(وَلَا يَتِمُّ) الْوَقْفُ (حَتَّى يُقْبَضَ) لَمْ يَقُلْ لِلْمُتَوَلِّي لِأَنَّ تَسْلِيمَ كُلِّ شَيْءٍ بِمَا يَلِيقُ بِهِ فَفِي الْمَسْجِدِ بِالْإِفْرَازِ وَفِي غَيْرِهِ بِنَصْبِ الْمُتَوَلِّي وَبِتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ ابْنُ كَمَالٍ (وَيُفْرَزُ) فَلَا يَجُوزُ وَقْفُ مَشَاعٍ يُقْسَمُ خِلَافًا لِلثَّانِي (وَيُجْعَلُ آخِرُهُ لِجِهَةِ) قُرْبَةٍ (لَا تَنْقَطِعُ) هَذَا بَيَانُ شَرَائِطِهِ الْخَاصَّةِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ،
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ شُرُوطُ الْوَقْفِ عَلَى قَوْلِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَتِمُّ الْوَقْفُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي شُرُوطِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَسْلِيمَ إلَخْ) وَلِيَشْمَلَ تَسْلِيمَهُ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ كَمَا فِي الْعَزْمِيَّةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَفِي الْمَسْجِدِ بِالْإِفْرَازِ) أَيْ وَالصَّلَاةِ فِيهِ وَسَيَأْتِي وَفِي الْمَقْبَرَةِ بِدَفْنِ وَاحِدٍ فَصَاعِدًا بِإِذْنِهِ وَفِي السِّقَايَةِ بِشُرْبِ وَاحِدٍ، وَفِي الْخَانِ بِنُزُولِ وَاحِدٍ مِنْ الْمَارَّةِ، لَكِنَّ السِّقَايَةَ الَّتِي تَحْتَاجُ إلَى صَبِّ الْمَاءِ فِيهَا، وَالْخَانَ الَّذِي يَنْزِلُهُ الْحَاجُّ بِمَكَّةَ وَالْغُزَاةُ بِالثَّغْرِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّ نُزُولَهُمْ يَكُونُ فِي السَّنَةِ مَرَّةً، فَيُحْتَاجُ إلَى مَنْ يَقُومُ بِمَصَالِحِهِ وَإِلَى مَنْ يَصُبُّ الْمَاءَ فِيهَا إسْعَافٌ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: أَنَّ التَّسْلِيمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ إذَا جَعَلَ الْوَاقِفُ نَفْسَهُ قَيِّمًا، وَلَا يُعْتَبَرُ التَّسْلِيمُ لِلْمُشْرِفِ؛ لِأَنَّهُ حَافِظٌ لَا غَيْرُ اهـ لَكِنَّ فِيهِ أَنَّ مَنْ شَرَطَ التَّسْلِيمَ وَهُوَ مُحَمَّدٌ لَمْ يُصَحِّحْ تَوْلِيَةَ الْوَاقِفِ نَفْسَهُ وَمَنْ صَحَّحَهَا وَهُوَ أَبُو يُوسُفَ لَمْ يَشْتَرِطْهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيُفْرِزُ) أَيْ بِالْقِسْمَةِ وَهَذَا الشَّرْطُ وَإِنْ كَانَ مُفَرَّعًا عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ تَمَامِهِ إلَّا أَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ إيضَاحًا وَأَبُو يُوسُفَ لَمَّا لَمْ يَشْتَرِطْ التَّسْلِيمَ أَجَازَ وَقْفَ الْمَشَاعِ، وَالْخِلَافُ فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ، أَمَّا مَا لَا يَقْبَلُهَا كَالْحَمَّامِ وَالْبِئْرِ وَالرَّحَى فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا إلَّا فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَقْبَرَةِ لِأَنَّ بَقَاءَ الشَّرِكَةِ يَمْنَعُ الْخُلُوصَ لِلَّهِ تَعَالَى نَهْرٌ وَفَتْحٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ وَقْفُ مَشَاعٍ يُقْسَمُ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ اُسْتُحِقَّ جَزْءٌ مِنْ الْأَرْضِ شَائِعٌ فَيَبْطُلُ فِي الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الشُّيُوعَ مُقَارِنٌ كَمَا فِي الْهِبَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَجَعَ الْوَارِثُ فِي الثُّلُثَيْنِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ فِي مَرَضِهِ وَفِي الْمَالِ ضِيقٌ؛ لِأَنَّهُ شُيُوعٌ طَارِئٌ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ مُعَيَّنٌ لَمْ يَبْطُلْ فِي الْبَاقِي لِعَدَمِ الشُّيُوعِ بَحْرٌ عَنْ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ وَقَفَاهَا وَدَفَعَاهَا مَعًا إلَى قَيِّمٍ وَاحِدٍ جَازَ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْجَوَازِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ هُوَ الشُّيُوعُ وَقْتَ الْقَبْضِ لَا وَقْتَ الْعَقْدِ، وَلَمْ يُوجَدْ هَاهُنَا لِوُجُودِهِمَا مَعًا مِنْهُمَا، وَكَذَا لَوْ وَقَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ عَلَى جِهَةٍ وَسَلَّمَاهُ مَعًا لِقَيِّمٍ وَاحِدٍ لِعَدَمِ الشُّيُوعِ وَقْتَ الْقَبْضِ.
وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي وَقْفَيْهِمَا جِهَةً وَقَيِّمًا وَاتَّحَدَ زَمَانُ تَسَلُّمِهِمَا مَالِهِمَا أَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِقَيِّمِهِ اقْبِضْ نَصِيبِي مَعَ نَصِيبِ صَاحِبِي لِأَنَّهُمَا صَارَا كَمُتَوَلٍّ وَاحِدٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَ كُلُّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ وَسَلَّمَ لِقَيِّمِهِ وَحْدَهُ، فَلَا يَصِحُّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِوُجُودِ الشُّيُوعِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَتَمَكُّنِهِ وَقْتَ الْقَبْضِ إسْعَافٌ وَفِيهِ أَيْضًا وَقَفَتْ دَارَهَا عَلَى بَنَاتِهَا الثَّلَاثِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَلَا مَالَ لَهَا غَيْرُهُ وَلَا وَارِثَ غَيْرُهُنَّ فَالثُّلُثُ وَقْفٌ وَالثُّلُثَانِ مِيرَاثٌ لَهُنَّ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ مَشَاعٌ حَيْثُ لَمْ تَقْسِمْهُ بَيْنَهُنَّ. مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّأْبِيدِ (قَوْلُهُ: وَيَجْعَلُ آخِرَهُ لِجِهَةِ قُرْبَةٍ لَا تَنْقَطِعُ) يَعْنِي لَا بُدَّ أَنْ يَنُصَّ عَلَى التَّأْبِيدِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ. اهـ. ح وَيَأْتِي بَيَانُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ إذْ لَا مُخَالَفَةَ لِمُحَمَّدٍ فِي لُزُومِهِ بَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لِلْإِمَامِ فِيهِ، وَتَمَامُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ (قَوْلُهُ: هَذَا بَيَانُ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْكَنْزِ وَغَيْرِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَتِمُّ حَتَّى وَأَشَارَ إلَى مَا فِي النَّهْرِ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute