(فَإِنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ) بِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى رَبِّهِ وَيَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ مَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَنْشُدُ لُقَطَةً فَدِلُّوهُ عَلَيَّ (وَعَرَّفَ) أَيْ نَادَى عَلَيْهَا حَيْثُ وَجَدَهَا وَفِي الْجَامِعِ (إلَى أَنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا أَوْ أَنَّهَا تَفْسُدُ إنْ بَقِيَتْ كَالْأَطْعِمَةِ) وَالثِّمَارِ (كَانَتْ أَمَانَةً) لَمْ تُضْمَنْ بِلَا تَعَدٍّ فَلَوْ لَمْ يُشْهِدْ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ
ــ
[رد المحتار]
الْمَجْنُونِ وَنَحْوِهِ أَنَّهُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ لَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ مِمَّنْ أَخَذَهَا مِنْهُ. وَمُفَادُ التَّعْلِيلِ تَقْيِيدُ الصِّحَّةِ فِي الصَّبِيِّ بِالْعَقْلِ اهـ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ) ظَاهِرُ الْمَبْسُوطِ اشْتِرَاطُ الْعَدْلَيْنِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِيهِ) أَيْ فِي الْإِشْهَادِ أَنْ يَقُولَ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ عِنْدِي ضَالَّةٌ أَوْ شَيْءٌ فَمَنْ سَمِعْتُمُوهُ إلَخْ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ اللُّقَطَةِ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهَا اسْمُ جِنْسٍ، وَلَا يَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً خُصُوصًا فِي هَذَا الزَّمَانِ فَتْحٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِكَوْنِهِ لُقَطَةً وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ (قَوْلُهُ: يَنْشُدُ) فِي الْمِصْبَاحِ نَشَدْت الضَّالَّةَ نَشْدًا مِنْ بَابِ قَتَلَ طَلَبْتهَا: وَكَذَا إذَا عَرَّفْتهَا وَالِاسْمُ نِشْدَةٌ وَنِشْدَانُ بِكَسْرِهِمَا وَأَنْشَدْتهَا بِالْأَلِفِ عَرَّفْتهَا (قَوْلُهُ: وَعَرَّفَ) مَعْطُوفٌ عَلَى أَشْهَدَ، فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِشْهَادَ لَا يَكْفِي لِنَفْيِ الضَّمَانِ، وَهَكَذَا شَرَطَ فِي الْمُحِيطِ لِنَفْيِ الضَّمَانِ الْإِشْهَادَ وَإِشَاعَةَ التَّعْرِيفِ. وَحَكَى فِيهِ فِي الظَّهِيرِيَّةِ اخْتِلَافًا. فَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ يَكْفِي عَنْ التَّعْرِيفِ إشْهَادُهُ عِنْدَ الْأَخْذِ بِأَنَّهُ أَخَذَهَا لِيَرُدَّهَا وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي السِّيَرِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَأْتِي عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَيُنَادِي.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِشْهَادَ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ بِاتِّفَاقِهِمْ، وَالْخِلَافُ فِي أَنَّهُ هَلْ يَكْفِي عَنْ التَّعْرِيفِ بَعْدَهُ أَوْ لَا؟ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إنَّ التَّعْرِيفَ بَعْدَ الْأَخْذِ يَكْفِي عَنْ الْإِشْهَادِ وَقْتَ الْأَخْذِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ فِي الْفَتْحِ، هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ: أَيْ نَادَى عَلَيْهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْرِيفِ الْجَهْرُ بِهِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ لَا كَمَا فَعَلَهُ بَعْضُهُمْ حَيْثُ دَلَّى رَأْسَهُ فِي بِئْرٍ خَارِجَ الْمِصْرِ فَنَادَى عَلَيْهَا فَاتُّفِقَ أَنَّ صَاحِبَهَا كَانَ هُنَاكَ فَسَمِعَهُ كَمَا حَكَاهُ السَّرَخْسِيُّ، وَمَرَّ أَنَّ لُقَطَةَ الصَّبِيِّ يُعَرِّفُهَا وَلِيُّهُ، زَادَ فِي الْقُنْيَةِ أَوْ وَصِيُّهُ وَهَلْ لِلْمُلْتَقِطِ دَفْعُهَا إلَى غَيْرِهِ لِيُعَرِّفَهَا فَقِيلَ نَعَمْ إنْ عَجَزَ، وَقِيلَ لَا مَا لَمْ يَأْذَنْ الْقَاضِي بَحْرٌ مُلَخَّصًا. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: لَهُ دَفْعُهَا لِأَمِينٍ، وَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا مِنْهُ، وَإِنْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَجَامِعِ) أَيْ مَحِلَّاتُ الِاجْتِمَاعِ كَالْأَسْوَاقِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ بَحْرٌ، وَكَبُيُوتِ الْقَهَوَاتِ فِي زَمَانِنَا (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا) لَمْ يَجْعَلْ لِلتَّعْرِيفِ مُدَّةً اتِّبَاعًا لِلسَّرَخْسِيِّ فَإِنَّهُ بَنَى الْحُكْمَ عَلَى غَالِبِ الرَّأْيِ، فَيَعْرِفُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى رَأْيِهِ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَطْلُبُهُ، وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَفِي الْمُضْمَرَاتِ وَالْجَوْهَرَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ التَّقْدِيرِ بِالْحَوْلِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَعَلَيْهِ قِيلَ يُعَرِّفُهَا كُلَّ جُمُعَةٍ وَقِيلَ كُلَّ شَهْرٍ، وَقِيلَ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَحْرٌ.
قُلْت: وَالْمُتُونُ عَلَى قَوْلِ السَّرَخْسِيِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ رِوَايَةٌ أَوْ تَخْصِيصٌ لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بِالْكَثِيرِ تَأَمَّلْ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ فَإِنْ كَانَتْ شَيْئًا يُعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا كَالنَّوَاةِ وَقِشْرِ الرُّمَّانِ يَكُونُ إلْقَاؤُهُ إبَاحَةً، حَتَّى جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِلَا تَعْرِيفٍ وَلَكِنَّهُ يَبْقَى عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ مِنْ الْمَجْهُولِ لَا يَصِحُّ. وَفِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ: لَوْ وَجَدَ مِثْلَ السَّوْطِ وَالْحَبْلِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ، وَمَا جَاءَ فِي التَّرْخِيصِ فِي السَّوْطِ فَذَاكَ فِي الْمُنْكَسِرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا قِيمَةَ لَهُ وَلَا يَطْلُبُهُ صَاحِبُهُ بَعْدَمَا سَقَطَ مِنْهُ وَرُبَّمَا أَلْقَاهُ مِثْلَ النَّوَى وَقُشُورِ الرُّمَّانِ وَبَعْرِ الْإِبِلِ وَجِلْدِ الشَّاةِ الْمَيِّتَةِ. أَمَّا مَا يُعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ يَطْلُبُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ، وَالدَّابَّةُ الْعَجْفَاءُ الَّتِي يُعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهَا تَرَكَهَا إذَا أَخَذَهَا إنْسَانٌ فَعَلَيْهِ رَدُّهَا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا إنَّمَا تَرَكَهَا عَجْزًا فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهَا بِذَلِكَ، وَالسَّوْطُ إنَّمَا أَلْقَاهُ رَغْبَةً عَنْهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى حَمْلِهِ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ أَنَّك قُلْت: مَنْ أَخَذَهَا فَهِيَ لَهُ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِهَا بِيَمِينِهِ إلَّا إذَا نَكَلَ أَوْ بَرْهَنَ الْآخِذُ فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا حِينَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَبَعْدَ صِحَّةِ الْهِبَةِ إذَا سَمِنَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِهِ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: كَانَتْ أَمَانَةً) جَوَابُ قَوْلِهِ فَإِنْ أَشْهَدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْإِشْهَادِ؛ أَمَّا لَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُشْهِدُهُ عِنْدَ الرَّفْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute