للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَتَبْطُلُ الشَّرِكَةُ) أَيْ شَرِكَةُ الْعَقْدِ (بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) عَلِمَ الْآخَرُ أَوْ لَا لِأَنَّهُ عَزْلٌ حُكْمِيٌّ (وَلَوْ حُكْمًا) بِأَنْ قُضِيَ بِلِحَاقِهِ مُرْتَدًّا

(وَ) تَبْطُلُ أَيْضًا (بِإِنْكَارِهَا) وَبِقَوْلِهِ: لَا أَعْمَلُ مَعَكَ فَتْحٌ (وَبِفَسْخِ أَحَدِهِمَا) وَلَوْ الْمَالُ عُرُوضًا، بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ -

ــ

[رد المحتار]

صَفْقَةً وَاحِدَةً فِي عَمَلٍ مَعْلُومٍ قُسِّمَ الْأَجْرُ عَلَى مِثْلِ أَجْرِ الْبَغْلِ وَمِثْلِ أَجْرِ الْجَمَلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا الْحُمُولَاتِ الْمَعْلُومَةَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَمْ يُؤَجِّرَا الْبَغْلَ وَالْجَمَلَ كَانَتْ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّهَا شَرِكَةُ التَّقَبُّلِ وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَا يُعْتَبَرُ زِيَادَةُ حِمْلِ الْجَمَلِ عَلَى حِمْلِ الْبَغْلِ، كَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِي شَرِكَةِ التَّقَبُّلِ زِيَادَةُ عَمَلِ أَحَدِهِمَا كَصَبَّاغَيْنِ لِأَحَدِهِمَا آلَةُ الصَّبْغِ وَلِلْآخَرِ بَيْتٌ يَعْمَلُ فِيهِ، وَإِنْ أَجَّرَ الْبَغْلَ أَوْ الْبَعِيرَ بِعَيْنِهِ كَانَ كُلُّ الْأَجْرِ لِصَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْعَاقِدُ، فَلَوْ أَعَانَهُ الْآخَرُ عَلَى التَّحْمِيلِ وَالنَّقْلِ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: عَلَى مِثْلِ أَجْرِ الْبَغْلِ) الْأَوْلَى أَجْرُ مِثْلِ الْبَغْلِ، وَقَوْلُهُ وَالْبَعِيرِ أَيْ وَأَجْرِ مِثْلِ الْبَعِيرِ، فَلَوْ الْبَعِيرُ يُؤَجَّرُ بِضِعْفِ مَا يُؤَجَّرُ بِهِ الْبَغْلُ مَثَلًا فَلِصَاحِبِ الْبَعِيرِ ثُلُثَا الْأَجْرِ وَلِصَاحِبِ الْبَغْلِ ثُلُثُهُ ط وَإِنْ آجَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَابَّتَهُ وَشَرَطَا عَمَلَهُمَا فِي الدَّابَّةِ أَوْ عَمَلَ أَحَدِهِمَا مِنْ السُّوقِ وَالْحَمْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَانَ الْأَجْرُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ أَجْرِ مِثْلِ دَابَّتِهِمَا وَعَلَى مِقْدَارِ أَجْرِ عَمَلِهِمَا كَمَا قَبْلَ الشَّرِكَةِ اهـ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَا.

[فَرْعٌ] أَعْطَى بَذْرَ الْفَيْلَقِ رَجُلًا لِيَقُومَ عَلَيْهِ فَيَعْلِفَهُ بِالْأَوْرَاقِ عَلَى أَنَّ مَا حَصَلَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا فَالْفَيْلَقُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ مِنْ بَذْرِهِ، وَلِلرَّجُلِ الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْأَوْرَاقِ وَأَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ، وَعَلَى هَذَا إذَا دَفَعَ الْبَقَرَةَ بِالْعَلَفِ لِيَكُونَ الْحَادِثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَمَا حَدَثَ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَقَرَةِ وَلِلْآخَرِ مِثْلُ عَلَفِهِ وَأَجْرُ مِثْلِهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ أَيْ شَرِكَةُ الْعَقْدِ) أَمَّا شَرِكَةُ الْمِلْكِ فَلَا تَبْطُلُ، وَقَوْلُ الدُّرَرِ وَتَبْطُلُ الشَّرِكَةُ مُطْلَقًا فَالْإِطْلَاقُ فِيهِ بِالنَّظَرِ لِلْمُفَاوَضَةِ وَالْعِنَانِ ط.

