للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَفَقَتُهُ وَجِنَايَتُهُ فِي مَالِ الْوَقْفِ، وَلَوْ قَتَلَ عَمْدًا لَا قَوَدَ فِيهِ بَزَّازِيَّةٌ بَلْ تَجِبُ قِيمَتُهُ لِيَشْتَرِيَ بِهَا بَدَلَهُ.

(كَ) مَا صَحَّ وَقْفُ (مَشَاعٍ قُضِيَ بِجَوَازِهِ) لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، فَلِلْحَنَفِيِّ الْمُقَلِّدِ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّةِ وَقْفِ الْمَشَاعِ وَبُطْلَانِهِ

ــ

[رد المحتار]

أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ وَقَفَهُ تَبَعًا لِلرِّبَاطِ كَمَا تَوَهَّمَهُ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا وَقْفُ الْعَبِيدِ تَبَعًا لِلْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ جَوَّزَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ اهـ مَعَ أَنَّهُ فِيمَا سَيَأْتِي إنَّمَا ذَكَرَ مَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ: وَنَفَقَتُهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا الْوَاقِفُ وَفِي الْإِسْعَافِ لَوْ شَرَطَهَا مِنْ الْغَلَّةِ ثُمَّ مَرِضَ بَعْضُهُمْ اسْتِحْقَاقًا إنْ شَرَطَ إجْرَاءَهَا عَلَيْهِمْ مَا دَامُوا أَحْيَاءً وَإِنْ قَالَ لِعَمَلِهِمْ لَا يَجْرِي شَيْءٌ عَلَى مَنْ تَعَطَّلَ عَنْ الْعَمَلِ، وَلَوْ بَاعَ الْعَاجِزَ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ عَبْدًا مَكَانَهُ جَازَ اهـ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَكَذَلِكَ الدَّوَالِيبُ وَالْآلَاتُ يَبِيعُهَا وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهَا مَا هُوَ أَصْلَحُ لِلْوَقْفِ (قَوْلُهُ: وَجِنَايَتُهُ فِي مَالِ الْوَقْفِ) وَعَلَى الْمُتَوَلِّي مَا هُوَ الْأَصْلَحُ مِنْ الدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ وَلَوْ فَدَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ كَانَ مُتَطَوِّعًا فِي الزَّائِدِ فَيَضْمَنُهُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ فَدَاهُ أَهْلُ الْوَقْفِ كَانُوا مُتَطَوِّعِينَ وَيَبْقَى الْعَبْدُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ إسْعَافٌ (قَوْلُهُ: لَا قَوَدَ فِيهِ) كَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ فِي الْقَوَدِ ضَرَرَ الْوَقْفِ بِفَوَاتِ الْبَدَلِ. اهـ. ح وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ فِيمَا إذَا رَضِيَ الْقَاتِلُ بِدَفْعِ الْبَدَلِ أَمَّا إذَا لَمْ يَرْضَ إلَّا بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ لِلْقِصَاصِ، فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ لِأَنَّ الْقِصَاصَ عِنْدَنَا هُوَ الْأَصْلُ ط (قَوْلُهُ: بَلْ تَجِبُ قِيمَتُهُ) كَمَا لَوْ قُتِلَ خَطَأً وَيَشْتَرِي بِهِ الْمُتَوَلِّي عَبْدًا وَيَصِيرُ وَقْفًا كَمَا لَوْ قُتِلَ الْمُدَبَّرُ خَطَأً وَأَخَذَ مَوْلَاهُ قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ يَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا وَيَصِيرُ مُدَبَّرًا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْخَصَّافِ بَحْرٌ. .

مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمَشَاعِ الْمَقْضِيِّ بِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّ وَقْفُ مَشَاعٍ قَضَى بِجَوَازِهِ) وَيَصِيرُ بِالْقَضَاءِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ وَالْخِلَافُ فِي وَقْفِ الْمَشَاعِ مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّسْلِيمِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ تَمَامِهِ فَأَبُو يُوسُفَ أَجَازَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّسْلِيمَ وَمُحَمَّدٌ لَمْ يُجِزْهُ لِاشْتِرَاطِهِ التَّسْلِيمَ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيُفْرِزُ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ بِخِلَافِ مَا لَا يَقْبَلُهَا فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا إلَّا فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَقْبَرَةِ وَقَدَّمْنَا بَعْضَ فُرُوعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ) أَيْ لَا يُسَوَّغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ لِعَدَمِ مُخَالَفَتِهِ لِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ.

مَطْلَبٌ مُهِمٌّ إذَا حَكَمَ الْحَنَفِيُّ بِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ أَوْ مُحَمَّدٌ لَمْ يَكُنْ حَاكِمًا بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ (قَوْلُهُ: فَلِلْحَنَفِيِّ الْمُقَلِّدِ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ قَضَى بِجَوَازِهِ مَا يَشْمَلُ قَضَاءَ الْحَنَفِيِّ وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِالتَّفْرِيعِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مِنْ مَذْهَبٍ آخَرَ لِأَنَّ إمَامَ مَذْهَبِنَا غَيْرُ قَائِلٍ بِهِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ قَوْلُ أَصْحَابِهِ غَيْرَ خَارِجٍ عَنْ مَذْهَبِهِ صَحَّ حُكْمُ مُقَلِّدِهِ بِهِ وَلِذَا قَالَ فِي الدُّرَرِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَضَاءِ الْقَاضِي، بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ خِلَافُ أَصْلِ الْمَذْهَبِ كَالْحَنَفِيِّ إذَا حَكَمَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَأَمَّا إذَا حَكَمَ الْحَنَفِيُّ بِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ أَوْ مُحَمَّدٌ أَوْ نَحْوُهُمَا مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ فَلَيْسَ حُكْمًا بِخِلَافِ رَأْيِهِ. اهـ. فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ أَقْوَالَ أَصْحَابِ الْإِمَامِ غَيْرُ خَارِجَةٍ عَنْ مَذْهَبِهِ، فَقَدْ نَقَلُوا عَنْهُمْ أَنَّهُمْ مَا قَالُوا قَوْلًا إلَّا هُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ الْإِمَامِ كَمَا أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي شَرْحِ مَنْظُومَتِي فِي رَسْمِ الْمُفْتِي.

مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي إشْكَالِ وَقْفِ الْمَنْقُولِ عَلَى النَّفْسِ وَبِهَذَا يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ الْمَشْهُورُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَالْعَلَّامَةُ ابْنُ الشَّلَبِيِّ فِي فَتَاوَاهُ وَهُوَ إنَّ وَقَفَ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ أَجَازَهُ أَبُو يُوسُفَ، وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ كَمَا سَيَأْتِي وَوَقْفُ الْمَنْقُولِ كَالْبِنَاءِ بِدُونِ أَرْضٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>