(الْتَقَطَ لُقَطَةً فَضَاعَتْ مِنْهُ ثُمَّ وَجَدَهَا فِي يَدِ غَيْرِهِ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ) مُجْتَبَى وَنَوَازِلُ، لَكِنَّ فِي السِّرَاجِ الصَّحِيحَ أَنَّ لَهُ الْخُصُومَةَ لِأَنَّ يَدَهُ أَحَقُّ.
(عَلَيْهِ دُيُونٌ وَمَظَالِمُ جَهِلَ أَرْبَابَهَا وَأَيِسَ) مَنْ عَلَيْهِ ذَلِكَ (مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ فَعَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِقَدْرِهَا مِنْ مَالِهِ وَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ جَمِيعَ مَالِهِ) هَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا لَا تَعْلَمُ بَيْنَهُمْ خِلَافًا كَمَنْ فِي يَدِهِ عُرُوضٌ لَا يَعْلَمُ مُسْتَحِقِّيهَا اعْتِبَارًا لِلدُّيُونِ بِالْأَعْيَانِ (وَ) مَتَى فَعَلَ ذَلِكَ (سَقَطَ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ) مِنْ أَصْحَابِ الدُّيُونِ (فِي الْمُعَقِّبِيِّ) مُجْتَبَى. وَفِي الْعُمْدَةِ: وَجَدَ لُقَطَةً وَعَرَّفَهَا وَلَمْ يَرَ رَبَّهَا فَانْتَفَعَ بِهَا لِفَقْرِهِ ثُمَّ أَيْسَرَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمِثْلِهِ.
(مَاتَ فِي الْبَادِيَةِ جَازَ لِرَفِيقِهِ بَيْعُ مَتَاعِهِ وَمَرْكَبِهِ وَحَمْلُ ثَمَنِهِ إلَى أَهْلِهِ.
ــ
[رد المحتار]
إلَّا أَنَّهُ بِالْقَضَاءِ عَلَيْهِ صَارَ مُكَذِّبًا شَرْعًا فَبَطَلَ إقْرَارُهُ نَهْرٌ عَنْ الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ يَدَهُ أَحَقُّ) لَعَلَّ وَجْهَهُ كَوْنُهَا أَسْبَقَ وَأَنَّ لَهُ حَقَّ تَمَلُّكِهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ لَوْ فَقِيرًا، وَيُفْهَمُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ انْتَزَعَهَا مِنْ يَدِهِ آخَرُ لَهُ أَخْذُهَا مِنْهُ كَمَا قَالُوا فِي اللَّقِيطِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ حَيْثُ سَوَّى بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الضَّيَاعِ وَالِانْتِزَاعِ فِي أَنَّهُ لَا خُصُومَةَ لَهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا فِي السِّرَاجِ يَشْمَلُهَا.
(قَوْلُهُ: جَهِلَ أَرْبَابَهَا) يَشْمَلُ وَرَثَتَهُمْ، فَلَوْ عَلِمَهُمْ لَزِمَهُ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ صَارَ حَقَّهُمْ. وَفِي الْفُصُولِ الْعَلَامِيَّةِ: مَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَطَلَبَهُ وَلَمْ يُعْطِهِ فَمَاتَ رَبُّ الدَّيْنِ لَمْ تَبْقَ لَهُ خُصُومَةٌ فِي الْآخِرَةِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ؛ لِأَنَّهَا بِسَبَبِ الدَّيْنِ وَقَدْ انْتَقَلَ إلَى الْوَرَثَةِ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْخُصُومَةَ فِي الظُّلْمِ بِالْمَنْعِ لِلْمَيِّتِ، وَفِي الدَّيْنِ لِلْوَارِثِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: مَنْ تَنَاوَلَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ رَدَّ الْبَدَلَ عَلَى وَارِثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بَرِئَ عَنْ الدَّيْنِ وَبَقِيَ حَقُّ الْمَيِّتِ لِظُلْمِهِ إيَّاهُ، وَلَا يَبْرَأُ عَنْهُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالدُّعَاءِ لَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِقَدْرِهَا مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْخَاصِّ بِهِ أَوْ الْمُتَحَصِّلِ مِنْ الْمَظَالِمِ. اهـ. ط وَهَذَا إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ. وَفِي الْفُصُولِ الْعَلَامِيَّةِ: لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْأَدَاءِ لِفَقْرِهِ أَوْ لِنِسْيَانِهِ أَوْ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ قَالَ شَدَّادٌ وَالنَّاطِفِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ ثَمَنَ مَتَاعٍ أَوْ قَرْضًا، وَإِنْ كَانَ غَصْبًا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَإِنْ نَسِيَ غَصْبَهُ، وَإِنْ عَلِمَ الْوَارِثُ دَيْنَ مُوَرِّثِهِ وَالدَّيْنُ غَصْبٌ أَوْ غَيْرُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَهُ مِنْ التَّرِكَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْضِ فَهُوَ مُؤَاخَذٌ بِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَدْيُونُ وَلَا وَارِثُهُ صَاحِبَ الدَّيْنِ وَلَا وَارِثَهُ فَتَصَدَّقَ الْمَدْيُونُ أَوْ وَارِثُهُ عَنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ بَرِئَ فِي الْآخِرَةِ.
مَطْلَبٌ فِيمَنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ وَمَظَالِمُ جَهِلَ أَرْبَابَهَا (قَوْلُهُ: كَمَنْ فِي يَدِهِ عُرُوضٌ لَا يَعْلَمُ مُسْتَحَقِّيهَا) يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتْ لُقَطَةً عَلِمَ حُكْمَهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَهَا فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ بِأَعْيَانِهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: سَقَطَ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ إلَخْ) كَأَنَّهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ الضَّائِعِ وَالْفُقَرَاءُ مَصْرِفُهُ عِنْدَ جَهْلِ أَرْبَابِهِ، وَبِالتَّوْبَةِ يَسْقُطُ إثْمُ الْإِقْدَامِ عَلَى الظُّلْمِ ط (قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمِثْلِهِ) الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، وَكَذَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ.
مَطْلَبٌ فِيمَنْ مَاتَ فِي سَفَرِهِ فَبَاعَ رَفِيقُهُ مَتَاعَهُ (قَوْلُهُ: جَازَ لِرَفِيقِهِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ إذْ الرَّفِيقُ فِي السَّفَرِ مَأْذُونٌ بِذَلِكَ دَلَالَةً كَمَا قَالُوا فِي جَوَازِ إحْرَامِهِ عَنْ رَفِيقِهِ إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَكَذَا إنْفَاقُهُ عَلَيْهِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَقَعَتْ لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي سَفَرِهِ، مَاتَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَبَاعَ كُتُبَهُ وَأَمْتِعَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ تَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَسْت بِقَاضٍ، فَقَالَ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: ٢٢٠] يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمُصْلِحِ الْمَأْذُونِ فِيهِ عَادَةً، فَإِنَّهُ لَوْ حَمَلَ مَتَاعَهُ إلَى أَهْلِهِ يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ رُبَّمَا اسْتَغْرَقَتْ الْمَتَاعَ، لَكِنْ لِلْوَرَثَةِ الْخِيَارُ. فَفِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ عَنْ الْمُحِيطِ عَنْ الْمُنْتَقَى: مَاتَ فِي السَّفَرِ فَبَاعَ رُفَقَاؤُهُ تِرْكَتَهُ وَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute