للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي أَصْلِ الْمَالِ لَا الرِّبْحِ لِصَيْرُورَتِهَا (شَرِكَةَ مِلْكٍ لِبَقَاءِ الْوَكَالَةِ) الْمُصَرَّحِ بِهَا وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ ثَمَنِهِ (وَإِلَّا) أَيْ إنْ ذَكَرَا مُجَرَّدَ الشَّرِكَةِ وَلَمْ يَتَصَادَقَا عَلَى الْوَكَالَةِ فِيهَا ابْنُ كَمَالٍ (فَهُوَ لِمَنْ اشْتَرَاهُ خَاصَّةً) لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَمَّا بَطَلَتْ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهَا مِنْ الْوَكَالَةِ

(وَتَفْسُدُ بِاشْتِرَاطِ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ مِنْ الرِّبْحِ لِأَحَدِهِمَا) لِقَطْعِ الشَّرِكَةِ كَمَا مَرَّ لَا لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِعَدَمِ فَسَادِهَا بِالشَّرْطِ، وَظَاهِرُهُ بُطْلَانُ الشَّرْطِ لَا الشَّرِكَةِ بَحْرٌ وَمُصَنَّفٌ. قُلْت: صَرَّحَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَابْنُ الْكَمَالِ بِفَسَادِ الشَّرِكَةِ وَيَكُونُ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ

(وَلِكُلٍّ مِنْ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ وَالْمُفَاوَضَةِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ) مَنْ يَتَّجِرُ لَهُ أَوْ يَحْفَظُ الْمَالَ (وَيُبْضِعُ) أَيْ يَدْفَعُ الْمَالَ بِضَاعَةً، بِأَنْ يَشْتَرِطَ الرِّبْحَ لِرَبِّ الْمَالِ (وَيُودِعُ)

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ اشْتَرَكَا عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَيَا مِنْ تِجَارَةٍ فَهُوَ بَيْنَنَا

قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ مَا اشْتَرَيْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك أَوْ اشْتَرَكَا عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَيَا مِنْ تِجَارَةٍ فَهُوَ بَيْنَنَا يَجُوزُ وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى بَيَانِ الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ وَالْوَقْتِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَارَ وَكِيلًا عَنْ الْآخَرِ فِي نِصْفِ مَا يَشْتَرِيهِ وَغَرَضُهُ بِذَلِكَ تَكْثِيرُ الرِّبْحِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِعُمُومِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. اهـ. وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي الْفَصْلِ.

قُلْت: وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ تَقَعُ فِي زَمَانِنَا كَثِيرًا يَكُونُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي بَلْدَةٍ وَالْآخَرُ فِي بَلْدَةٍ يَشْتَرِي كُلٌّ مِنْهُمَا وَيُرْسِلُ إلَى الْآخَرِ لِيَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ لَكِنَّهَا شَرِكَةُ مِلْكٍ وَالْغَالِبُ أَنَّهُمَا يَعْقِدَانِ بَيْنَهُمَا شَرِكَةَ عَقْدٍ بِمَالٍ مُتَسَاوٍ أَوْ مُتَفَاضِلٍ مِنْهُمَا وَيَجْعَلَانِ الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَيَقْتَسِمَانِ رِبْحَ الشَّرِكَتَيْنِ كَذَلِكَ، وَهَذَا صَحِيحٌ فِي شَرِكَةِ الْعَقْدِ لَا فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فِيهَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ فَإِذَا شَرَطَا الشِّرَاءَ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً يَكُونُ الرِّبْحُ كَذَلِكَ إلَّا إذَا شَرَطَا الشِّرَاءَ عَلَى قَدْرِ مَالِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ فَيَكُونُ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ فِي الشَّرِكَتَيْنِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا وَيُغْفَلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لَا الرِّبْحِ) فَإِنَّهُ يَكُونُ بِقَدْرِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: لِصَيْرُورَتِهَا إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا الرِّبْحِ وَقَوْلُهُ لِبَقَاءِ الْوَكَالَةِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا ح (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَصَادَقَا عَلَى الْوَكَالَةِ) عِبَارَةُ ابْنِ كَمَالٍ وَلَمْ يَنُصَّا عَلَى الْوَكَالَةِ فِيهَا.

ط (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَعَدَمُ مَا يَقْطَعُهَا إلَخْ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ التَّصْرِيحَ بِفَسَادِهَا بِمَا ذُكِرَ مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا عَدَمُ مَا يَقْطَعُهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ تَكْرَارًا مَحْضًا فَافْهَمْ.

وَبَيَانُ الْقَطْعِ أَنَّ اشْتِرَاطَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا مِنْ الرِّبْحِ لِأَحَدِهِمَا يَسْتَلْزِمُ اشْتِرَاطَ جَمِيعِ الرِّبْحِ لَهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَظْهَرَ رِبْحٌ إلَّا الْعَشَرَةُ، وَالشَّرِكَةُ تَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ فِي الرِّبْحِ وَذَلِكَ يَقْطَعُهَا فَتَخْرُجُ إلَى الْقَرْضِ أَوْ الْبِضَاعَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: لَا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ عِلَّةَ الْفَسَادِ مَا ذُكِرَ مِنْ قَطْعِ الشَّرِكَةِ وَلَيْسَتْ الْعِلَّةُ اشْتِرَاطَ شَرْطٍ فَاسِدٍ فِيهَا؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَا تَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَالْمُصَرَّحُ بِهِ أَنَّ هَذِهِ الشَّرِكَةَ فَاسِدَةٌ، فَقَوْلُهُ قُلْت: إلَخْ تَأْيِيدٌ لِقَوْلِهِ لَا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ إلَخْ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ: أَيْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لِعَدَمِ فَسَادِهَا بِالشُّرُوطِ فَلَا مَحَلَّ لَهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِمَا قَبْلُهُ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ) أَيْ وَإِنْ اُشْتُرِطَ فِيهِ التَّفَاضُلُ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَمَّا فَسَدَتْ صَارَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا شَرِكَةَ مِلْكٍ وَالرِّبْحُ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَسَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ أَنَّهَا لَوْ فَسَدَتْ وَكَانَ الْمَالُ كُلُّهُ لِأَحَدِهِمَا فَلِلْآخَرِ أَجْرُ مِثْلِهِ.

(قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ مِنْ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ النَّهْيِ. فَفِي الْفَتْحِ: وَكُلُّ مَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا إذَا نَهَاهُ عَنْهُ شَرِيكُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِعْلُهُ؛ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لَهُ اُخْرُجْ لِدِمْيَاطَ وَلَا تُجَاوِزْهَا فَجَاوَزَهَا فَهَلَكَ الْمَالُ ضَمِنَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ نَقَلَ حِصَّتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَكَذَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ بَيْعِ النَّسِيئَةِ بَعْدَ مَا كَانَ أَذِنَ لَهُ فِيهِ. اهـ.

قُلْت: وَسَيَأْتِي فِي الْمُضَارَبَةِ أَنَّهُ إذَا صَارَ الْمَالُ عَرُوضًا لَا يَصِحُّ نَهْيُ الْمُضَارِبِ عَنْ الْبَيْعِ نَسِيئَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّرِكَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ فَسْخَهَا مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: وَيُبْضِعُ إلَخْ) فِي الْقَامُوسِ: الْبَاضِعُ الشَّرِيكُ اهـ وَالْمُرَادُ هُنَا دَفْعُ الْمَالِ لِآخَرَ لِيَعْمَلَ فِيهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا شَيْءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>