَا) لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ (وَأَكْسَابُهَا) مُطْلَقًا (لِوَرَثَتِهَا) وَيَرِثُهَا زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ لَوْ مَرِيضَةً وَمَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ كَمَا مَرَّ فِي طَلَاقِ الْمَرِيضِ. قُلْت: وَفِي الزَّوَاهِرِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهَا لَوْ صَحِيحَةً لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ فَلَمْ تَكُنْ فَارَّةً فَتَأَمَّلْ.
(وَلَدَتْ أَمَتُهُ وَلَدًا فَادَّعَاهُ فَهُوَ ابْنُهُ حُرًّا يَرِثُهُ فِي) أَمَتِهِ (الْمُسْلِمَةِ مُطْلَقًا) وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ أَوْ أَكْثَرَ لِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأُمِّهِ، وَالْمُسْلِمُ يَرِثُ الْمُرْتَدَّ (إنْ مَاتَ الْمُرْتَدُّ) أَوْ لَحِقَ بِدَارِهِمْ، وَكَذَا فِي (أَمَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ) أَيْ الْكِتَابِيَّةِ (إلَّا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ مُنْذُ ارْتَدَّ) وَكَذَا لِنِصْفِهِ لِعُلُوقِهِ مِنْ مَاءِ الْمُرْتَدِّ فَيَتْبَعُهُ لِقُرْبِهِ لِلْإِسْلَامِ بِالْجَبْرِ عَلَيْهِ وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ الْمُرْتَدَّ
(وَإِنْ لَحِقَ بِمَالِهِ) أَيْ مَعَ مَالِهِ (وَظَهَرَ عَلَيْهِ فَهُوَ) أَيْ مَالُهُ (فَيْءٌ) لَا نَفْسُهُ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُسْتَرَقُّ (فَإِنْ رَجَعَ) أَيْ بَعْدَمَا لَحِقَ بِلَا مَالٍ سَوَاءٌ قَضَى بِلَحَاقِهِ أَوْ لَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ فَتْحٌ (فَلَحِقَ) ثَانِيًا (بِمَالِهِ وَظَهَرَ عَلَيْهِ فَهُوَ لِوَارِثِهِ) لِأَنَّهُ بِاللَّحَاقِ انْتَقَلَ لِوَارِثِهِ فَكَانَ مَالِكًا قَدِيمًا، -
ــ
[رد المحتار]
وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا إذَا ارْتَدَّتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ صَارَتْ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ فَتُسْتَرَقُّ عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ بِأَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ الْإِمَامِ أَوْ يَهَبَهَا لَهُ. أَمَّا لَوْ ارْتَدَّتْ فِيمَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْكُفَّارُ وَصَارَ دَارَ حَرْبٍ فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ بِلَا شِرَاءٍ وَلَا هِبَةٍ كَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ مُتَلَصِّصًا وَسَبَى مِنْهُمْ، وَهَذَا لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ لِأَنَّ الِاسْتِرْقَاقَ وَقَعَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ
(قَوْلُهُ وَصَحَّ تَصَرُّفُهَا) أَيْ لَا تَتَوَقَّفُ تَصَرُّفَاتُهَا مِنْ مُبَايَعَةٍ وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ، نَعَمْ يَبْطُلُ مِنْهَا مَا يَبْطُلُ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ الْمَارَّةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ) فَلَمْ تَكُنْ رِدَّتُهَا سَبَبًا لِزَوَالِ مِلْكِهَا فَجَازَ تَصَرُّفُهَا فِي مَالِهَا بِالْإِجْمَاعِ بَحْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ. قَالَ الْمَقْدِسِيَّ: فَلَوْ كَانَتْ مِمَّنْ يَجِبُ قَتْلُهَا كَالسَّاحِرَةِ وَالزِّنْدِيقَةِ يَنْبَغِي أَنْ تُلْحَقَ بِالْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ وَأَكْسَابُهَا مُطْلَقًا لِوَرَثَتِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ كَسْبَ إسْلَامٍ أَوْ كَسْبَ رِدَّةٍ. قَالَ فِي النَّهْرِ تَبَعًا لِلْبَحْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهَا مَنْ لَا يُقْتَلُ إذَا ارْتَدَّ لِشُبْهَةٍ فِي إسْلَامِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَوْ مَرِيضَةً) لِأَنَّهَا تَكُونُ فَارَّةً كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ لَوْ صَحِيحَةً) أَيْ لَوْ ارْتَدَّتْ حَالَ كَوْنِهَا صَحِيحَةً (قَوْلُهُ فَلَمْ تَكُنْ فَارَّةً) لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ لَا تُقْتَلُ لَمْ تَكُنْ رِدَّتُهَا فِي حُكْمِ مَرَضِ الْمَوْتِ فَلَمْ تَكُنْ فَارَّةً فَلَا يَرِثُهَا لِأَنَّهَا بَانَتْ مِنْهُ وَقَدْ مَاتَتْ كَافِرَةً، بِخِلَافِ رِدَّتِهِ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ مَرَضِ الْمَوْتِ مُطْلَقًا فَتَرِثُهُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْ) مَا ذَكَرَهُ فِي الزَّوَاهِرِ مَفْهُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ، وَقَدَّمْنَا التَّصْرِيحَ بِهِ عَنْ الْبَحْرِ وَتَقَدَّمَ مَتْنًا فِي بَابِ طَلَاقِ الْمَرِيضِ أَيْضًا فَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ الْأَمْرِ بِالتَّأَمُّلِ، نَعَمْ يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَبْلَ قَوْلِهِ قُلْت مَا نَصُّهُ: وَيَرِثُهَا زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ اسْتِحْسَانًا إنْ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ وَتَرِثُ الْمُرْتَدَّةُ زَوْجَهَا الْمُرْتَدَّ اتِّفَاقًا خَانِيَّةٌ. قُلْت: وَفِي الزَّوَاهِرِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَالْأَمْرُ بِالتَّأَمُّلِ وَارِدٌ عَلَى إطْلَاقِ قَوْلِ الْخَانِيَّةِ وَيَرِثُهَا زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
(قَوْلُهُ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الِارْتِدَادِ ط (قَوْلُهُ أَيْ الْكِتَابِيَّةُ) فَسَّرَهُ بِهِ لِيَعُمَّ الْيَهُودِيَّةَ ط (قَوْلُهُ إلَّا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ يَرِثُهُ، أَمَّا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَانَ الْعُلُوقُ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ فَيَكُونُ مُسْلِمًا يَرِثُ الْمُرْتَدَّ دُرَرٌ (قَوْلُهُ بِالْجَبْرِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنْ يُسْلِمَ دُرَرٌ: أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّبَعَ أُمَّهُ الْكِتَابِيَّةَ لِأَنَّهَا لَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَظُهِرَ عَلَيْهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ: أَيْ غُلِبَ وَقُهِرَ (قَوْلُهُ فَيْءٌ) أَيْ غَنِيمَةٌ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا لِوَرَثَتِهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُسْتَرَقُّ) بَلْ يُقْتَلُ إنْ لَمْ يُسْلِمْ. وَلَا يُشْكِلُ كَوْنُ مَالِهِ فَيْئًا دُونَ نَفْسِهِ لِأَنَّ مُشْرِكِي الْعَرَبِ كَذَلِكَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ بِلَا مَالٍ) مُتَعَلِّقٌ بِلَحِقَ. بَقِيَ مَا إذَا لَحِقَ بِبَعْضِ مَالِهِ ثُمَّ رَجَعَ وَلَحِقَ بِالْبَاقِي، وَمُقْتَضَى النَّظَرِ أَنَّ مَا لَحِقَ بِهِ أَوَّلًا فَيْءٌ، وَمَا لَحِقَ بِهِ ثَانِيًا لِوَرَثَتِهِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) لِأَنَّ عَوْدَهُ وَأَخَذَهُ وَلَحَاقَهُ ثَانِيًا يُرَجِّحُ جَانِبَ عَدَمِ الْعَوْدِ وَيُؤَكِّدُهُ، فَيَتَقَرَّرُ مَوْتُهُ، وَمَا اُحْتِيجَ لِلْقَضَاءِ بِاللَّحَاقِ لِصَيْرُورَتِهِ مِيرَاثًا إلَّا لِيَتَرَجَّحَ عَدَمُ عَوْدِهِ فَتَقَرَّرَ إقَامَتُهُ ثَمَّةَ فَيَتَقَرَّرُ مَوْتُهُ، فَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute