للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَكِنْ فِيهَا بَعْدَ وَرَقَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ جَوَازُ بَيْعِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ الْمُشْتَرَكِ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ وَلَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ

ــ

[رد المحتار]

فِي مَبْطَخَةٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بِدُونِ رِضَا شَرِيكِهِ هَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ أَمْ لَا؟ أَجَابَ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ اهـ وَالْمُرَادُ بِالْمَبْطَخَةِ: الْبِطِّيخُ الْمَزْرُوعُ لَا أَرْضُ الْبِطِّيخِ إذْ بَيْعُهُ مَعَ الْأَرْضِ جَائِزٌ، وَالْمُرَادُ أَيْضًا مَا إذَا بَاعَهُ قَبْلَ النُّضْجِ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى الشَّرِيكِ بِالْقَطْعِ.

قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَبْطَخَةِ بِرِضَا شَرِيكِهِ، فَلَوْ ضَرَّهُ لِقَطْعٍ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ وَنَصِيبُ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يَفْسَخْ الْبَيْعَ وَلِشَرِيكِهِ أَنْ لَا يَرْضَى بَعْدَ الْإِجَازَةِ إذْ فِي قَلْعِهِ ضَرَرٌ وَالْإِنْسَانُ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَحَمُّلِ الضَّرَرِ اهـ، وَمُفَادُهُ أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ قَبْلَ الْفَسْخِ لِقَوْلِهِ: وَنَصِيبُ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ يَعْنِي إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ. .

مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي بَيْعِ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِيهَا إلَخْ) أَفْتَى بِمِثْلِهِ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ، وَاسْتَنَدَ إلَى مَا فِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ، وَبَيَّنَ وَجْهَ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: سُئِلَ فِيمَا إذَا بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ حِصَّتَهُ فِي الْغِرَاسِ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَأَعْلَمَهُ بِمَا عَلَى الْحِصَّةِ مِنْ الْحِكْرِ هَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِكَوْنِهِ لَا مُطَالِبَ لَهُ بِالْقَلْعِ فَلَا يَتَضَرَّرُ أَمْ لَا؟ أَجَابَ: نَعَمْ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ بِعَدَمِ التَّكْلِيفِ بِالْقَلْعِ.

فَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ زَيْنِ بْنِ نُجَيْمٍ: إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ حِصَّتَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ هَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُ أَمْ لَا؟ أَجَابَ: نَعَمْ يَجُوزُ، وَكَذَا مِنْ الشَّرِيكِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.

وَوَجْهُ عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ بِالْقَلْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ.

وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ مَنَاطَ الْفَسَادِ حُصُولُ الضَّرَرِ فَافْهَمْ، وَلِذَا قَالَ الطَّرَسُوسِيُّ بَعْدَ كَلَامٍ: فَتَحَرَّرَ لَنَا مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّ بَيْعَ الْحِصَّةِ مِنْ الزَّرْعِ وَالثَّمَرَةِ وَالْمَبْطَخَةِ بِغَيْرِ الْأَرْضِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مِنْ أَحَدِ شَرِيكَيْهِ لَا يَجُوزُ، فَلَوْ رَضِيَ الشَّرِيكُ، قِيلَ لَا يَجُوزُ أَيْضًا، وَقِيلَ يَجُوزُ. وَيَظْهَرُ لِي التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الْمُشْتَرِي إجْبَارَ الشَّرِيكِ عَلَى الْقَلْعِ، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ، وَيُفْهَمُ هَذَا التَّوْفِيقُ مِنْ تَعْلِيلِ الْمُحِيطِ لِعَدَمِ الْجَوَازِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا وَالْإِنْسَانُ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَحَمُّلِ الضَّرَرِ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ. اهـ. كَمَا قَالُوا فِيمَا إذَا بَاعَ نِصْفَ زَرْعِهِ مِنْ رَجُلٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُطَالِبُهُ بِالْقَلْعِ فَيَتَضَرَّرُ الْبَائِعُ فِيمَا لَمْ يَبِعْهُ وَهُوَ النِّصْفُ الْآخَرُ كَبَيْعِ الْجِذْعِ فِي السَّقْفِ.

ثُمَّ إذَا طَلَبَ الْمُشْتَرِي الْقَلْعَ لَا يُجَابُ إلَيْهِ نَظَرًا لِلشَّرِيكِ، لَكِنْ إنْ طَلَبَ هُوَ أَوْ الْبَائِعُ النَّقْضَ فُسِخَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ، وَإِنْ سَكَتَ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ انْقَلَبَ جَائِزًا لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَذُكِرَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ نَصِيبَ الْبَائِعِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا لَمْ يَنْقَضِ الْبَيْعُ. اهـ.

وَأَمَّا بَيْعُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الشَّرِيكِ كَأَرْضٍ بَيْنَهُمَا فِيهَا زَرْعٌ لَهُمَا لَمْ يُدْرَكْ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الزَّرْعِ لِشَرِيكِهِ بِدُونِ الْأَرْضِ، فَفِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ، وَفِي أُخْرَى لَا وَعَلَيْهَا جَوَابُ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ، وَلَكِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى مَا فِيهِ ضَرَرٌ بِالْقَلْعِ كَبَيْعِ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الْأَكَّارِ حِصَّتَهُ مِنْ الزَّرْعِ أَوْ الثَّمَرَةِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُكَلِّفُ الْأَكَّارَ الْقَلْعَ فَيَتَضَرَّرُ.

أَمَّا لَوْ بَاعَ الْأَكَّارُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَالدَّلِيلُ قَوْلُ الْمُحِيطِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يُطَالِبُهُ بِالْقَلْعِ لِيُفْرِغَ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَرْضِ، وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إلَّا بِقَلْعِ الْكُلِّ فَيَتَضَرَّرُ الْمُشْتَرِي فِيمَا لَمْ يَشْتَرِهِ وَهُوَ نَصِيبُ نَفْسِهِ اهـ كَلَامُ الطَّرَسُوسِيِّ مُلَخَّصًا ثُمَّ حَرَّرَ أَنَّ حُكْمَ الْغِرَاسِ كَالزَّرْعِ، وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُدْرَكْ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ، وَإِلَّا جَازَ لِعَدَمِ الضَّرَرِ بِالْقَلْعِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ عَنْ الْفَتَاوَى: إذَا بَلَغَتْ الْأَشْجَارُ أَوَانَ الْقَطْعِ جَازَ الشِّرَاءُ وَإِلَّا فَسَدَ وَمِثْلُهُ الزَّرْعُ كَمَا فِي بُيُوعِ الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>