قُلْت: وَالْمُرَادُ أَنَّ شَرِكَةَ الْمِلْكِ لَا تَبْطُلُ: أَيْ لَا يَبْطُلُ الِاشْتِرَاكُ فِيهَا، بَلْ يَبْقَى الْمَالُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْحَيِّ وَوَرَثَةِ الْمَيِّتِ كَمَا كَانَ وَإِلَّا فَلَا يَخْفَى أَنَّ شَرِكَةَ الْمَيِّتِ مَعَ الْحَيِّ بَطَلَتْ بِمَوْتِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) ؛ لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ أَيْ شَرَطَ لَهَا ابْتِدَاءً وَبَقَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ ابْتِدَاؤُهَا إلَّا بِوِلَايَةِ التَّصَرُّفِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَالِ الْآخَرِ، وَلَا تَبْقَى الْوِلَايَةُ إلَّا بِبَقَاءِ الْوَكَالَةِ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا قِيلَ الْوَكَالَةُ تَثْبُتُ تَبَعًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ التَّبَعِ بُطْلَانُ الْأَصْلِ فَتْحٌ، فَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَمَاتَ أَحَدُهُمْ حَتَّى انْفَسَخَتْ فِي حَقِّهِ لَا تَنْفَسِخُ فِي حَقِّ الْبَاقِيَيْنِ بَحْرٌ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ قُضِيَ بِلِحَاقِهِ مُرْتَدًّا) حَتَّى لَوْ عَادَ مُسْلِمًا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا شَرِكَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُقْضَ بِلِحَاقِهِ انْقَطَعَتْ عَلَى سَبِيلِ التَّوَقُّفِ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنْ عَادَ مُسْلِمًا قَبْلَ الْحُكْمِ بَقِيَتْ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَطَعَتْ وَلَوْ لَمْ يَلْحَقْ وَانْقَطَعَتْ الْمُفَاوَضَةُ عَلَى التَّوَقُّفِ هَلْ تَصِيرُ عِنَانًا عِنْدَهُ لَا وَعِنْدَهُمَا نَعَمْ بَحْرٌ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ مُلَخَّصًا.

(قَوْلُهُ: بِإِنْكَارِهَا) أَيْ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ جُحُودَ الْأَمِينِ غَصْبٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِهِ لَا أَعْمَلُ مَعَكَ) هَذَا فِي الْمَعْنَى فَسْخٌ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ قَوْلِهِ وَبِفَسْخِ أَحَدِهِمَا، وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: اشْتَرَكَا وَاشْتَرَيَا أَمْتِعَةً ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لَا أَعْمَلُ مَعَكَ بِالشَّرِكَةِ وَغَابَ فَبَاعَ الْحَاضِرُ الْأَمْتِعَةَ فَالْحَاصِلُ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَتَاعِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا أَعْمَلُ مَعَكَ فَسْخٌ لِلشَّرِكَةِ مَعَهُ وَأَحَدُهُمَا يَمْلِكُ فَسْخَهَا وَإِنْ كَانَ الْمَالُ عُرُوضًا، بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ هُوَ الْمُخْتَارُ اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ) وَالْفَرْقُ أَنَّ مَالَ الشَّرِكَةِ فِي أَيْدِيهِمَا مَعًا وَوِلَايَةُ التَّصَرُّفِ إلَيْهِمَا جَمِيعًا فَيَمْلِكُ كُلٌّ نَهْيَ صَاحِبِهِ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ نَقْدًا كَانَ أَوْ عُرُوضًا، بِخِلَافِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَا صَارَ عُرُوضًا ثَبَتَ حَقُّ الْمُضَارِبِ فِيهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ رِبْحَهُ وَهُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالتَّصَرُّفِ فَلَا يَمْلِكُ رَبُّ الْمَالِ نَهْيَهُ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>