فَلَوْ قَبِلَهُ صَحَّ. قُلْت: لَكِنْ سَيَجِيءُ مَعْزِيًّا لِفَتَاوَى مُؤَيَّدٍ زَادَهْ أَنَّ لِلْوَاقِفِ الرُّجُوعَ فِي الشُّرُوطِ، وَلَوْ مُسَجَّلًا
(اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَالْجِهَةُ وَقَلَّ مَرْسُومُ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) بِسَبَبِ خَرَابِ وَقْفِ أَحَدِهِمَا (جَازَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ فَاضِلِ الْوَقْفِ الْآخَرِ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَ أَحَدُهُمَا) بِأَنْ بَنَى رَجُلَانِ مَسْجِدَيْنِ أَوْ رَجُلٌ مَسْجِدًا وَمَدْرَسَةً وَوَقَفَ عَلَيْهِمَا أَوْقَافًا (لَا) يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ
ــ
[رد المحتار]
الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ حَوْضٍ وَبِئْرٍ وَرِبَاطٍ وَدَابَّةٍ وَسَيْفٍ بِثَغْرٍ وَقِنْدِيلٍ وَبِسَاطٍ وَحَصِيرِ مَسْجِدٍ، فَقَدْ ذُكِرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهَا جَوَازُ نَقْلِهَا اهـ.
مَطْلَبٌ فِي نَقْلِ أَنْقَاضِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ قُلْت: لَكِنَّ الْفَرْقَ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَلْيُتَأَمَّلْ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي مُتَابَعَةُ الْمَشَايِخِ الْمَذْكُورِينَ فِي جَوَازِ النَّقْلِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ مَسْجِدٍ أَوْ حَوْضٍ، كَمَا أَفْتَى بِهِ الْإِمَامُ أَبُو شُجَاعٍ وَالْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ وَكَفَى بِهِمَا قُدْوَةً، وَلَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا فَإِنَّ الْمَسْجِدَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ رِبَاطٍ أَوْ حَوْضٍ إذَا لَمْ يُنْقَلْ يَأْخُذُ أَنْقَاضَهُ اللُّصُوصُ وَالْمُتَغَلَّبُونَ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَكَذَلِكَ أَوْقَافُهُ يَأْكُلُهَا النُّظَّارُ أَوْ غَيْرُهُمْ، وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ النَّقْلِ خَرَابُ الْمَسْجِدِ الْآخَرِ الْمُحْتَاجِ إلَى النَّقْلِ إلَيْهِ، وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ سُئِلْت عَنْهَا فِي أَمِيرٍ أَرَادَ أَنْ يَنْقُلَ بَعْضَ أَحْجَارِ مَسْجِدٍ خَرَابٍ فِي سَفْحِ قَاسِيُونَ بِدِمَشْقَ لِيُبَلِّطَ بِهَا صَحْنَ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ فَأَفْتَيْت بِعَدَمِ الْجَوَازِ مُتَابَعَةً لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ، ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الْمُتَغَلِّبِينَ أَخَذَ تِلْكَ الْأَحْجَارَ لِنَفْسِهِ، فَنَدِمْت عَلَى مَا أَفْتَيْت بِهِ، ثُمَّ رَأَيْت الْآنَ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ: سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ رَحَلُوا وَتَدَاعَى مَسْجِدُهَا إلَى الْخَرَابِ، وَبَعْضُ الْمُتَغَلِّبَةِ يَسْتَوْلُونَ عَلَى خَشَبِهِ، وَيَنْقُلُونَهُ إلَى دُورِهِمْ هَلْ لِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَبِيعَ الْخَشَبَ بِأَمْرِ الْقَاضِي، وَيُمْسِكَ الثَّمَنَ لِيَصْرِفَهُ إلَى بَعْضِ الْمَسَاجِدِ أَوْ إلَى هَذَا الْمَسْجِدِ؟
قَالَ: نَعَمْ وَحَكَى أَنَّهُ وَقَعَ مِثْلُهُ فِي زَمَنِ سَيِّدِنَا الْإِمَامِ الْأَجَلِّ فِي رِبَاطٍ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ خَرِبَ، وَلَا يَنْتَفِعُ الْمَارَّةُ بِهِ وَلَهُ أَوْقَافٌ عَامِرَةٌ فَسُئِلَ هَلْ يَجُوزُ نَقْلُهَا إلَى رِبَاطٍ آخَرَ يَنْتَفِعُ النَّاسُ بِهِ قَالَ: نَعَمْ لِأَنَّ الْوَاقِفَ غَرَضُهُ انْتِفَاعُ الْمَارِّ، وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِالثَّانِي. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ التَّسْجِيلِ الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ لَا مُجَرَّدُ التَّسْلِيمِ الَّذِي فِي صَدْرِ الْعِبَارَةِ، لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ بَعْدَ لُزُومِ الْوَقْفِ قَبْلَ الْحُكْمِ، وَلِذَا لَمْ يُذْكَرْ التَّسْجِيلُ فِي الْخَانِيَّةِ، حَيْثُ قَالَ: وَقَفَ ضَيْعَةً فِي صِحَّتِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ إلَى الْمُتَوَلِّي ثُمَّ قَالَ لِوَصِيِّهِ عِنْدَ الْمَوْتِ: أَعْطِ مِنْ غَلَّتِهَا لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا فَجَعْلُهُ لِأُولَئِكَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَ حَقِّهِمْ إلَّا إذَا شَرَطَ فِي الْوَقْفِ أَنْ يَصْرِفَ غَلَّتَهَا إلَى مَنْ شَاءَ اهـ وَالْمُرَادُ بِبُطْلَانِهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حَقًّا لَازِمًا لِفُلَانٍ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ فَلَوْ كَانَ فُلَانٌ فَقِيرًا لَا يَلْزَمُ إعْطَاؤُهُ بَلْ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ سَيَجِيءُ) أَيْ آخِرَ الْفَصْلِ الْآتِي وَفِيهِ كَلَامٌ سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَالْجِهَةُ) بِأَنْ وَقَفَ وَقْفَيْنِ عَلَى الْمَسْجِدِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْعِمَارَةِ وَالْآخَرُ إلَى إمَامِهِ أَوْ مُؤَذِّنِهِ وَالْإِمَامُ وَالْمُؤَذِّنُ لَا يَسْتَقِرُّ لِقِلَّةِ الْمَرْسُومِ لِلْحَاكِمِ الدَّيْنُ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ فَاضِلِ وَقْفِ الْمَصَالِحِ، وَالْعِمَارَةُ إلَى الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ بِاسْتِصْوَابِ أَهْلِ الصَّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ إنْ كَانَ الْوَقْفُ مُتَّحِدًا لِأَنَّ غَرَضَهُ إحْيَاءُ وَقْفِهِ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِمَا قُلْنَا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالْقَاضِي دُونَ النَّاظِرِ (قَوْلُهُ: بِسَبَبِ خَرَابِ وَقْفِ أَحَدِهِمَا) أَيْ خَرَابِ أَمَاكِنِ أَحَدِ الْوَقْفَيْنِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ بَنَى رَجُلَانِ مَسْجِدَيْنِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ اخْتِلَافِهِمَا مَعًا أَمَّا اخْتِلَافُ الْوَاقِفِ فَفِيمَا إذَا وَقَفَ رَجُلَانِ وَقْفَيْنِ عَلَى مَسْجِدٍ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute